جون أفريك: هل سيفي محمد بن سلمان بجميع وعوده الاستثمارية؟
|في إطار جولته الأخيرة في آسيا، وعد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بقيادة استثمارات تبلغ قيمتها نحو 130 مليار دولار، لكن هل تملك “مملكة البترول” الموارد والرغبة الكافيين للالتزام بوعودها؟
وقالت الكاتبة أريانا بوليتي في تقرير لها بمجلة جون أفريك الفرنسية إن باكستان، شأنها شأن الهند والصين، لم تتردد في بسط السجادة الحمراء أمام ولي العهد السعودي خلال رحلته مع مسؤولي شركة النفط العملاقة أرامكو.
وتأتي هذه الجولة السعودية في آسيا إثر تجمد العلاقات بين الرياض والعواصم الغربية، على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي في السفارة السعودية بتركيا.
ونقلت الكاتبة أن ولي العهد السعودي حريص كل الحرص على تلميع صورته التي تضررت خلال الأشهر الأخيرة، مما دفعه إلى مضاعفة الابتسامات والمصافحات…وأيضا عدد الشيكات.
وخلال هذه الزيارة، كان نصيب إسلام آباد من الاستثمارات السعودية نحو عشرين مليار دولار، في حين حظيت الهند بأكثر من مئة مليار دولار. وفي الوقت نفسه، وقعت شركة أرامكو في الصين عقدا جديدا بقيمة عشرة مليارات دولار لبناء مصفاة شرق البلاد، كما تقول الكاتبة.
وأشارت إلى أن قائمة شيكات السعودية لا تقتصر فقط على منطقة آسيا؛ إذ تعهد محمد بن سلمان أيضا بدفع مبالغ مالية ضخمة لكل من لندن وموسكو والقاهرة وتونس، كما أن القائمة ما زالت طويلة. لكن الكاتبة تساءلت عما إذا كانت التزامات السعودية قادرة على الاستمرار؟
وعود الجهات المستفيدة
وأوضحت الكاتبة أن البلدان الآسيوية التي زارها ولي العهد السعودي، والتي أغدق عليها بوعوده الاستثمارية، في موضع يحق لها التشكيك في مدى قدرة محمد بن سلمان على الوفاء بالتزاماته.
ولفتت في هذا السياق إلى أن السعودية لم تسدد الدفعة الأولى من الأموال التي وعدت بها الروس قبل أربع سنوات إلا في يناير/كانون الثاني الماضي ، في حين ما زالت الجزائر تنتظر نصيبها من هذه الوعود الاستثمارية حتى هذا الوقت.
ونقلت الكاتبة عن مصادر جزائرية أن البلاد لم تتلق أي دفعة من هذه الأموال المقدرة بعشرة مليارات دولار وعد بها رئيس غرفة التجارة السعودية عام 2016.
خلال زيارة ولي العهد السعودي وعدت السعودية باستثمار عشرين مليار دولار في باكستان (الأناضول) |
كما نقلت عن يونس بلفلاح، الباحث الاقتصادي المتخصص في الشؤون الخليجية، أن “هناك بلدانا تمنحها السعودية أولوية، وتملك تجاهها التزامات واضحة للغاية، مثل الولايات المتحدة. خلافا لذلك، تعتمد الإستراتيجية السعودية على الإعلان عن وعودها، ومن ثم تنظر في إمكانية صرف أموالها؛ وذلك وفقا للالتزامات والمواقف السياسية للبلد المعني بهذه الوعود”.
وأوضح بلفلاح أنه “يجب أن نفهم أن السعودية لا توزع أموالها في حال لم تكن لها مصالح ترغب في تحقيقها. في المقابل، تطلب الرياض… بعض الدعم السياسي”.
شكوك حول جدوى الإصلاحات
وقالت الكاتبة إن الجولة السعودية إلى آسيا تندرج في إطار الإستراتيجية السعودية الرامية إلى تأمين شركاء وضمان تمركزها في موقع المصدّر الرئيسي للنفط، في الآن ذاته تحاول السعودية جذب المزيد من المستثمرين الأجانب.
بوليتي: جدوى خطة محمد بن سلمان وإصلاحاته تثير الكثير من الشكوك، كما لا تعد الظروف الحالية مواتية بالكامل لولي العهد السعودي |
ومع ذلك -تضيف الكاتبة- لا يعد نجاح مخطط “رؤية 2030” التي تسعى السعودية من خلالها للتخلص من التبعية للنفط أمرا مضمونا.
ونقلت الكاتبة عن ديفيد ريجوليت روز، الباحث في المعهد الفرنسي للتحليل الإستراتيجي، أنه “خلال الفترة الأخيرة سجل تراجع ملحوظ في عدد الاستثمارات؛ الخطوة التي كانت نتيجة شكوك المستثمرين حول ضعف الإصلاحات المعلن عنها، أو على الأقل هشاشة نهج تنفيذها”.
ونوهت إلى أن رئيس تحرير موقع “أوريون إستراتيجيك” أكد أن نفور المستثمرين من السعودية ظهر حتى قبل قضية خاشقجي.
وعلى سبيل المثال، في حين كان مبلغ الاستثمار المباشر الأجنبي في السعودية خلال سنة 2016 في حدود سبعة مليارات دولار، لم تتجاوز هذه القيمة 1.4 مليار دولار خلال سنة 2017، بالاستناد إلى تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
وقالت الكاتبة إن جدوى خطة محمد بن سلمان وإصلاحاته تثير الكثير من الشكوك، كما لا تعد الظروف الحالية مواتية بالكامل لولي العهد السعودي.
المصدر : جون آفريك