بعد مهرجان التطبيع.. هل تحمي إسرائيل العرب المرتمين في أحضانها؟
|انتهى مؤتمر وارسو الذي دعت إليه الولايات المتحدة لمناقشة القضايا التي تهم الشرق الأوسط، ورغم أن مواجهة النفوذ الإيراني كان أهم عناوينه، وتليه مناقشة القضية الفلسطينية في إطار الرؤية الأميركية أو ما يعرف بـ”صفقة القرن”؛ فإن المؤتمر في حقيقة الأمر لم يخرج عنه شيء ذو قيمة في هذين الملفين، بل كان التطبيع العربي بالجملة والمجان مع إسرائيل هو أهم نتائجه، وهو ما دعا رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لوصف “وارسو” بالاستثنائي.
برنامج “ما وراء الخبر” في حلقة (2019/2/15)، تساءل عن الطرف الرابح في مهرجان التطبيع الذي جرى بوارسو، هل هم العرب أم إسرائيل؟ ولماذا هذا التهافت العربي؟ وما الذي قدمه نتنياهو ليستحق تطبيعا عربيا مجانا وبالجملة؟
مكاسب إسرائيلية
الكاتب والمحلل السياسي عمر عياصرة بدا حاسما في موقفه بأن نتنياهو هو الرابح الأكبر والوحيد مما جرى في وارسو، وأنه يوظف كل هذه التطورات لتحقيق مكاسب انتخابية، حتى أنه لم يبال بإحراج “المطبعين الجدد” ونشر مقطع فيديو يكشف مجريات عشاء سري جمعهم به على هامش المؤتمر، وتحدث “المطبعون الجدد” عن تفهمهم لقصف إسرائيل لسوريا دفاعا عن مصالحها، وعن تراجع القضية الفلسطينية في أذهانهم وضمائرهم.
وأضاف عياصرة أن كل هذا الانهيار العربي تحت أقدام إسرائيل، هو بمثابة ورقة رابحة لنتنياهو أمام الناخب الإسرائيلي، فقد استطاع أن يحيل حفنة من الأعداء إلى أصدقاء “لا مشكلة لديهم بتهويد القدس، ويبررون لإسرائيل حصارها لغزة وبناء المستوطنات على أراضي الفلسطينيين وقصف دول عربية أخرى”.
مبررات التطبيع
وفيما يتعلق بمبررات التطبيع العربي الأخير مع إسرائيل، فإن السياسي أحمد كامل يرفض تسميته بالتطبيع، بل هو -بحسب رأيه- “انبطاح” و”سقوط بلا قاع” و”ممارسة للرذيلة علنا”.
فحتى التطبيع -كما أوضح- هو عمل سياسي له شروطه وضوابطه ومحدداته، وقد يقبل البعض على التطبيع مجبرين مكرهين، ويكون ذلك ضمن محددات واضحة، لا تخلي فيها عن الكرامة أو الهوية.
أما ما جرى في وارسو -بحسب كامل- فإنه سابقة مروعة لم يعرف مثلها التاريخ العربي والإسلامي، ولم يجرؤ قادة عرب من قبل على خلع برقع الحياء بهذا الفجور، وممارسة الهوان علنا، وكل ذلك فقط لأنهم مرعوبين على كراسيهم، فلا مانع لديهم ببيع أي شيء مقابل الاحتفاظ بالكرسي.
واتفق عياصرة مع هذا الرأي، مؤكدا أن حكام الدول التي ارتمت عند أقدام إسرائيل مرعوبون من إيران وتركيا وقطر، ومن شعوبهم ومن الإسلام، ومرعوبون من بعضهم بعضا؛ لذلك لجؤوا إلى إسرائيل طلبا للحماية.
وبحسب عياصرة فإن هذه الأنظمة لم تعد تأبه بالأمن الإستراتيجي، ولم تعد ترى من هو عدو الأمة ولا تأبه بالحفاظ على هويتها، “هم يريدون فقط حماية مصالحهم العائلية الشخصية، وليس حتى مصالح دولهم أو شعوبهم”، مؤكدا أنهم كان الأجدر بهم أن يتعاملوا مع مخاوفهم من إيران في مواجهة مشروعها بمشروع آخر وليس معاداتها أو معاداة تركيا.
الحماية الإسرائيلية
ولكن ما الذي ستقدمه إسرائيل لهؤلاء المطبعين العرب، هل فعلا ستوفر الحماية لكراسيهم؟
استبعد كامل ذلك تماما، مؤكدا أن إسرائيل لن تخوض حربا ضد إيران لخدمة مصالح العرب، كما أنها تقصف مواقع في سوريا عندما ترى أن ذلك يحقق مصالحها وليس مصالح غيرها.
واعتبر كامل أن أكثر ما سيحصل عليه المطبعون العرب من إسرائيل، هو دعوة لحضور تنصيب رئيس الحكومة الإسرائيلي الجديد في “القدس”.
في المقابل، رأى عياصرة أن التطبيع المجاني العربي مع إسرائيل له ثمن باهظ، فهو يشكل عامل ضغط قويا على الأردن والسلطة الفلسطينية، ويضعف موقفهما ويتركهما وحيدين أمام الهجمة الإسرائيلية على حقوق الشعب الفلسطيني والمقدسات الإسلامية.