عمى الألوان منارة النجاح.. قصة رسام قطري
|محمد السيد-الدوحة
11 عاما من احتراف الرسم كانت كافية لتحويل المطاوعة من إنسان فشل في كل شيء إلى شخصية فنية محترفة تطوع نواقصها لتوعية وخدمة المجتمع من خلال رسوماته المتفردة التي جعلته واحدا من أبرز فناني قطر.
ويعتبر المطاوعة أن فكرة عمل معرض عن عمى الألوان كانت توعوية بحتة، تهدف إلى ترك رسالة مفادها أن هذه الظاهرة موجودة في المجتمع، وأن هناك الكثيرين يعانون منها ويخجلون من هذا الأمر الذي أثر فيهم وترك لهم ذكريات سلبية لم تمحها الأيام.
عمى الألوان ترك ألما في حمد المطاوعة منذ صغرة (الجزيرة) |
سخرية الأصدقاء
ويقول المطاوعة للجزيرة نت إنه من الأشخاص الذين ترك فيهم عمى الألوان ألما شديدا منذ صغره، ومن هنا جاءت فكرة المعرض، وإنه رغم مهارته الفائقة في الرسم فإن اصدقاءه كانوا يسخرون منه عندما يلون السماء باللون البنفسجي والشمس باللون الأخضر، ولم يكن يعلم وقتها السبب.
ويضيف أنه اعتمد في المعرض على رسم أشهر الشخصيات الكرتونية المعروفة لدي الجميع بألوانها المميزة، وتلوينها حسب رؤيته حتى يجعل الزوار يرون بعيونه، فيكونون هم من يعانون من عمى الألوان وهو السليم، على خلاف الحقيقة.
ويؤكد المطاوعة أنه لم يدرك إصابته بعمى الألوان إلا في العشرين من عمره، خلال اختبار دخوله الجيش الذي حال بينه وبين تحقيق حلمه في العمل ملاح طائرة مروحية، الأمر الذي جعله يكره الألوان، ولا يستخدمها في رسوماته باستثناء اللونين الأبيض والأسود بجانب الرصاصي.
وينقسم عمى الألوان إلى نوعين أساسيين، الأول عمى الألوان التام الخلقي بوجود قضيب أحادي اللون، والمصابون به يعانون من غياب كامل لنشاط الخلايا المخروطية، والثاني عمى الألوان غير التام “خلل الألوان” بوجود قضيب ثنائي، والمصابون به يعانون فقط من عجز في وظائف الخلايا المخروطية.
ويري المطاوعة (34 عاما) أن تطور الألوان وظهور ماركات عالمية ساعداه من جديد في العودة للاعتماد عليها في رسوماته، حيث إنه اتجه أولا لألوان “الكوبيك” من خلال الاعتماد على قراءة الاسم، وبعدها استخدم ألوان “الأكريليك” عن طريق الأرقام التي تحدد كل لون ودرجاته.
تطور الألوان
كان تطور الألوان بمفهومها الحديث مرحلة مهمة في حياة المطاوعة الفنية، حيث بات أكثر احترافية في استخدام الألوان من خلال حفظه الأسماء والأرقام التي تحدد درجات كل لون، فبعدما حصل على أربع دورات في الألوان بات أحد المحترفين القطريين في هذا المجال، الأمر الذي أهله لإعطاء دورات وورش عمل في التلوين، دون أن يفطن الجميع لإصابته بعمى الألوان.
ويشدد المطاوعة على أن هدفه من الاتجاه لاحتراف الرسم في عام 2008 كان من أجل إثبات ذاته لعائلته ولأصدقائه بعدما فشل في جميع تجاربه وفي تكملة دراسته، لكنه بعد النجاح تغيرت حياته، وبات الرسم كالإدمان بالنسبة له، فلم يستطع التخلي عنه، وبات الوسيلة لتحقيق أحلامه وطموحاته، والمهرب من كل همومه وأحزانه.
بدوره، يرى دكتور أمراض العيون المتخصص علاء مقلد أنه لا يوجد علاج يشفي من عمى الألوان الذي يولد به المصاب، أما في حالة الإصابة بعمى الألوان نتيجة إصابة الشخص بأمراض أخرى فإن العلاج قد يساعد على الشفاء، خاصة بعد زوال المرض المسبب لهذه الحالة.
ويقول مقلد للجزيرة نت إن عمى الألوان ليس من الأمراض الخطيرة على حياة الإنسان، حيث إن أغلبية المرضى يتواكبون مع حالتهم، ويعتادون مع الوقت على الاضطرابات في الرؤية، لكنهم قد يتأثرون به سلبا في حياتهم الدراسية والعملية.
ويري أن هناك الكثير من الوسائل الحديثة التي تساعد مريض عمى الألوان على تخطى حياته والعيش بطريقة طبيعية، منها العدسات اللاصقة الملونة التي تساعدك على رؤية الألوان، وكذلك النظارات الطبية التي تساعد على رؤية الألوان لكن ليس بوضوح.
المصدر : الجزيرة