مذبحة المسجدين بنيوزيلندا.. ما الذي يؤجج صعود اليمين المتطرف؟‎

استبعدت صحيفة نيوزيلاند هيرالد أن يكون الهجوم الإرهابي على مسجدين في مدينة كرايست تشيرش حادثا معزولا مؤكدة أن أعمال العنف ضد المسلمين بالغرب في تصاعد.

وجاء في مقال بالصحيفة لأستاذ الدراسات الأمنية بكلية كينغز كوليدج بلندن، بيتر نيومان، أن جرائم الكراهية وأعمال العنف ضد المسلمين في جميع ارجاء الدول الغربية في تصاعد.

ونقلت عن تقرير أصدرته رابطة مكافحة التشهير- وهي منظمة يهودية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان- أن 2018 كان العام الذي شهد أسوأ جرائم القتل التي ارتكبها اليمين المتطرف في الولايات المتحدة منذ عام 1995.

واستشهد الكاتب بأحداث من ذلك القبيل وقعت في بلدان مثل بريطانيا وألمانيا وبالطبع الولايات المتحدة، مضيفا أنه لا يوجد تفسير واحد لهذه الظاهرة.

وحدد نيومان في مقاله بالصحيفة – التي تصدر في مدينة أوكلاند بشمال نيوزيلندا- عددا من العوامل سياسية وأيديولوجية وبنيوية يرى أنها هي التي تحرك الإرهاب مثل:

1- إثارة المخاوف
فعلى الصعيد السياسي، أثارت عملية الاستقطاب في معظم البلدان الغربية المخاوف وإحساسا بانعدام الأمن على نطاق واسع. وتمحورت تلك المخاوف حول تأثيرات الهجرة –لا سيما من الدول الإسلامية- والتي صورها السياسيون الشعبويون على أنها تمثل تهديدا وجوديا للهوية الغربية “ونمط حياتنا”.

وبحسب الصحيفة لم يقتصر الخطاب حول صعود تنظيم الدولة الإسلامية وعملياته الإرهابية في مدن مثل باريس وبروكسل ولندن على تكريس تلك المخاوف، بل أضفى عليها طابعا من الفورية ودواعي الاستعجال ما أذكى ردودا عنيفة.

2- أيديولوجية داعمة
العامل الثاني الذي يؤجج الإرهاب بحسب الصحيفة هو توفر أيديولوجية قادرة على تحويل تلك المخاوف والشكاوى إلى مشروع سياسي متماسك.

السنوات الأخيرة شهدت تحولا كبيرا بتوجه اليمين المتطرف نحو أفكار جامعة كالهوية والثاقافة بدلا من التركيز على قضايا العرق (الجزيرة)

وقد شهدت السنوات الأخيرة تحولا كبيرا في توجه اليمين المتطرف نحو أفكار جامعة كالهوية والثقافة بدلا من التركيز على قضايا العِرق.

3- استيعاب العنصرية
إن قوة الأيديولوجية الداعمة للهوية لا تكمن في كونها تعترف صراحة بالعنصرية كفكرة بل في سهولة استيعابها لمن يتبناها أيضا. ذلك أنها بحديثها عن الثقافة والهوية بدلا من العِرق، فإنما تصف جماعات ليست بيضاء و/أو مسيحية بأنها غير مرغوب بها دون الإحالة إلى عرقيتهم أو لون بشرتهم الأمر الذي مكَّن اليمين المتطرف من الارتباط بقطاعات عريضة من الحركة الشعبوية اليمينية.

4- الارتباط بالماضي
على المستوى الشخصي، فإن الأيديولوجية الداعمة للهوية تتيح للإرهابيين الاتصال بطابور طويل من المنافحين عن “الثقافة الأوروبية”.

5- الارتباط بالحاضر
يتطلب الإرهاب هياكل يستطيع عبرها حشد عناصر لتنفيذ عملياته. ففي حالة مرتكب مذبحة كرايست تشيرش، فإن ذلك يتمثل في ثقافة فرعية افتراضية تبدو تجلياتها في منصات التواصل الاجتماعي مثل مواقع 8شان، و4شان، وريديت، وتويتر وغيرها.

وتأسيسا على ما تقدم -بحسب صحيفة نيوزيلاند هيرالد – فإن هجوم كرايست تشيرش لا ينبغي أن يدهش أحدا، “فاليمين المتطرف أضحى أقوى وأكثر جرأة اليوم من أي يوم مضى”.

ودعت صناع السياسة في الدول الغربية إلى أخذ حركة اليمين المتطرف على محمل الجد، لأن العنف الذي تتبناه لا يهدد الحياة فقط بل يقوض التعددية والحرية نفسها التي تستند عليها المجتمعات الغربية”.

ولعل الخطوة الأولى تتمثل في الإقرار بوجود مشكلة، ففي نهاية المطاف لن يستطيع أحد التصدي لهذا التهديد ما لم يتم الاعتراف به، وفقا لبيتر نيومان.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *