السيسي وماكرون.. شراكة إستراتيجية تختفي وراء الأعمال

يذكر الكاتب باتريك فوريتييه في تقرير نشرته مجلة “لوبوان” الفرنسية، أن أول زيارة رسمية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصر تأتي في إطار توثيق العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتوقيع اتفاقيات صناعية بقيمة مليار يورو.

ويقول الكاتب إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تمكن من إزاحة خصومه الإسلاميين وهو يواصل محاربتهم في المدن والصحراء بغية “كسب القلوب والأفكار”، ولكن الشعب في الوقت الحالي في حاجة إلى التنمية والاتصالات والسكن ووسائل النقل لحل مشكلة الازدحام الوحشي الذي يشل الحركة في شوارع القاهرة.

ويتابع أنه في هذا الإطار تأتي زيارة ماكرون، التي يرافقه فيها ممثلون عن قرابة خمسين شركة فرنسية على غرار “الهيئة المستقلة للنقل في باريس” (را تي بي)، وشركة “فينسي”، وشركة “فيوليا”، والشركة الوطنية للسكك الحديدية الفرنسية.

وذكر الكاتب أن هذه الشركات تسعى للمشاركة في مد خط مترو القاهرة وتجديد متحف القاهرة وقناة السويس، التي تحتفل بعامها 150. ومن المنتظر أن تشارك هذه الشركات في بعث مزرعة رياح والمساهمة في تشييد المدينة الجديدة التي أسسها السيسي في الصحراء على مقربة من العاصمة القاهرة، التي تعاني من التلوث والاكتظاظ السكاني.

العاصمة الإدارية
وقال الكاتب إن العاصمة الإدارية الجديدة أصبحت واقعا بفضل عشرات الآلاف من العمال والعديد من الشاحنات التي تعمل في أضخم مشروع في أفريقيا.

ويتمثل هذا المشروع في إنشاء طرق ومطار وجامع ضخم، وكنيسة قبطية كبيرة، ليثبت أن المسيحيين الذين سكنوا نهر النيل لقرون قبل مجيء الإسلام هم مواطنون مصريون أيضا.

وأكد الكاتب أن هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها رئيس مصري بناء مدن جديدة لتخفيف الازدحام في القاهرة، ولكن هذه المرة خصص السيسي ميزانية تقدر بنحو 40 مليار يورو.

وتعتبر هذه السوق المصرية بمثابة “جنة” بالنسبة لإيمانويل ماكرون الذي لا يطمح للاستثمار في التنمية بمصر فحسب، بل تعزيز مبيعات المعدات العسكرية أيضا.

مبيعات الأسلحة
وأشار الكاتب إلى أن زيارة ماكرون لمصر لا تكتسي طابعا اقتصاديا فقط، بل تشمل أيضا توقيع عقود تسليح جديدة، ومنذ سنة 2014 أصبحت مصر من أولى زبائن فرنسا في شراء الأسلحة، حيث بلغت مبيعات الأسلحة الفرنسية من إيرادات مصر سبعة مليارات يورو، شملت سفنا وطائرات حربية إلى جانب الصواريخ والرادارات وأنظمة الأسلحة.

وذكر أن العديد من منظمات حقوق الإنسان دعت فرنسا إلى إيقاف مبيعات الأسلحة الموجهة لمصر، واتهمت ماكرون بكفالة السياسة القمعية التي ينتهجها السيسي، الذي يضع معارضيه السياسيين وخاصة الإسلاميين منهم، خلف القضبان.

ولكن السيسي في الحقيقة بات شريكا إستراتيجيا هاما لفرنسا منذ أن “اقتنى” ناقلتين للمروحيات من نوع “ميسترال”، اللتين رفض الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند بيعهما لروسيا بعد شنها حربا في أوكرانيا وضمها لشبه جزيرة القرم.

وأوضح الكاتب أن الصفقة ظلت طي الكتمان خاصة التفاصيل المتعلقة بقيمتها وشروط الدفع، ومن المتوقع أن تكون السعودية قد تكفلت بهذه الصفقة باعتبارها حليفا لكل من فرنسا ومصر على حد سواء، لا سيما في ظل تقارب وجهات النظر بشأن الملف الليبي.

مكسب هام
وأورد الكاتب أن السيسي يعتبر “الشراكة الإستراتيجية” مع فرنسا بمثابة مكسب هام، خاصة بعد أن فوتت ألمانيا توقيع عقد إنشاء سفينتين حربيتين لمصر، عشية رفض برلين بيع الأسلحة للسعودية على خلفية تورطها في حادثة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقد ردت الرياض من جهتها برفض دفع تكاليف فاتورة السفينتين، مما تسبب في إلغاء الصفقة بين مصر وألمانيا، بعد ذلك، جرى تغيير هذا العقد بشراء فرقاطتين فرنسيتين من نوع “جوويند” من صنع شركة “نافال غروب”.

وأشار الكاتب أن من شأن هذه “الشراكة الإستراتيجية”، التي يريدها السيسي، أن تساهم في فتح آفاق تجارية أكبر للحكومة الفرنسية.

وعلى غرار نيكولا ساركوزي الذي كان يعتبر الرئيس المخلوع حسني مبارك حليفا مهما، يرى ماكرون أن مصر السيسي ليست حليفا في مكافحة الإرهاب فحسب، بل سوقا جديدة لتنتشر فيها الشركات الفرنسية، بغض النظر عن احتمال انفجار الشعب المصري مرة أخرى.

المصدر : الصحافة الفرنسية

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *