من يكون الشاب الجزائري صاحب عبارة “يتنحاو كاع”؟
|“يتنحاو كاع” (ليتنحوا جميعا) هي العبارة الأكثر تداولا عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ أن أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تأجيل الانتخابات الرئاسية، والعدول عن الترشح لولاية خامسة، فمن يكون هذا الشاب صاحب هذه العبارة التي انتشرت مثل النار في الهشيم؟
سفيان بكير تركي (33 سنة) أصبح إحدى أيقونات الحراك الشعبي بعد تدخله في بث مباشر بطريقة مفاجئة عبر إحدى القنوات التلفزيونية العربية، وذلك عندما كانت ترصد المراسلة أجواء استقبال الجزائريين لقرارات بوتفليقة التي رأى فيها الرأي العام “تمديدا لعهدته الرابعة” وليس عدولا عن الخامسة.
لم يكن من السهل إيجاد سفيان (أب لطفلين) بعد أن قال كلمته بعفوية، فقد هز الشارع في مداخلة لم تتجاوز الثلاثين ثانية، واختفى تماما، رافضا الظهور في أي وسيلة إعلامية “فهو لم يتوقع أن يحدث غضبه ذاك كل تلك الضجة التي أقامت مواقع التواصل ولم تقعدها”.
مطلب الجزائريين
ويقول سفيان -في حديثه للجزيرة نت، داخل منزله المتواضع بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة الجزائر- إنه كان يقصد بعبارة “يتنحاو كاع” كل السلطة، مشيرا إلى أن ذلك مطلب كل الجزائريين الذين خرجوا في الشوارع.
انتشرت العبارة عبر موقع فيسبوك على شكل صور وتعليقات، كما حقق فيديو مداخلته مئات الآلاف من المشاهدات في ظرف قياسي، وخرج المحتجون الجمعة الماضية رافعين شعار “يتنحاو كاع” الذي تبناه الشباب ورأوا أنه يعبر عن صميم مطالب حراكهم الذي انطلق في 22 فبراير/شباط الماضي.
ويعتبر الكثيرون أن هذا الشاب كان مصدر إلهام المحتجين الذين رفعوا لافتات طبعت عليها صورة سفيان، كما تفننوا في كتابة التعليقات عليها، بينما حاول نشطاء فيسبوك الوصول إلى الشاب للتعرف عليه وسماع قصته، وسبب غضبه الكبير الذي تجلى في عبارته الشهيرة.
مثل الحلم
يستغرب سفيان بخجل عندما يعاود مشاهدة الفيديو الأكثر تداولا بالجزائر، ويقول “لا أعلم كيف فقدت أعصابي وتدخلت في المباشر، رغم أنني لا أحب الظهور عبر شاشة التلفزيون، حتى أنني لا أستخدم فيسبوك، لأنني منهمك في مشاكل الحياة”.
ويصف لحظة سماعه رسالة بوتفليقة عبر التلفزيون الرسمي، “اشتعل قلبي غيظا لأنني شعرت بكم الاستخفاف الذي تحاول السلطة التعامل به معنا كشعب، حينما رأيت الأقلية خرجت تحتفل بالقرارات تحطمت كل أحلامي”.
ويقول أيضا إنه شعر بالخذلان عندما رأى العشرات يهللون بالاستجابة الوهمية للسلطات لمطالب الشعب، ويضيف “قلت لصديقي: هل سيذهب تعبنا في التظاهر سدى؟”.
ويشبه سفيان ما يحدث من حراك شعبي بالحلم الذي لم يكن يتخيّل أنه سيحصل يوما، ويقول “لوت السلطة ذراعنا بتخويفنا بسيناريو العشرية السوداء ولكننا أصحاب حق، والشعب الجزائري لن يرضى أن يعيش تحت الذل مهما كان”.
وعن الجملة التي استفزته وجعلته يتدخل بشكل مفاجئ أثناء البث المباشر، يقول “حينما سمعت المراسلة تقول (كما تشاهدون الشعب الجزائري يحتفل) أردت أن يعرف العالم كله أننا لسنا راضين، وأن الحقيقة عكس ما يسوقه الإعلام”.
|
تمثيل الحراك
وطالب العديد من الشباب ورواد التواصل أن يمثل سفيان الحراك الشعبي، وهو ما يرفضه تماما قائلا “هذا الحراك شعبي وأنا مع الجماعة، نطقنا كلنا بصوت واحد وسنواصل الصراخ بصوت واحد حتى تتحقق مطالبنا كلها، دون أن يمثلنا أحد أو جهة”.
وعن الندوة الوطنية التي دعا إليها بوتفليقة وقال إنها ستشهد مشاركة جميع أطياف وممثلي المجتمع، قال سفيان “يستحيل أن أحضر الندوة بأي صفة من الصفات لأنها لا تمثلني مادام دعت إليها سلطة غير شرعية”.
سفيان كان يحلم بأن يكون لاعب كرة قدم، فهو يتوق لملاقاة نجم الكرة العالمي الجزائري الأصل زين الدين زيدان، وأن يحضر مباراة الغريمين ريال مدريد وبرشلونة، يحلم أيضا بأن تكون الجزائر “عزيزة كريمة” يتباهى بها الشباب بدل الهروب منها في قوارب الموت.
ويقول الشاب إنه لم يفكر يوما بأن يقطع البحار بحثا عن الحياة في الضفة الأخرى من البحر المتوسط، ويوضح “نحن من يصنع الحياة في الجزائر، ويصنع المستقبل لأننا سلالة الشهداء الذين ماتوا بالملايين من أجل أن يعيش الوطن”.
وعن قوله أثناء البث التلفزيوني إنه لا يتكلم العربية، ينفي سفيان أن يكون قصده الاستخفاف بلغة الضاد، مشيرا إلى أنه يعشق العربية “لأنها لغة راقية، ولكني شعرت بالإهانة من طلب المراسلة التي حاولت أن تستخف بطريقة كلامي، كنت أقصد أن الدارجة الجزائرية تستحق أن تفهم مثلما هي”.
المصدر : الجزيرة