بأعلى نسبة أصوات باطلة.. الحاشية واليسار يرفعان رشوان نقيبا للصحفيين

محمود صديق-القاهرة

في مشهد توحدت فيه إرادات فرقاء الانتخابات السابقة من تيار “استقلال نقابة الصحفيين” وما يعرف بـ”جبهة تصحيح المسار”، انتهى الصراع بين اثنين من مرشحي السلطة بفوز ضياء رشوان بمنصب نقيب الصحفيين في مصر.

وبعد أن كان أنصار تيار الاستقلال يتهمون جبهة تصحيح المسار بأنهم جاؤوا كي يدخلوا النقابة “بيت طاعة السلطة”، وكانت الجبهة تتهم التيار بالتسبب في خراب النقابة؛ وقف الجميع وراء مرشح السلطة الرئيسي رشوان الذي يرأس الهيئة العامة للاستعلامات، ذراع الدولة في الترويج لنفسها محليا والرقابة على ممثلي الإعلام الأجنبي العامل في مصر.

وكان مثيرا أن النقيب الأسبق يحيى قلاش وقف إلى جوار النقيب المنتهية ولايته عبد المحسن سلامة -الذي كان يرى في قلاش ومجموعته ومجلسه السبب الرئيسي في صدام النقابة مع الدولة الذي انتهى باقتحام قوات الشرطة الشهير للنقابة عام 2016- ومعهم ياسر رزق المقرب من دائرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ لتعطيل تمرير قرار الجمع بين النقيب وأي منصب آخر، وهو ما كان يستهدف إجبار رشوان على ترك منصبه رئيسا لهيئة الاستعلامات إذا أراد الترشح لمنصب نقيب الصحفيين.

فلسطين عربية
وبأكبر نسبة أصوات باطلة في تاريخ نقابة الصحفيين تقترب من 5%، فاز رشوان بمنصب النقيب بـ2810 أصوات بنسبة تخطت 61% من الأصوات الصحيحة، وحصل منافسه رفعت رشاد على 33.7% من الأصوات، بينما أبطل 235 عضوا أصواتهم عمدا، ووضعوا في ورقة التصويت أسماء صحفيين معتقلين كهشام جعفر، وعادل صبري، وحسام السويفي، ومجدي حسين، بدلا من أسماء المرشحين.

لكن الصحفيين يرون أن المشهد الأهم في اجتماع الجمعية العمومية لنقابتهم أمس هو هتاف معظم من كانوا بالقاعة “فلسطين عربية”، عندما أعيد التأكيد على قرارات الجمعيات العمومية السابقة برفض كافة أشكال التطبيع المهني أو النقابي أو الشخصي مع الكيان الصهيوني حتى يتم تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة.

انتخابات الصحفيين في مصر جرت في أجواء تنحسر فيها الحريات بشكل ملموس (الجزيرة نت)

مرشح السلطة
ومنذ إعلان رشوان -المقرب من دوائر صنع القرار ومن الرئيس السيسي- ترشحه لمنصب النقيب، والصحفيون يرون أنه مرشح السلطة -رغم أنه يبدي وجها يساريا- وقد جاء لإكمال دور عبد المحسن سلامة في إدخال النقابة بيت طاعة النظام والسلطة، وإسكات أي صوت معارض داخل النقابة.

وتراجع هذا الاعتقاد قليلا بعد أن أعلن وزير المالية اعتماد زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا للصحفيين بنسبة 25% بشكل نهائي، مما يعني أن الدولة ستمنح الصحفيين الزيادة بغض النظر عن المرشح الذي سيفوز، وهو ما فهم الصحفيون أنه رسالة من الدولة بأن ليس لها مرشح لمنصب النقيب.

وقد دفع ذلك رشوان للتصريح بأنه سيعمل على تقديم موعد صرف البدل بزيادته الجديدة في مايو/أيار، بدلا من يوليو/تموز المقبل، حال فوزه.

نفوذ الحاشية
وقبيل موعد الانتخابات بأسبوعين، بدأت تكتلات انتخابية وشخصيات نقابية معروفة بموالاتها للدولة، في تغيير وجهة تصويتها، وبدؤوا يدعون سرا لانتخاب رفعت رشاد، وهو ما فسره بعض الصحفيين بضغط جاء من بعض أفراد حاشية السيسي ومدير المخابرات الحربية والعامة عباس كامل، لإسقاط ضياء رشوان في نقابته كبداية لإبعاده عن دوائر صنع القرار التي يمتلك فيها صوتا مسموعا.

ورأى عضو مجلس نقابة سابق -رفض ذكر اسمه- أن نفوذ رشوان قد تغلب في النهاية، وهو ما يفسر التفاف النقيب المنتهية ولايته عبد المحسن سلامة وكل رجال “جبهة تصحيح المسار” حول ضياء، مشيرا إلى غرفة العمليات المتحركة التي شكلها “كليم السيسي” ياسر رزق، بحسب وصفه، والتي عقدت بالنقابة وأحيانا خارجها في نفس يوم الانتخابات، بعدما استشعروا حشودا من مؤسسات صحفية قومية -خاصة الجمهورية- جاءت لدعم رفعت رشاد.

وجاء الرد -بحسب عضو المجلس السابق- بحشود مضادة جاءت قبيل نهاية التصويت، مما جعل رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات يمدد التصويت ساعة واحدة، وهو ما أثار حفيظة المرشح الآخر رفعت رشاد وتساءل بدهشة عن سر التمديد خاصة أنه لا يوجد زحام يذكر أمام لجان التصويت.

ملف الحريات
لم يعول كثير من الصحفيين المهتمين بواقع الصحافة وحريتها في مصر على أي من المرشحين في تغيير الحال الذي وصلت إليه، حيث يرون أن رشوان جاء لاستكمال ما قام به سلفه سلامة ولكن بشكل غير مباشر، وبعيدا عن الفجاجة التي تعامل بها سلامة طوال عامين سابقين.

وكان توجه الصحفيين الرافضين لكلا المرشحين -على اعتبار أن رشوان مرشح السلطة، ورفعت رشاد من رجال الحزب الوطني القدامى- هو المقاطعة أو إبطال الأصوات، ولكن الكثير منهم غير وجهته قبيل التصويت حين أدركوا أن رشوان قادم لا محالة، فتوجهوا للتصويت لرشاد خشية حصول ضياء على نسبة كاسحة من الأصوات الصحيحة بشكل يرسل رسالة خاطئة بأن جل الصحفيين يدعمون توجهات السلطة.  

رشوان يرفع شعار الإخوان
الطريف في الأمر أن ضياء رشوان كتب على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعد إعلان فوزه بمنصب نقيب الصحفيين “الحمد لله.. إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت”، وهي نفس الآية الكريمة التي كان يرفعها مرشحو جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية والنقابية منذ زمن بعيد.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *