بعد عقد من الغياب.. قائد المقاومة الكويتية يعود لوطنه
|نادية الدباس-الكويت
تزامنا مع احتفال الكويت بأعيادها الوطنية وعيد التحرير، احتضنت أرضها من جديد قائد المقاومة الكويتية والعقل المدبر لها إبان الغزو العراقي محمد الفجي الرشيدي (66 عاما)، بعد غياب عنها استمر نحو 11 عاما.
الفجي الذي يلقبه كثير من الكويتيين بـ”أسد المقاومة” قضى هذه السنوات في الإمارات، ليعود اليوم إلى بلاده على وقع ضغوط شعبية وأسرية، وفقا لمقربين منه.
استُقبل الفجي استقبال الأبطال من قبل آلاف الكويتيين الذين احتشدوا في مطار الكويت الدولي مرحبين بعودته إلى أرض الوطن وسط حماية أمنية مشددة.
وعقب وصوله سار الفجي في موكب حاشد رافقه فيه أصدقاؤه ومحبوه، ليصل بعد ذلك إلى خيمة خاصة أقيمت قرب منزله للاحتفاء به، توسطها بدوره لاستقبال المهنئين. واختصر الفجي مشهد استقباله بالقول إن “الشعب الكويتي وفي بطبعه”.
وتصدر خبر عودة “أبو خالد” كما يكنّى، مواقع التواصل الاجتماعي، حيث امتلأت وسوم تويتر بآلاف التغريدات المرحبة ببطل المقاومة بعد أن كانت قد اكتظت على مدى الأسبوع الماضي بدعوات للحشد لاستقبال الفجي عبر وسوم عدة أبرزها #سأستقبل_محمد_الفجي_بالمطار.
عاد أبو خالد على متن رحلة جوية أبى رفيق نضاله وكيل وزارة الداخلية الكويتية السابق الفريق المتقاعد محمود الدوسري إلا أن يرافقه فيها، بعد أن فاجأه بالوصول إلى مطار دبي ليكون بصحبته في رحلة العودة.
الفجي يستقبل أصدقاءه ومحبيه بعد غياب 11 عاما (الجزيرة نت) |
نهار الهاجري أصغر مقاوم كويتي إبان الغزو العراقي -إذ كان عمره آنذاك لا يتعدى 17 عاما- عبر عن سعادته الغامرة بعودة من يصفه بأبيه الروحي. فقد عمل نهار مع الفجي في مقاومة الغزو بتسعينيات القرن الماضي، واستمرت العلاقة بينهما إلى يومنا هذا.
وفي حديثه -للجزيرة نت- قال الهاجري إن “أبو خالد ورغم علاقة الصداقة التي كانت تربطه بالرئيس العراقي السابق صدام حسين، فإنه اختار الذود عن حمى الوطن حين تعرض للغزو وعرّض سلامته للخطر وضحى بأمواله في سبيل ذلك”.
كان الفجي يمتلك إمبراطورية للنقل وأكبر أسطول للشاحنات مكونا من نحو أربعة آلاف شاحنة، وعرف عنه أنه استخدم تجارته في مساعدة ودعم العراق منذ بداية الحرب العراقية الإيرانية مطلع الثمانينيات.
فقد كان ينقل المواد الغذائية وغيرها من الموانئ الكويتية إلى العراق عبر شاحنات الأسطول الذي يملكه، فضلا عن أنه وضع سياراته وآلياته وشبكة علاقاته في خدمة الجيش العراقي من منظور قومي باعتباره حامي البوابة الشرقية، الأمر الذي لاقى استحسانا كبيرا لدى القيادة العراقية آنذاك، واعتبروا الفجي بطلا قوميا، وهو ما قربه من صدام حسين ووثق علاقاتهما.
وعقب انتهاء الحرب العراقية الإيرانية تكبد الفجي خسائر بالملايين، وهي ديون ترتبت على العراق الذي طلب منه -وفقا لنهار الهاجري- أن يجري تقسيطها نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها، وباعتبار أن العراق ما زال ينفض عنه غبار الحرب، وإمعانا في الجميل اختار الفجي أن يقف مع العراق حتى النهاية، وأمهل العراقيين لسداد ديونهم متى استعاد بلدهم عافيته.
وما هي إلا أشهر قليلة حتى تعرضت الكويت للغزو، فسارع الفجي إلى الدفاع عن بلده وأهله متزعما المقاومة، ليتحول من بطل قومي إلى مجرم حرب في نظر القيادة العراقية.
تعرّض الفجي للاعتقال في كمين بصحبة رفيقه في المقاومة الفريق المتقاعد محمود الدوسري الذي كان يحمل وقتها رتبة عقيد، إذ كانا ينظمان صفوف المقاومة آنذاك، ليَصدُر بحقهما حكم بالإعدام كان من المقرر تنفيذه في منتصف شهر فبراير/شباط 1991.
وشاءت الأقدار أن يُقصف السجن الذي كان الفجي يقبع فيه، ليجري عقبها إنقاذه من قبل الصليب الأحمر الذي كان حاضرا في المنطقة حينها.
وخلال فترة سجنه تعرض الفجي لكسر في رجله وأضلعه وأصيب بجلطات في قدميه، وكان يجري استجوابه وقتها من سبعاوي إبراهيم الأخ غير الشقيق لصدام حسين.
لم يصدر عن الفجي أي تصريح عن سبب مغادرته للكويت والإقامة في الإمارات سوى أنه فضل ذلك في تلك الآونة، بينما كان يتناقل ناشطون وكتاب بين الفينة والأخرى أن سبب مغادرته هو تدهور وضعه المادي وظروفه الاقتصادية الصعبة بعد خسارته لأملاكه وثروته إبان الغزو العراقي.
المصدر : الجزيرة