السيسي يغازل أصحاب المعاشات.. لماذا الآن؟
|محمد سيف الدين-القاهرة
في خطوة مفاجئة، طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحكومة بسحب طعنها في حكم قضائي لصالح أصحاب المعاشات بأحقيتهم في إضافة 80% من قيمة آخر خمس علاوات حصلوا عليها إلى قيمة أجورهم.
كما طالب السيسي برد إجمالي المديونية المستحقة لصناديق المعاشات على وزارة المالية وبنك الاستثمار القومي، وذلك من خلال إعداد تشريع خاص ينظم تلك الإجراءات، على أن يبدأ تنفيذ التسوية اعتبارا من موازنة العام المالي الجديد 2019-2020 (العام المالي يبدأ في الأول من يوليو/تموز).
وعلى الفور كتبت وزارة التضامن الاجتماعي مذكرة للعرض على الجمعية العمومية للتشريع والفتوى في مجلس الدولة -المختص بالقضاء الإداري- لاستيضاح الرأي بشأن عمل التسوية المطلوبة للعلاوات الخاصة لأصحاب المعاشات في ضوء منطوق الحكم القضائي، وذلك وفق ما أوردته وسائل إعلام محلية.
وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة قد حددت جلسة 24 مارس/آذار الجاري لنظر الاستشكال (الطعن) الذي أقامته وزيرة التضامن الاجتماعي لوقف تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا بأحقية أصحاب المعاشات في صرف العلاوات الخمس الأخيرة.
وجاء ذلك بعدما قضت المحكمة الإدارية العليا في حكم نهائي وباتّ يوم 21 فبراير/شباط الماضي برفض الطعون المقدمة من وزيرة التضامن على حكم سابق لصالح أصحاب المعاشات في القضية نفسها صدر عن محكمة القضاء الإداري، الأدنى درجة.
وتقدر الأموال المستحقة لأصحاب المعاشات على الحكومة بأكثر من تريليون و300 مليار جنيه (حوالي 75 مليار دولار)، وفق ما أعلنه منير سليمان نائب رئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات.
من جانبه، أعرب رئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات البدري فرغلي عن سعادته بقرار السيسي، قائلا إن “الرئيس رد حقوق تسعة ملايين أسرة من أصحاب المعاشات، وهم يعيشون فرحة عارمة الآن”.
قضية المعاشات تخص ملايين الأسر في مصر (رويترز) |
الاحتجاج الكامن
ويرى الناشط العمالي السيد حامد أن “هناك بعدا آخر في قضية المعاشات وهو البعد الجغرافي، حيث ينتشر أصحابها في أنحاء البلاد، مما يسبب مشكلة على مستوى الجمهورية في حال قرروا النزول للشارع وإعلام الشعب بقضيتهم ولفت نظر الإعلام، وهو ما يخشاه النظام”.
وقال حامد للجزيرة نت إن النظام المصري يخشى من اتساع رقعة المعارضة له، وإن انضمام هذه الشريحة إلى صفوف المعارضين يشكل عبئا كبيرا، خاصة في ظل رواج الحملة التي أطلقها الإعلامي المعارض معتز مطر تحت اسم “اطّمن انت مش لوحدك”.
ويرى مراقبون أن النظام يريد تمرير التعديلات الدستورية التي وافق عليها مبدئيا مجلس النواب المصري منتصف الشهر الماضي، في هدوء.
وتسمح تلك التعديلات على دستور 2014 للرئيس عبد الفتاح السيسي بالبقاء في الحكم حتى عام 2034، كما تمنح الجيش سلطة أعلى من كل مؤسسات الدولة بصفته حامي الدستور ومدنية الدولة.
ورأى المنتقدون أن هذه التعديلات تخلد السيسي في الحكم، وتجعل الجيش وصيا على الدولة بتعديل المادة 200 بالدستور لتعطي الجيش مسؤولية حماية “الدستور والديمقراطية والشكل الأساسي للبلد وطبيعته المدنية”.
ويعارض التعديلات الدستورية المقترحة طيف واسع من الناشطين والسياسيين المصريين، بينهم أعضاء بالبرلمان وشخصيات تحالفت مع السيسي من قبل للإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013.
قصة المعاشات
وبدأت قصة أصحاب المعاشات في عام 2006، حينما قامت هيئة التأمينات الاجتماعية بحساب معاشات المحالين للتقاعد دون إضافة 80% من العلاوات التي حصلوا عليها في آخر خمس سنوات قبل بلوغهم سن التقاعد، إلى الأجر المتغير، مما أثر في النهاية على قيمة المعاش الذي يحصلون عليه.
ويعني ذلك أن جميع من تقاعدوا منذ ذلك التاريخ حتى الآن لم يستفيدوا من حساب إضافة هذه العلاوات إلى معاشهم. والأجر المتغير هو كل ما يحصل عليه الموظف المؤمن عليه، من مقابل نقدي عن عمله، ولا يدخل في الأجر الأساسي (أي البدلات والعلاوات وغيرها).
وأقامت مجموعة من أصحاب المعاشات دعوى ضد ذلك الإجراء، استنادا إلى حكم سابق للمحكمة الدستورية العليا في 2005، يقضي بأحقية أصحاب المعاشات الذين تقاعدوا بالاستقالة، في استعادة هذه العلاوات.
كما أقامت مجموعة أخرى من أصحاب المعاشات دعوى أخرى عام 2013 أمام المحكمة الدستورية العليا للطعن في قرار هيئة التأمينات الاجتماعية على اعتبار أنه ليس دستوريا.
المصدر : الجزيرة