قمة الرباط الأردنية المغربية.. أي أفق للتنسيق لمواجهة الضغوط بشأن القدس؟
|قال الأكاديمي والمحلل السياسي المغربي ميلود بلقاضي إن تصريح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة -بمناسبة القمة التي جمعت العاهل المغربي ونظيره الأردني- بأن التنسيق بين البلدين يهدف لدعم رؤية ومواقف مشتركة بشأن قضايا عربية؛ جاء عاكسا لأهمية زيارة الملك الأردني للمغرب لكون نظيره المغربي هو رئيس لجنة القدس، وله موقف حيادي من جميع الأزمات العربية/العربية ولا يقبل الخضوع لأي إملاء غربي أو عربي.
وأضاف بلقاضي –في تصريحات لحلقة (2019/3/29) من برنامج “ما وراء الخبر”- أن المغرب والأردن طرحا رؤيتهما المشتركة الآن بدافع من السياق الإقليمي الذي يشهد عدة تحركات، ومعروف أن السياق يلعب دائما دورا كبيرا في رسم السياسة الخارجية للدول.
ومن هذا السياق أن القضية الفلسطينية تواجه تحديات كبيرة بعد أن تخلت عنها دول عربية كبيرة كانت تدعمها، ولذا جاء هذا اللقاء ليفتح البحث في ملف دعمها قبل انعقاد القمة العربية في تونس ليتخذ البلدان موقفا واضحا وموحدا بشأنها.
ووصف الزيارة بأنها جاءت في وقت دقيق جراء الموقف الأميركي من الجولان وصفقة القرن ومحاولة فرض إملاءات على الدول العربية في الشرق الأوسط والخليج، مضيفا أن هناك قواسم مشتركة بين البلدين تجعل الزيارة ترتبط بالإستراتيجية العليا لهما باعتبارهما دولتين تنعمان بالاستقرار ولهما رمزية سياسية وليست لديهما مشاكل مع أي دولة، ولا تقبلان من السعودية والإمارات فرض مواقف معينة بشأن فلسطين أو قطر أو ليبيا.
أما الكاتب والمحلل السياسي الأردني عمر عياصرة فأكد أن الأردن -والملك خاصة- يعيش انتفاضة كاملة بشأن فلسطين، وبالتالي فإن التلاقي بينه وبين المغرب يأتي لموازنة تلاقي السعودية والإمارات وإسرائيل التي تضغط جميعها على الأردن بشأن المقدسات وسيادة الأردن والحقوق الفلسطينية. وهو أيضا تلاقٍ يواجه التنمر السعودي على الحلفاء لأن هناك أزمة صامتة بين الرياض وكل من عمّان والرباط.
رسالة احتجاج
وأوضح أن هذه الضغوط تدفع الأردن للبحث عن أرضية صلبة يقف عليها مع حليف يوثق به مثل المغرب، خاصة أن زيارته هذه جاءت للتحدث عن القدس وأعقبت قمة القاهرة بين الأردن ومصر والعراق. وبينما كان الأردن يتوقع الدعم من حلفائه فإنهم جعلوه يبحث عن دعم بعيد في المغرب العربي، وتلك “رسالة واضحة للتنمر السعودي والإماراتي”.
ورأى عياصرة أن نتائج قمة الرباط تؤسس لثقافة وسياسة احتجاج على السعودية والإمارات من أقرب حلفائهما، فالأردن يشعر بأنه يواجه اختبارات حقيقية تتعلق بسيادته وثوابته وهو ما عكَسَته تصريحات الملك الأردني الأخيرة وغير المعهودة في صراحتها وغضبها. وتوقع أن تتجسد رؤية المغرب والأردن الموحدة للقضايا العربية في قمة تونس، مؤكدا أن البلدين يمكنهما مواجهة الضغوط مهما كانت قوتها.
ومن جهته؛ يرى الأستاذ في جامعة حمد بن خليفة محمد المختار الشنقيطي أن هناك انشطارا في الذات العربية، والمغرب والأردن يدركان أن السعودية والإمارات ذهبتا عنهما بعيدا ولم تتركا لهما خيارا للمناورة، كما أنهما تعرفان أن القوى العظمى يمكن مصادقتهما دون الخضوع لإملاءاتها، وبالتالي فإن تحركهما المنسق أمر جيد وسيجد انعكاسه في قمة تونس وما بعدها.
وأشار إلى أن لكل من عمّان والرباط مكانة معنوية تتعلق بالقدس التي تمثل خطا أحمر بالنسبة للبلدين ولا يمكنهما التفريط فيها، ولاسيما الأردن لأن القضية بالنسبة له تنطوي على تهديد لوجوده. وهناك ملفات أخرى مضرة بالمغرب كما ورد في إشارة وزير الخارجية المغربي إلى ليبيا والتدخل الإماراتي فيها المضر بالدور المغربي.
وأكد الشنقيطي أن السعودية والإمارات لا تستطيعان ليّ ذراع المغرب والأردن اللذين لهما أيضا علاقات وحلف مع القوى الغربية، متوقعا أن الرياض وأبو ظبي ستضطران إلى مصادقة الرباط وعمان مجددا والتخلي عن موقفهما الذي يلخصه تبنيهما لمبدأ جورج بوش الابن “من ليس معنا فهو ضدنا”، خاصة أن المغرب والأردن يمكنهما أن يجدا حلفاء خارج الدول العربية مثل تركيا وماليزيا.