المقدسيون.. مقيمون لا مواطنون بهويات متعددة
|أسيل جندي-القدس المحتلة
تختلف جوازات السفر وبطاقات الهوية الشخصية التي يحملها الفلسطينيون داخل فلسطين بحسب منطقة إقامتهم والتبعية السياسية فيها. وتحدد الوثائق الرسمية التي يحملونها المناطق التي يسمح لها التحرك بها والمعابر التي يمكنهم مغادرة البلاد من خلالها.
تحمل الغالبية العظمى من المقدسيين جواز السفر الأردني المؤقت، بالإضافة إلى الهوية الإسرائيلية الزرقاء التي تعتبرهم بها إسرائيل مقيمين لا مواطنين. وليتمكنوا من السفر عبر مطار بن غوريون الإسرائيلي، عليهم استصدار وثيقة السفر الإسرائيلية (ليسيه باسيه).
على أولى صفحات هذه الوثيقة كُتب باللغتين العبرية والإنجليزية “حامل هذه الوثيقة لا يتم التعامل معه على أنه يحمل مواطنة دولة إسرائيل”، وتتجلى هذه العبارة بالتمييز ضد المقدسيين في المطار بالتفتيش الدقيق والاصطفاف في طوابير تختلف عن حملة الجنسية الإسرائيلية.
وبمجرد صعود المقدسيين إلى الطائرة تنتهي صلاحية هذه الوثيقة ويضطرون لإبراز جوازهم الأردني في المحطة التي يصلون إليها، وإذ قرروا عدم السفر فعليهم أن يعيشوا داخل المدينة المحتلة ويحرمهم الاحتلال من اختيار مكان سكنهم خارجها لأنهم سيواجهون قرارا بسحب الإقامة منهم.
ووفقا لبيانات الداخلية الإسرائيلية فمنذ عام 1967 حتى نهاية يوليو/تموز 2017 فقد 14661 مقدسيا حق الإقامة بالمدينة المحتلة.
سلاح سحب الإقامة
ومن بين هؤلاء النواب المقدسيين المبعدين أحمد عطون ومحمد أبو طير ومحمد طوطح ووزير القدس السابق خالد أبو عرفة، وبعد سحب إقامتهم رفضوا الحصول على بطاقة هوية السلطة الفلسطينية كي لا تستخدم إسرائيل ذلك ذريعة لحرمانهم الدائم من إقامتهم المقدسية.
ويحمل 22 ألف مقدسي من أصل 329 ألفا الجنسية الإسرائيلية، سواء أولئك الذين حصلوا عليها قبل احتلال المدينة عام 1967 أو غيرهم ممن تقدموا بطلب للحصول عليها. وتشير معطيات وزارة الداخلية إلى أنه منذ العام 2013 حتى نهاية أغسطس/آب 2017 تقدم 4121 مقدسيا بطلب الحصول على الجنسية.
وبمغادرة مدينة القدس نحو أي حاجز عسكري إسرائيلي يفصلها عن الضفة الغربية، يختلف لون الهوية وجواز السفر، إذ يحمل نحو ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة بطاقات الهوية الخضراء التي تصدرها السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى جواز سفر فلسطيني أو أردني مؤقت أو الاثنين معا.
ويُمنع هؤلاء من دخول مدينة القدس والأراضي المحتلة عام 1948 إلا بتصريح يضع الاحتلال قيودا كثيرة لإصداره، وبذلك تبقى الأماكن المتاحة لتحرك هؤلاء هي المحافظات الفلسطينية في الضفة الغربية فقط.
تقييد الحركة
وإذا قرروا السفر عبر معبر الكرامة إلى المملكة الأردنية مرورا بها إلى دولة أخرى، فعليهم المرور بثلاث محطات هي السلطة الفلسطينية وهناك يبرزون هويتهم الشخصية، ولدى الجانب الإسرائيلي يبرزون التصريح، وبالوصول إلى جسر الأردن عليهم إبراز جوازهم الفلسطيني أو الأردني مع بطاقة الجسور الخضراء التي تثبت أنهم حملة جوازات مؤقتة.
ورغم هذه التعقيدات فإن إجراءات سفر أهالي الضفة الغربية أسهل من سفر سكان قطاع غزة الذين كانوا يحملون قبل مجيء السلطة الفلسطينية وثيقة مصرية، وبعد مجيئها حملوا كأهالي الضفة الجواز الفلسطيني وبطاقة الهوية الخضراء.
يعيش نحو مليوني غزي في سجن كبير إذ يعتبر معبر رفح البري منفذهم الوحيد إلى العالم الخارجي، وليسافروا من خلاله يجب تبرير سبب السفر للجانب المصري فلا يسمح لهم بالخروج من القطاع لمجرد السياحة.
فالطالب المسافر عليه إبراز بطاقته الجامعية أو أوراق ثبوتية من جامعته، ومن يرغب في السفر إلى دولة ما عليه أن يبرز التأشيرة على جوازه ليتمكن من المرور عبر المعبر، وهكذا.
قوائم المنع
لا يعاني الغزيون من هذه التعقيدات فحسب، بل تدرج المخابرات المصرية الآلاف من فلسطينيي غزة على قوائم المنع الأمنية لأسباب مختلفة قد تتعلق بانتماء الشخص الممنوع من السفر لحركة حماس، أو امتلاك شخص من عائلته نفقا أسفل الحدود. وقد يمنع الغزيون من السفر لأنه كتب في أحدهم تقرير كيدي بأنه يعادي سياسة مصر.
المدرجون على القوائم الأمنية وغيرهم ممن يحتاجون للسفر بشكل مستعجل، أمامهم خياران: إما دفع رشى للجانب المصري تبلغ قيمتها 5000 دولار، أو بتنسيق معين عبر علاقات مع المخابرات المصرية وأمن الدولة، وبذلك يجتازون كافة القوائم التي تسجلها حماس لترتيب خروج المسافرين.
وعند السفر يبرز أهالي القطاع الهوية الخضراء والجواز الفلسطيني ويبررون سبب سفرهم للجانب المصري بأوراق ثبوتية.
أما إذا اضطر الغزيون للسفر إلى دول مختلفة مرورا بالمملكة الأردنية عبر معبر الكرامة، فعليهم أولا التقدم بطلب عدم ممانعة أمنية للسفارة الأردنية برام الله كي تسمح لهم الأردن بدخول أراضيها، وعليهم أيضا استصدار تصريح لاجتياز معبر بيت حانون (إيريز) العسكري، وهناك يبرزون تأشيرة الدولة المسافرين إليها بالإضافة إلى حاجتهم لجوازهم الفلسطيني لإبرازه على جسر الأردن، ومع ذلك يسمح لهم في حالات نادرة جدا مغادرة البلاد عبر معبر الكرامة.
دوامة إجراءات
لا تتوقف معاناة الغزيين عند ذلك، إذ يدخلون في دوامة إجراءات طويلة إذا مرض أحدهم واحتاج للخروج من القطاع بهدف العلاج في مستشفيات القدس والضفة الغربية والداخل المحتل.
ويحمل نحو 1.5 مليون فلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948 الجنسية الإسرائيلية التي فرضت على كل من بقي في الوطن بعد النكبة، ويُحظر عليهم -كما اليهود- دخول الدول التي تعتبرها إسرائيل عدوة، وتحديدا سوريا ولبنان والعراق واليمن وليبيا والجزائر وإيران، بالإضافة إلى قطاع غزة.
وإذا قرر هؤلاء التوجه إلى المملكة السعودية لتأدية مناسك الحج أو العمرة فيتم ذلك بموجب الوصاية الأردنية على فلسطينيي 48 بالحج والعمرة، وفقا لتفاهمات بين الاْردن والسعودية، بحيث يحصل كل فلسطيني يريد تأدية الحج أو العمرة على جواز سفر أردني مؤقت يتنقل بموجبه بين الأردن والسعودية، ويستعمله أثناء تأدية المناسك التي تشرف عليها بعثة أردنية من وزارة الأوقاف.
المصدر : الجزيرة