بعد الإملاءات الأميركية على التجار.. هكذا ردَّ الأردنيون
|هديل الروابدة-عمّان
بعد مرور خمسة شهور على افتتاح معبر جابر-نصيب مع سوريا، بدا التدخل الأميركي في الشأن الداخلي الأردني جليا بحسب وصف البعض، بعد توجيه الملحق التجاري في السفارة الأميركية للأردن بضرورة الابتعاد عن العلاقات التجارية مع سوريا والتوجه نحو العراق.
هذا التوجيه جاء عكس الجهود الأردنية والآمال الحكومية في جذب استثمارات جديدة تنقذ الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، خاصة عقب فتح الحدود الشمالية مع سوريا والشرقية مع العراق، بحسب مراقبين.
تصريحات الملحق التجاري اعتبرها نواب وسياسيون أردنيون تدخلا غير مسبوق، مطالبين بالتحقيق في الموضوع من خلال مذكرة نيابية تبناها النائب خليل عطية، دعت رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز إلى التحقق من الموضوع، مؤكدين على رفضهم التام لأي تدخلات خارجية في الشأن الأردني.
بلطجة
من جهته، طالب رئيس مجلس النواب الأسبق النائب عبد الكريم الدغمي -الذي كان أول من كشف النقاب عن هذا التوجيه- الحكومة باتخاذ رد رسمي على تجاوزات السفارة الأميركية.
ولوح في حديثه للجزيرة نت باتخاذ إجراءات تصعيدية -وفقا للدستور والنظام الداخلي للبرلمان- ضد الحكومة، قد تصل إلى مذكرة “طرح ثقة”، معتبرا أن حديث الملحق التجاري الأميركي “بلطجة”، إذ إنه خالف الأعراف الدبلوماسية.
ووصف مراقبون هذه الإملاءات بالاعتداء الصارخ على سيادة الدولة، وسيصبح الأردن بموجبها “حديقة خلفية” للمؤامرات الأميركية، وفقا لتعبيرهم.
كما اعتبر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن القرار الصادر عن مدير مركز زراعي حدود جابر، المهندس محمد غرايبة -الثلاثاء الماضي- القاضي بمنع إدخال الحمضيات بأنواعها عبر الحدود، أول خطوة في تنفيذ التوجيهات الأميركية.
تسريبات
وجاءت التوجيهات المثيرة للجدل خلال ثلاثة لقاءات جمعت بين الدبلوماسي الأميركي وتجار أردنيين، كان أولها منذ حوالي شهرين في أحد فنادق عمان، تلاها لقاء مع غرفة التجارة الأردنية الأميركية، وأخيرا مع جمعية رجال الأعمال الأردنيين، وفقا لتجار حضروا اللقاءات.
أحد التجار -فضل عدم ذكر اسمه- أكد أن التوجيهات كانت “فظة” ومباشرة، بضرورة الابتعاد عن أي تعاملات مع الجانب السوري، ملوحا بأن أي تاجر مخالف سيتم وضعه على “القائمة السوداء”، على حد تعبيره.
غير أن التجار الحاضرين احتجوا على هذه التدخلات نظرا للعلاقة الأخوية التي تربط الأردن بسوريا، فضلا عن أهمية سوريا في تحريك عجلة الاقتصاد في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد، وفقا لقول التاجر للجزيرة نت.
القدس بدل سوريا
وعلى وقع الاحتجاجات، تعهد الدبلوماسي ذاته بتقديم تسهيلات في كل من العراق والقدس، وفتح أسواقهما أمام التجار الأردنيين، بما يضمن انسيابية التبادلات التجارية بينهما.
تاجر آخر ممن حضروا أحد اللقاءات، عزا هذه التوجيهات إلى رغبة أميركا في استخدام الأردن للتضييق على كل من النظام السوري وإيران، على حد تعبيره.
رأي شخصي
رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع، ذهب إلى اعتبار هذه التوجيهات رأيا شخصيا للملحق الاقتصادي الأميركي الذي يتحمل مسؤوليتها.
وقال الطباع للجزيرة نت إن “الجمعية أردنية وليس لها أي ارتباط مع جهات أخرى، ولا تلتزم بأي إملاءات غير صادرة عن الحكومة الأردنية المسؤولة عن حماية التجار وأعمالهم”.
وأضاف أنه أبلغ جميع الجهات الرسمية في الأردن بما أدلى به الملحق الأميركي من توجيهات فور انتهاء اللقاء، وفق قوله للجزيرة نت.
مصدر حكومي
وتعليقا على ذلك، قال مصدر حكومي مسؤول للجزيرة نت “إن الاجتماعات المنعقدة بين مؤسسات القطاع الخاص والدبلوماسي الأميركي، تمت بموافقتهم ولم تكن الحكومة على علم بهذه اللقاءات”.
وأكد المصدر المسؤول أن الحكومة الأردنية لم تتلقّ طلبا رسميا بخصوص منع التعامل الجاري مع الجانب السوري، مشددا على التزام الأردن بالاتفاقيات والمواثيق التي تضمن مصالحه.
واعتبر المحلل السياسي حسن براري توجيهات الملحق الأميركي تدخلات سافرة تمس سيادة الدولة، وسعيا لتوجيه السياسة الخارجية للأردن دون حق، وفقا لتعبيره للجزيرة نت.
وقال “إذا أرادت أميركا معاقبة النظام السوري فلتفعل بعيدا عن الأردن”، مبينا أن الوضع الاقتصادي في هذه المرحلة يتطلب إقامة علاقات اقتصادية مع كل دول العالم.
وتساءل البراري في حديثه للجزيرة نت “من المسؤول عن تعويض الخسارة الاقتصادية الناتجة عن منع التجار من التعامل مع سوريا؟”.
وبلغ حجم الصادرات مع سوريا من 2012 وحتى 2018 ما يقارب 555 مليون دينار (نحو 780 مليون دولار)، فيما بلغ حجم المستوردات 696 مليون دينار (نحو مليون دولار).
فيما تجاوزت الصادرات للفترة نفسها مع العراق أكثر من أربعة مليارات دينار (نحو 5.6 مليارات دولار) فيما بلغت المستوردات حوالي 491 مليون دينار (نحو 700 مليون دولار)، وفقا لإحصائيات غرفة تجارة عمان.
المصدر : الجزيرة