أحال مصر لحمام دم.. من أعطى السيسي الضوء الأخضر؟
|خلال أيام معدودة، نفذت السلطات المصرية حكم الإعدام بحق 18 شابا مصريا، ولا زال الكثير من الأسماء على قائمة الانتظار، مما جعل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتصدر وبجدارة قائمة أكثر الرؤساء جزا لرؤوس المصريين.
برنامج “ما وراء الخبر” تساءل في حلقته بتاريخ (2019/2/20): كيف يجرؤ السيسي على إحالة مصر لحمام دم، ضاربا بعرض الحائط المنظمات والهيئات الحقوقية الدولية؟ فهل حصل على ضوء أخضر من قوى دولية، أم أن الرجل لديه رسائل سياسية يريد أن يرسلها لجهة ما؟
الضوء الأخضر
بحسب المحامي المتخصص بقضايا حقوق الإنسان كولو لوكنغليد، فإن توقيت تنفيذ أحكام الإعدام الأخيرة بمصر لم يأت بالصدفة، بل جاء بعد هجمات مقاتلي تنظيم الدولة بسيناء، وبعد الهجوم الأخير بالقاهرة، وهو ما يشير إلى أن السيسي أراد أن يرسل رسالة لطرف محدد.
كما نبه لوكنغليد إلى أن السلطات المصرية لم تنفذ الإعدامات إلا بعد أن أنهى السيسي مشاركته في مؤتمر ميونيخ الدولي، لأنه لم يشأ أن يتعرض لأي إحراج أو مساءلة خلال المؤتمر الذي أراد أن يظهر فيه بمظهر الصديق والمدافع عن حقوق الإنسان.
لكن لوكنغليد عبر عن قناعته بأن الإدارة الأميركية الحالية تساهم -بطريقة ما- بترك المجال للسيسي ليعمل ما يشاء بمصر دون حسيب أو رقيب، وذلك من خلال عدم اهتمامها بالشأن المصري الداخلي وقضايا حقوق الإنسان بالذات، وهي الملفات التي كانت توليها الإدارات الأميركية السابقة الكثير من الأهمية، مشيرا إلى أن الإدارة الحالية قد تتدخل فقط في حال انتهاك حقوق مواطن أميركي أو الإساءة إليه على أرض مصر.
بدوره أكد عضو مجلس الشورى المصري السابق ثروت نافع أن المجتمع الدولي يعرف عن الانتهاكات التي تقع في مصر، لكنه يتغاضى عنها لأن السيسي اشترى شرعية نظامه من خلال صفقات أسلحة، أو من خلال ترهيب الدول الغربية بفتح الباب على محرابيه أمام المهاجرين وطالبي اللجوء لأوروبا، أو من خلال إيهامهم بأن ذهابه يعني سيطرة “الإرهابيين”.
هل من رسالة
من جانبه ينفي الكاتب الصحفي المصري توفيق حميد أن يكون السيسي يوجه رسالة معينة إلى أحد ما من وراء هذه الإعدامات، التي رأى فيها إحقاقا للحق وتنفيذا للعدالة في البلاد ولا علاقة لها بأي تطورات سياسية تعيشها مصر.
ورفض حميد كل ما يقال عن تسييس القضاء بمصر، مؤكدا أن المفتي نفسه الذي أقر إعدام الشباب التسعة مؤخرا هو الذي رفض في وقت سابق إقرار حكم الإعدام بحق قيادات من الإخوان المسلمين، كما أشار إلى أن المفتي خفض عدد المنفذ بحقهم حكم الإعدام من 65 شخصا إلى تسعة أشخاص، مبديا استغرابه بعد ذلك من كل من يشكك في نزاهة القضاء المصري.
وتساءل توفيق لماذا تضج المنظمات الحقوقية عندما يعدم “مجرمون” وتصمت تماما عندما يرتكب هؤلاء جرائمهم مخلفين وراءهم عشرات الأيتام والأرامل.
لكن عضو مجلس الشورى السابق ثروت نافع رد على وجهة النظر هذه بتأكيده أن جميع المنظمات العدلية والحقوقية الدولية تجمع على أن مصر تفتقر للمحاكمات العادلة، لكن ذلك لا ينفي وجود قضاة عادلين فيها.
وأكد ثروت أن مشكلة القضاء المصري منذ عقود طويلة هو أنه تابع للسلطة التنفيذية في البلاد، ولا يوجد فصل للسلطات كما هو الحال في دول العالم التي تحترم حقوق الإنسان، ويتمتع القضاة فيها بحرية كاملة.
وسخر ثروت من المدافعين عن النظام الذين يتبجحون بأنه يعدم أعدادا محدودة من الشعب المصري وليس كل الشعب، معتبرا أن ذلك أكبر دليل على تردي واقع الحريات والحقوق بمصر في عهد السيسي.