تعيينات “تحت الطاولة”.. غضب الأردنيين يتصاعد
|محمود الشرعان-عمّان
لم يعد الحصول على وظيفة فقط مطلب العشرات من العاطلين عن العمل والمعتصمين منذ أسبوعين أمام الديوان الملكي، بل أصبح مطلبهم الآن تحقيق العدالة في ملف التعيينات.
وانتفض الشارع الأردني مؤخرا أمام سيل التعيينات في المؤسسات الحكومية، خاصة وظائف المواقع القيادية، في ظل تسريبات وتداول كتب تعيين بحوادث متكررة.
وبعد زحف استمر أياما، لا يزال العشرات من أبناء المحافظات يعتصمون أمام الديوان الملكي في العاصمة عمّان، للمطالبة بوظائف حكومية.
محمد الحويطات (25 عاما) الذي جاء من محافظة معان جنوبي الأردن، يرى أن المملكة “سُرقت من أبنائها، وذهبت خيراتها للمتنفذين”.
ويقول الحويطات للجزيرة نت إن الشباب أكثر وعيا من ذي قبل، فالوعود الحكومية اليوم لا يمكن الاعتماد عليها، إذ إن مؤشر البطالة يزداد بشكل كبير، والدولة لا تزال تفكر بحلول كلاسيكية، والأسوأ من ذلك أن “تعيينات من تحت الطاولة” تتم أمام أعين الأردنيين، بحسب وصفه.
ويحاول الشاب خلال حديثه تلخيص المشهد العام، فيضيف “لا عدسات للإعلام المحلي تنقل أصواتنا، وثمة تغييب رسمي لقضيتنا”، مضيفا “الحقيقة أن الوظيفة مجرد مطلب، والعدالة بالتوظيف هي الأساس”، ويستذكر حادثة تعيينات أشقاء النواب بوظائف عليا الشهر الماضي، دون الرجوع لآلية اللجنة العليا للتعيين.
تسريبات
وعلى وقع هتاف المتعطلين “هيه هيه.. سرقوها الحرامية”، في إشارة إلى اتساع رقعة الفساد في المملكة، تفاجأ الشارع الأردني بتسريب كتب تعيين ثلاثة أشخاص في وزارة العدل برواتب مرتفعة.
الحديث عن التعيينات الثلاثة بدأ بتداول نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي كتب تعيينهم، إذ جرى تعيين اثنين في وحدة إدارة قنوات التواصل الاجتماعي براتب ألفي دينار شهريا (نحو 2800 دولار)، وموظفة باسم منسق مشاريع براتب 3000 دينار (نحو 4200 دولار) شهريا.
الحادثة جاءت عقب تعيين أشقاء النواب، مما أشعل فتيل غضب نشطاء يتهمون الحكومة بتجاوز القوانين والعمل ضمن مبدأ الواسطة والمحسوبية، بعيدا عن شعارات الإصلاح المزيفة التي تدعيها.
الغضب الإلكتروني طال تغريدةً للملك عبد الله الثاني، انتقد فيها تسريب وثائق حكومية حول التعيينات. إذ قال عبر حسابه على تويتر “اغتيال الشخصية ونشر المعلومات المغلوطة، هما تعد صارخ على الحياة الشخصية وعلى الأعراف والقوانين، وهذا الأمر دخيل على مجتمعنا وقيمنا”.
وأضاف “أما تسريب المعلومات والوثائق الرسمية فهو أمر مرفوض ومناف للأخلاق ولن نسمح به، والقانون سيأخذ مجراه”.
“.
|
الملك الأردني لم يكتفِ بالتغريدة الأولى، وألحقها بأخرى تحدث فيها عن العدالة والنزاهة في التوظيف.
|
في المقابل، دشن نشطاء وسم #بكفي_لازم_نغير ردا على تعليق الملك، مشيرين إلى أن التعيينات جزء من المنظومة غير العادلة المستمرة منذ سنوات.
وكتب حسام ساخرا ” اللهم واسطة مثل واسطة لانا وزيد وفيصل”.
|
واعتذرت الناشطة نداء المجالي للشباب الثلاثة ولكن على طريقتها الخاصة، قائلة “لزيد وفيصل.. آسفين عالضرر النفسي اللي سببناه، بس شو بالنسبة لشباب معان اللي عند الديوان وآلاف الشباب المتعطلين. ما بحسوا؟ شو بتفرق لانا عن بنات ذيبان اللي بدهم حقهم من وزارة الزراعة. آسفين لنشر معلومات بس شو بالنسبة لطلبات التوظيف اللي لقوها بالزبالة”.
|
وعلق إبراهيم شديفات “زيد أو لانا أو فيصل V.S ٣٠٠ ألف عاطل عن العمل”.
|
جمانة إسليم كتبت عبر حسابها على تويتر “تسريب أوراق الدولة جريمة! بس الناس الماكلة هوا ومعتصمة من 14 يوم بلا وظائف مش جريمة!”
بدورها تحاول الحكومة استدراك الغضب الشعبي بشكل سريع، إذ أوقفت التعيينات الأخيرة بطلب من رئيس الوزراء عمر الرزاز.
ويقول مصدر رسمي إن الإرث السابق الذي تحمله الحكومة الحالية كبير وضخم، ولا يمكن تجاوزه خلال أشهر، ولا بد من تكاتف جهود جميع الجهات المعنية.
وكشف المصدر للجزيرة نت محاولة الحكومة احتواء أزمة المتعطلين عن العمل، من خلال إعلانات توظيف نشرتها وزارة العمل مؤخرا، إضافة إلى مقابلتهم أمام الديوان وفي معان.
وكان فريق حكومي زار محافظة معان للقاء شبابها، بيد أن اللقاء فشل قبل البدء به، إبان منع الفريق من التحدث، في ظل اعتصام أبناء المحافظة أمام الديوان دون إيجاد حل لهم.
من جهة أخرى، ارتفعت نسبة البطالة في الأردن إلى 18.7% بحسب أرقام رسمية، في حين بلغ عدد طلبات التوظيف التراكمي في ديوان الخدمة المدنية نحو 373 ألف طلب، بينما لم يتجاوز عدد فرص العمل والمُعيَّنين سنويا ثمانية آلاف، وفي المقابل يتخرج نحو سبعين ألف طالب في الجامعات الأردنية كل عام.
المصدر : الجزيرة