هل يغير السبسي الدستور قبل انتخابات 2019؟
|خميس بن بريك-تونس
وكرر السبسي الأربعاء في خطابه بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ63 للاستقلال مطالبته بتغيير بنود بالدستور قبل التوجه لانتخابات 2019، وداعيا إلى منع “السياحة البرلمانية” والتنقل من كتلة نيابية لأخرى.
ولم يفوت الرئيس التونسي الفرصة للحديث عن مبادرته التشريعية بشأن المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة التي قدمت إلى البرلمان آخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مشددا على “مدنية” الدولة، في انتقاد صريح لموقف حركة النهضة الرافض لمبادرته.
انتقادات السبسي
ووجه السبسي انتقاداته إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحركة النهضة بسبب عدم استشارته في التغيير الوزاري الذي تم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قائلا “الخلاصة أصبحت لدينا سلطة تنفيذية برأس واحد وليس برأسين، ورئيس الجمهورية لم تعد له مسؤولية”.
وسعى السبسي في خطابه لتحميل الحكومة الحالية مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ظل تراجع جميع المؤشرات الاقتصادية، متحدثا عن ارتفاع نسبة التضخم إلى 7.3%، وارتفاع المديونية إلى 71.7%، وارتفاع العجز التجاري وغيرها.
وتتكون الحكومة الحالية من أغلبية برلمانية تضم كتلة حركة النهضة الأولى في البرلمان (68 نائبا من جملة 217)، وكتلة الائتلاف الوطني الداعمة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد (44 نائبا)، وكتلة الحرة لحزب مشروع تونس (16 نائبا)، وحزب المبادرة الدستورية (3 نواب).
ولا تزال حركة نداء تونس -التي أسسها السبسي سنة 2012 وفازت بالانتخابات التشريعية والرئاسية 2014- تسعى إلى الإطاحة بالشاهد، لكن الأخير استطاع بفضل دعم حركة النهضة له أن يستمر في الحكم بانتظار ما سيحصل قبل الانتخابات المقبلة.
مساوئ النظام
ولم يتسن الحصول على تصريح من الناطقة باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش أو المستشار السياسي للرئاسة نور الدين بنتيشة عما إذا كان السبسي يستعد لتقديم مبادرة تشريعية جديدة لتغيير بنود الدستور المتعلقة بالنظام السياسي أو منع “السياحة السياسية” في البرلمان.
لكن حسام بونني النائب والقيادي في حركة نداء تونس -التي يتزعمها نجل الرئيس حافظ قايد السبسي- قال للجزيرة نت إنه لا يعتقد أن يقدم الرئيس مبادرة تشريعية لتغيير النظام السياسي في الدستور، مذكرا بأنه تعهد بعد انتخابه رئيسا سنة 2014 بعدم تغيير بنود الدستور.
ويقول بونني “رغم قناعتي بمساوئ النظام الحالي الذي يجعل هناك تداخلا كبيرا في كل من صلاحيات رئيس الدولة ورئيس الحكومة فإني لا أعتقد أن الرئيس سيقدم على تقديم مبادرة”، موضحا أن البلاد أصبحت على مقربة من الانتخابات لا يمكن معها تغيير الدستور بسرعة.
ويساند بونني رئيس الجمهورية في مبادرته التشريعية بشأن المساواة في الميراث والتي لا تزال في رفوف البرلمان، مشددا في الوقت نفسه على أهمية منع السياحة الحزبية التي كان حزبه نداء تونس تقدم بمشروع قانون لمنعها، لأنه “أكبر المتضررين منها” نتيجة انشقاق نوابه.
ولما فازت حركة نداء تونس بالمركز الأول في انتخابات 2014 حصلت على 86 مقعدا، ثم تقهقرت إلى المركز الثالث بـ41 مقعدا، بسبب الاستقالات وتوجه أغلب نوابها لكتلة الائتلاف الوطني التي تساند الشاهد، وكتلة مشروع تونس.
الهاروني: تعديل بنود الدستور يحتاج إلى وقت كاف (الجزيرة) |
نظام متوازن
من جهته، يقول رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني للجزيرة نت إن تونس دخلت في مرحلة الانتخابات، مبينا أن تعديل بنود الدستور يحتاج إلى وقت لتقديمه إلى لجان البرلمان ومناقشته قبل تمريره للجلسة العامة.
وذكّر بأن لرئيس الجمهورية الحق في تقديم مبادرة تشريعية إلى البرلمان، لكنه يؤكد أن النظام السياسي الحالي متوازن ويوزع السلطات التنفيذية بين رئيس الحكومة (التعيينات الحكومية وتنفيذ السياسات العامة) ورئيس الجمهورية (مكلف بالسياسة والدفاع والأمن القومي)، علما أن دستور 2014 أعطى صلاحيات أوسع لرئيس الحكومة.
ويؤكد الهاروني أن النظام السياسي التونسي (شبه برلماني) لا يسمح مطلقا بعودة الحكم الفردي، وأن الدستور خصص بابا كاملا لتركيز الحكم المحلي الذي بدأ يطبق على أرض الواقع بعد إجراء الانتخابات البلدية في مايو/أيار 2018، مشيرا إلى دور البرلمان في سن القوانين ومراقبة أعمال الحكومة.
وقال إنه لا يجب التعامل مع مسألة السياحة الحزبية بانتهازية على أساس تشجيعها إذا كانت هناك مصلحة، ومنعها إذا كان هناك ضرر منها، مضيفا أنه “لا يجب اعتبار النائب مجرد آلة تصويت بالبرلمان لفائدة حزبه، وإنما يتعين النظر إليه كشخص حر منتخب له قناعاته ومواقفه”.
منظومة فاشلة
وبشأن تشديد السبسي على المساواة في الإرث، يقول الهاروني إن تونس دولة مدنية منسجمة مع موروثها الإسلامي، مبينا أن حزبه متمسك بما طرحته مجلة الأحوال الشخصية التي سنها الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة والمستمدة من الشريعة الإسلامية.
من جهته، يقول زهير المغزاوي الأمين العام لحركة الشعب والنائب في البرلمان للجزيرة نت إن “السبسي لم يعد قادرا على تقديم مبادرة تشريعية أو فعل أي شيء”، مبينا أن ما لفت نظره في خطاب السبسي هو “إقراره بفشل منظومة حكمه رغم أنه رفض أن يقر بتحمله المسؤولية”.
ورفض المغزاوي تحميل النظام السياسي المسؤولية عن تدهور الأوضاع، مؤكدا أن السبب وراء الأزمات التي تعيشها تونس بعد الثورة “يعود إلى الخيارات والتوجهات الحكومية الخاطئة”، كما يرى أن الحكومة الحالية زادت تعكير الأوضاع على جميع الأصعدة.
وبشأن مطالبة السبسي بمنع السياحة الحزبية التي تكون أحيانا مدفوعة الأجر، قال إن حزبه نداء تونس كان قبل انتخابات 2014 مستفيدا من السياحة البرلمانية، مؤكدا أن الحزب كان لديه نواب في المجلس التأسيسي رغم أنه لم يكن موجودا ولم يشارك في انتخابات 2011.
المصدر : الجزيرة