علياء عبد النور.. ضحية السجن والسرطان بإمارات “التسامح”
|غرز مرض السرطان الخبيث مخالبه في جسد المعتقلة الإماراتية في سجون بلادها السيدة علياء عبد النور، لتكون بذلك رهينة محبسين من سجن ومرض فتاك.
علياء عبد النور قصة مؤلمة لواحدة من فتيات الإمارات تعيش من نحو أربع سنوات رهينة اعتقال مرير، فقد تعرضت للاعتقال بتاريخ 29 يوليو/تموز 2015، ثم تعرضت للإخفاء القسري في مكان مجهول لمدة أربعة أشهر دون السماح لها بالتواصل مع أسرتها، ودون الإفصاح عن أي معلومة تخص مصيرها لأي جهة، ثم تم عرضها فيما بعد على الجهات القضائية، ومحاكمتها بتهمة تمويل الإرهاب والتعامل مع إرهابيين خارج البلاد، قبل أن يحكم عليها بالسجن عشر سنوات.
تتحدث مواقع إعلامية ومؤسسات حقوقية عن مأساة علياء، وتبقى المفارقة أن للمأساة وجها آخر بالغ التناقض يتعلق بالإمارات بلد “التسامح” و”الأخوة الإنسانية” وفق ما يقدمها به المسؤولون السياسيون في بلاد الشيخ زايد، فيما يتولى المسؤولون الأمنيون والقضاء السياسي ترجمة ذلك التسامح في أعمال وممارسات كتبت بالسياط والتعذيب على أجساد متعددة من بينها جسد علياء.
قصة مؤلمة
بدأت مأساة علياء عبد النور ذات صباح في منزل أسرتها بإمارة عجمان، حين اقتحمت وحدة أمنية المنزل واعتقلتها بعد ضربها وركلها وتكبيلها ومنعها من ارتداء حجابها، وهي تغادر بيت الوالد رفقة سرية أمنية مدججة بالسلاح والكلاب البوليسية وفق مصادر حقوقية.
وطوال الأشهر الأربعة الأولى من الاعتقال، عاشت علياء رهينة إخفاء قسري في زنزانة انفرادية دون فراش أو غطاء سوى الضوء القوي للمصباح المركز على جسدها، ضمن مسار تعذيب كانت تلك أبسط فقراته، مضاف إليه المنع من زيارة الأسرة لها أو معرفة مكان اعتقالها أصلا، وذلك ضمن حالة من “التسامح” على الطريقة الإماراتية.
استمر التعذيب والإخفاء دون محاكمة ثمانية أشهر أخرى، تعرضت فيها علياء -وفق أسرتها- لصنوف من التعذيب، شمل تقييد الأطراف إضافة على إجبارها على الوقوف ساعات طويلة.
|
|
كما تعرضت علياء -وفق مصادر أسرتها التي نقلها حقوقيون غربيون أيضا- لتحقيق في لبوس التعذيب، حيث يتم تعذيبها معصوبة العينين لفترات تمتد لأكثر من 18 ساعة، إضافة إلى إجبارها على خلع الحجاب الذي يمثل جزءا أساسيا من الهوية الثقافية والدينية للإمارات العربية المتسامحة.
وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن أسرة علياء لم يسمح لها بزيارتها إلا بعد شهرين من احتجازها في سجن الوثبة، وكانت قد فقدت أكثر من عشرة كيلوغرامات من وزنها، بسبب تدهور حالتها الصحية نتيجة الظروف السابق ذكرها، حيث عاد مرض السرطان للانتشار مرة أخرى في جسدها، مع ظهور تورمات في الغدد الليمفاوية وتكيس وتليف بالكبد، إضافة إلى إصابتها بهشاشة في العظام نتيجة احتجازها مدة كبيرة في غرفة شديدة البرودة دون فرش أو غطاء.
ضحية السرطان
أضاف انتشار مرض السرطان بعدا مؤلما لمأساة علياء عبد النور بعد أن كانت قد شفيت منه في عام 2008. وفي مواجهة هذا المرض الفتاك اكتفت سلطات التعذيب الإماراتية بإحالتها إلى مستشفى المفرق الحكومي، ولم تتجاوز حقن العلاج عقارات مخدرة ومهدئات كما ذكر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكشف المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان أن المعتقلة نُقِلت إلى مستشفى توام بمدينة العين الإماراتية يوم 10 يناير/كانون الثاني الماضي دون إخطار عائلتها ودون أي تبرير، بعد أن كانت في مستشفى المفرق الحكومي.
وخلال فترة الحجز الطبي كانت علياء مقيدة إلى سرير في غرفة دون تهوية، ورفضت النيابة العامة في الإمارات السماح بنزع القيود من أطرافها المثقلة بجراح التعذيب وانتشار السرطان في جسدها الضعيف، وباتت لا تقوى على الوقوف والمشي دون مساعدة بعد استشراء المرض في جسمها وفقا للمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان.
حاولت عائلة علياء الاستنجاد بأعلى سلطة قضائية في الإمارات، وجاء الرد قاسيا مرتين: الأولى بتأكيد حكم السجن الصادر عليها، والثانية برفض الإفراج المؤقت عنها من أجل العلاج.
جزر التعذيب
يقبع في سجون الإمارات مئات المواطنين والمقيمين ممن اقتضت عدالة الإمارات وتسامحها الزج بهم في غيابات سجون باتت من أفظع السجون في العالم، وفق تقارير متنوعة المصادر والجهات يوحد بينها تشديد النكير على الممارسات الإماراتية ضد مواطنيها وسجنائها.
ورأت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في “تمادي السلطات الإماراتية في تحطيم منظومة القيم والعادات والتقاليد للمجتمع القبلي في الإمارات؛ بتعذيب النساء والتهديد باغتصابهنّ، أمرا غير مسبوق في دول الخليج، ويؤكّد أن الأجهزة الأمنية لم تعد تعبأ بأي احتجاج شعبي أو دولي”.
وتمثل السجون المنتشرة بشكل علني وسري في مختلف أرجاء الإمارات جزرا خارجة عن “التسامح والأخوة” الإنسانية، لتنضاف بذلك إلى “الجزيرتين” الأخريين الخارجتين عن سيطرة الإمارات (تحت السيطرة الإيرانية).
وفيما يكتب المرض سطوره المؤلمة بحروف السرطان البشعة على جسد علياء عبد النور، يكتب الخوف والتعذيب صفحات سوداء من التاريخ السياسي والأمني في إمارات التسامح.
المصدر : مواقع التواصل الاجتماعي,الجزيرة,مواقع إلكترونية