ماليزيا.. تنصيب ملك جديد يبشر بتناغم مع الحكومة
|سامر علاوي-كوالالمبور
وقد توج الملك الجديد عبد الله راية الدين المصطفى بالله (عبد الله ابن السلطان أحمد شاه) بعد أقل من أسبوع من تسلمه عرش السلطنة في ولاية بهانغ إثر تنازل والده بسبب اعتلال صحته، ورأت الحكومة الحالية في تنصيبه بداية لمرحلة جديدة من علاقتها مع القصر الملكي.
وقد أعرب وزير التعليم الماليزي مازلي ملك عن أمله في أن تسفر ما وصفها بالعلاقة الوطيدة بين الملك الجديد ورئيس الوزراء الحالي مهاتير محمد عن تعاون بناء، وأن تظهر نتائجه خلال فترة حكم كل منهما وهي خمس سنوات.
وكرر الوزير الماليزي في تصريحات للجزيرة نت ما ينص عليه الدستور من أن الملك يمثل هوية البلاد ورمز وحدتها، مضيفا أن الشعب الماليزي عبر عن مشاعر السعادة بتويج الملك الجديد.
وبتنصيبه صبيحة اليوم الخميس أصبح سلطان ولاية بهانغ الملك الـ16 لماليزيا منذ استقلالها، ويبلغ الملك الجديد من العمر 59 عاما، وهو معروف بشعبيته بين الشباب نظرا لعشقه للرياضة، خاصة البولو، وترؤسه فرقا رياضية لكرة القدم، وكان حكام الولايات قد انتخبوا عبد الله ابن السلطان أحمد شاه ملكا للبلاد الأسبوع الماضي.
ملكية فريدة
تتبنى ماليزيا نظام حكم برلماني دستوري في الحكومة المركزية والحكومات المحلية، وتتشكل من 13 ولاية، منها تسع على رأسها سلاطين، والأربع الأخرى يرأسها حكام منتخبون بشكل غير مباشر، إضافة إلى ثلاث مناطق تدار من قبل الحكومة الفدرالية هي كوالالمبور وبوترا جايا وجزيرة لابوان.
ومع أن الملك أو سلطان الولاية لا يملكان أي سلطات تنفيذية ودورهما بروتكولي إلا أن المحلل السياسي الدكتور عزمي حسن يرى أن نفوذ الملك والسلاطين الشعبي والديني يمكنهما من القيام بدور سياسي مؤثر وإن كان ذلك بشكل غير مباشر.
وإلى جانب الحكومة المركزية والبرلمان بشقيه النواب (ديوان رعيت) والشيوخ (دوياون نيغارا) يوجد مجلس الحكام الذي يضم سلاطين الولايات الملكية التسع وحكام الولايات الأربع الأخرى، ومن مهام المجلس اختيار الملك وعزله، لكن التصويت لاختيار الملك وعزله يقتصر على السلاطين دون الحكام.
ويخضع اختيار الملك إلى التناوب والتوافق بين السلاطين، فبعد استقالة الملك محمد الخامس سلطان ولاية كلانتان الشمالية (مع استمراره في منصبه السلطاني) توجهت الأنظار إلى سلطان ولاية جوهور على الرغم من أن دوره لم يحن بعد، وذلك أن سلطان ولاية بهانغ أحمد شاه طاعن في السن ولا تمكنه حالته الصحية من القيام بمهام الملك، لكن تنازله لصالح ابنه عبد الله دفع السلاطين إلى اختياره ملكا.
ويرى الدكتور عزمي حسن أن الشعب الماليزي كان يتطلع إلى معرفة من سيكون الملك الذي يخلف الملك السابق، وذلك في إشارة إلى عدم الرضا الشعبي عن أداء الملك وتصرفاته.
ويضيف أن هناك رابطا بين التغييرات غير المسبوقة في مؤسسة القصر والسيناريو السياسي في البلاد، “والشعب الماليزي يريد ملكا قادرا على الاضطلاع بمهامه بصورة فائقة”، فالشعب -برأيه- لا يريد ملكا ضعيفا ولا طائشا لا يتحمل كافة مسؤولياته.
ويرى كثير من المراقبين أن التغيير السياسي الذي حصل في ماليزيا لا بد أن يرافقه تغيير في طريقة تعاطي الملك مع المستجدات السياسية، وإذا كان الحفاظ على الإسلام وحماية الدين والدفاع عن حقوق الأغلبية الملاوية المسلمة تقف على رأس مهام الملك فإن البعض يرى أن أهمية منصب الملك قد زادت في ظل الزيادة غير المسبوقة لغير المسلمين في الحكومة والبرلمان الحاليين.
حساسية الانتقاد
ونظرا لما يحظى به الملك والسلاطين من تقدير دستوري وقانوني وشعبي يتجنب الساسة والمراقبون التعليق على تصرفاتهم أو التدخل في تفاصيل حياتهم الخاصة، ويعاقب القانون الماليزي كل من ينتقص من كرامة السلاطين والملوك أو ينتقدهم.
ولذلك فإن المراقبين يفضلون عدم التعرض بصورة مباشرة لأسباب استقالة الملك الأخير محمد الخامس أو إن كان أجبر على الاستقالة.
ومع ذلك فقد جرى الحديث عن ثلاثة أسباب محتملة قد تكون وراء الاستقالة هي الخلاف بين القصر والحكومة وظهر ذلك عندما تأخر الملك في تكليف مهاتير محمد بعد الانتخابات، وزواجه من عارضة أزياء روسية بما يخالف مبادئ الإسلامي والعرف، وهو ما اعتبر خروجا عن عرف عائلات السلاطين، وظهور أجواء من عدم رضا السلاطين عن تصرفات الملك.
المصدر : الجزيرة