الكتاب المفتوح.. امتحانات “بلا درجات” تثير الجدل بمصر

باسم مجدي-القاهرة

ينتشر نظام “الكتاب المفتوح” في الامتحانات في كثير من الجامعات حول العالم، لا سيما مع تقدم التكنولوجيا وسبل البحث عن المعلومات على الإنترنت، ويبقي تطبيقه محدودا في المدارس الثانوية في الولايات المتحدة الأميركية على سبيل المثال، فهل تسبق مصر دول العالم المتقدم بتطبيقه على امتحاناتها في المدارس؟

فخلال امتحانات نصف العام الدراسي، أدى نحو 700 ألف طالب في الصف الأول الثانوي الامتحانات بنظام “الكتاب المفتوح” من 13 إلى 24 يناير/كانون الثاني الجاري، حيث يسمح النظام للطالب باصطحاب الكتاب معه خلال الامتحان.

خطوة تجريبية
يقول وزير التربية والتعليم المصري طارق شوقي إنه يخطط لإحداث طفرة في التعليم، فهذه هي المرة الأولى التي يجري فيها تطبيق نظام الكتاب المفتوح في امتحانات المدارس، وشرح الوزير أن الهدف ليس نقل الإجابة من الكتاب إلى الورقة، بل المراد ألا يرهق الطالب نفسه بحفظ معادلات رياضية صماء أو مسميات متعددة.

وأضاف الوزير على صفحته على موقع فيسبوك أن “الأسئلة تركز على قياس الفهم ولن تكون إجابتها في الكتاب مباشرة، ومحاولة كتابة “براشيم” في الكتاب هي الثقافة القديمة البعيدة عن التعلم، التي تعتبر الامتحان هو محاولة للحصول على درجة لا تعبر عن الفهم وهو ما نريد تغييره”.

ورغم أن الوزير أكد أن هذه الامتحانات مجرد مرحلة تجريبية، وأنها ستكون بلا درجات، فإنه أكد أيضا أن هذه التدريبات مصممة لإعطاء أكثر من فرصة للطلاب للانتقال إلى “ثقافة الفهم المؤدي إلى الدرجات وليس الحفظ أو النقش أو الغش”.

المدارس المصرية تعاني من تكدس الطلاب (الجزيرة)

أموال ضائعة
بالنسبة للطالبة نور التي خاضت امتحان “الكتاب المفتوح” لأول مرة في امتحانات الصف الأول الثانوي، كانت التجربة سيئة للغاية، وتساوي بين الطالب المجتهد الذي يذاكر بجد منذ اليوم الأول في العام الدراسي، والطالب الذي يذاكر ليلة الامتحان.

وأضافت نور -في حديثها للجزيرة نت– أن أسئلة امتحان اللغة العربية كانت غير مباشرة، ولم يصلح معها وجود الكتاب، وكانت جزئيات الأسئلة كثيرة وتتطلب وقتا طويلا للإجابة عنها، ثم جرى تسريب باقي الامتحانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما تراه “متعمدا كي ينجح كل الطلبة ويشيدون بالنظام الجديد والتجربة التي اقترحها الوزير”، على حد قولها.

وتؤكد نور أن المنظومة التعليمية فاشلة، فالامتحانات تسربت ولم تقدر جهود الطلبة أو الأموال التي دفعها الأهالي في الدروس الخصوصية منذ أغسطس/آب الماضي.

الوزارة تؤكد أن القرار يساهم في تطوير العملية التعليمية (الجزيرة)

مؤيد ومعارض
أثار النظام الجديد جدلا بين أولياء الأمور والمعلمين، بين مؤيد لتقديم أنظمة تعليمية غربية تجنب الطالب الحفظ والتلقين، أو معارض لنظام يساوي بين الطلاب جميعا ولا يشجعهم على الاستذكار.

يرى وائل، مدرس الفلسفة بالمرحلة الثانوية، أن التجربة جيدة ويتمني تعميمها على المرحلة الإعدادية، فالنظام الجديد يدرب الطالب على أنظمة الامتحانات في بعض الجامعات، كما أن الحياة العملية تعتمد على البحث والاستعانة بالكتب والمراجع.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن نظام الكتاب المفتوح سيوفر تكاليف الكتب، حيث يعتمد الطلبة لاحقا على استخدام “التابلت” لجمع المعلومات والبحث على الإنترنت.

بينما تعلق إيمان -من أولياء الأمور- أن نظام الكتاب المفتوح بحاجة لدراسته جيدا قبل تطبيقه، ولابد أن تدرب وزارة التربية والتعليم المعلمين أولا على هذا النظام، ثم تنظم لقاءات بين المسؤولين وأولياء الأمور والطلبة لمناقشته قبل العمل به، وليس تطبيقه فجأة.

لكن لماذا اختار الوزير أن يبدأ تطبيق الكتاب المفتوح على طلاب الصف الأول الثانوي دون غيرهم؟ هكذا يتساءل محمد السيد مدرس رياضيات للمرحلة الثانوية، ويؤكد أن المفترض أن يبدأ تطبيقه منذ الصف الأول الابتدائي، ومن الصعب تطبيقه على طلاب الأول الثانوي الذين اعتادوا نظاما معينا للامتحانات طوال السنوات التسع الماضية.

وأضاف السيد للجزيرة نت أن هذا النظام معمول به في كثير من الجامعات، لكن طلبة المدارس لا يعرفونه، كما جاءت أغلب الأسئلة غير مباشرة، ولم يكن وجود الكتب مفيدا خلال الامتحانات، ورأي الطلبة يقلبون صفحات الكتب بحثا عن الإجابات خلال إشرافه على اللجان.

وحرص السيد على طمأنة الطلبة خلال الامتحان أنه مجرد تجربة، ولن يرسب أحد، ولا داعي للقلق، المهم هو الاستفادة من التجربة.

وترى شيماء، معلمة بالمرحلة الثانوية، أن تسريب الامتحانات أضر بتطبيق النظام، فكتب الطلبة الإجابات في الكتب، ودخلوا الامتحانات بالكتب ونسخوا الإجابات مما كتبوه دون تفكير.

وأكدت في حديثها للجزيرة نت أن النظام الجديد يضر بالمتفوقين، ويشجعهم على التوقف عن الاستذكار مستقبلا.

وأضافت أن نظام الامتحانات السابق أفضل كثيرا، ويمكن إجراء بعض التعديلات الطفيفة عليه، وليس استبداله كله.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *