هل فرضية المرض النادر تحل لغز وفاة الإسكندر الأكبر؟
|احتار المؤرخون طويلا واختلفوا حول سر وفاة الإسكندر الأكبر الذي مات شاباً في مطلع الثلاثينيات من العمر عام 323 قبل الميلاد. لكن اللغز الغريب ربما تم حله في النهاية بعد قرابة 24 قرناً من الزمان. ويقول المؤرخون إن الإسكندر لم يهُزم في أي معركة خاضها، لكن مرضاً نادراً قد يكون أودى بحياته.
لكن دراسة جديدة خلصت إلى أنه لقى حتفه بسبب اضطراب عصبي حاد نادر، وهو ضعف سريع للعضلات يسببها الجهاز المناعي للجهاز العصبي ويؤدي إلى الشلل. لكن الكشف الأهم أنه لم يمت مشلولاً فقط، فقد بقي ستة أيام على قيد الحياة قبل وفاته الحقيقية، بينما اعتقدت حاشيته أنه رحل، وربما كان يسمع نقاشاتهم حول خلافته وترتيبات ما بعد رحيله بينما يستعدون لدفنه قبل أن يموت في النهاية.
ويعرف المؤرخون أن جسد الإسكندر الأكبر لم يتحلل لمدة ستة أيام بعد موته المفترض، مما دفع اليونانيين القدماء إلى الادعاء بأن فيه صفات غير بشرية، لكن الواقع -كما تقول الأستاذة في كلية الطب بجامعة أوتاغو في نيوزيلندا كاثرين هول- أنه أصيب بالشلل بينما كان جسده قيد التجهيز للدفن.
وبالنسبة إلى الإغريق، فإن هذا يعد دليلا بأنه “إله”، لكن بالنسبة إلى كاثرين فإن هذا يثير تساؤلات لم تجب عنها النظريات السابقة التي لم تقدم أي إجابة شافية وكاملة عن عدم تحلل جسده طيلة ستة أيام بعد وفاته.
وقالت هول لصحيفة فوكس نيوز “لقد عملت لمدة خمس سنوات في مجال الرعاية الطبية الحرجة، ورأيت على الأرجح نحو عشر حالات شبيهة.. إن الجمع بين الشلل الصاعد والقدرة العقلية الطبيعية نادر للغاية، ولم أشاهده إلا مع الضعف السريع للعضلات”.
وحاليا، يصيب المرض ذاته واحدا من بين كل مئة ألف شخص في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
يشار إلى أن الإسكندر الأكبر يعد من أشهر القادة والفاتحين عبر التاريخ، وقد وُلد في مقدونيا عام 356 ق.م، وتتلمذ على يد الفيلسوف الشهير أرسطو. وبحلول عامه الثلاثين، كان قد بنى واحدة من أكبر وأعظم الإمبراطوريات التي عرفها العالم القديم، وامتدت من سواحل إيطاليا واليونان الحاليتين غربًا، وصولا إلى نهر السند في الهند وباكستان الحاليتين شرقًا.
شخصية الإسكندر الأكبر ألهمت الكثير من الأعمال الفنية على مدى التاريخ وخاصة في مجال النحت والسينما (غيتي) |
جسد الإسكندر بعد الوفاة
وأدت هذه الأعراض مع ذلك النوع من الشلل في جسد الإسكندر إلى انخفاض طلب الجسم على الأوكسجين، وهو ما من شأنه أن يقلل من معدل التنفس. كما أدت إلى عدم احتفاظ جسمه بحرارته، مع ثبات حدقة عينه وتوسعها، مما جعل الأطباء يظنونه ميتا، بينما كان قادراً على السمع والتفكير والشعور بما حوله.
ويشير البحث التاريخي إلى أن تشخيص الوفاة في تلك الأزمنة كان يعتمد على التنفس أكثر من النبض، وإذا كان جسده يعاني من شلل فقد كان تنفسه ضعيفاً للغاية، وقد لا يكون جسده الذي لم تظهر عليها علامات تحلل ما بعد الموت معجزة، فالحقيقة البسيطة أنه لم يكن قد مات بعد.
روايات قديمة جديدة
تفيد الروايات التاريخية القديمة أن الإسكندر أصيب بالحمى ووجع في البطن وشلل تدريجي متزامن ومتصاعد حتى وفاته، لكن لا يوجد شهود عيان سجلوا روايتهم بالتفصيل. وفي رواية أخرى أنه توقف عن الكلام ودخل في غيبوبة توفي بعدها، دون تقديم أي خطط لخلافته.
وقالت هول “على وجه الخصوص، لم تقدم أي من التفسيرات القديمة أي إجابة شاملة تعطي تفسيراً معقولاً ومجدياً لحقيقة ذكرها مصدر الرواية التاريخية وتتعلق بعدم ظهور أي علامات تحلل على جثة الإسكندر لمدة ستة أيام بعد وفاته”.
وأضافت أن ذلك التفسير يشرح سبب الشلل المخيف الذي أصاب الإسكندر بدءًا من ساقيه وذراعيه، قبل أن يجعله غير قادر على الكلام. ولا يؤثر المرض الناجم عن عدوى بكتيرية في المعدة على الدماغ، فقد “كانت حاسة النظر عنده غير واضحة، وانخفض ضغط دمه للغاية ودخل في غيبوبة، ولكنه كان على دراية بمحيطه ويمكنه سماع ما يدور حوله.. لذلك ربما سمع جنرالاته يتجادلون حول خلافته ومن سيخلفه، وربما سمع المحنطين المصريين الذين جاؤوا وكانوا على وشك البدء بعملهم”.
المصدر : مواقع إلكترونية