قطر وكوريا الجنوبية.. شراكة استراتيجية وعلاقات متقدمة في مختلف القطاعات
|وتظهر هذه الجولة حرص قيادتنا الرشيدة على تعزيز وتطوير علاقات قطر مع جميع الدول الشقيقة والصديقة، جنباً إلى جنب مع بذل أقصى الجهود وتسخير كافة الطاقات والإمكانات لبناء قطر الحديثة ، وتعزيز رفعتها وتطورها ، وتحقيق رفاهية وازدهار مواطنيها والمقيمين على أرضها، وتحصين الوطن ضد كل الأخطار والتحديات والتهديدات.
ومن المقرر أن يعقد صاحب السمو الأمير المفدى في المحطة الأولى من هذه الجولة مباحثات رسمية مع فخامة الرئيس مون جيه-إن رئيس جمهورية كوريا الجنوبية، تتركز على سبل دعم وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات إضافة إلى بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك .
وتبدي دولة قطر اهتماما كبيرا بعلاقاتها المتميزة مع كوريا والتي مضى عليها أكثر من أربعة عقود والتي تشهد تطوراً مستمراً ، يؤكد الرغبة المشتركة في توطيد هذه العلاقات، ودعم التعاون والشراكة الاستراتيجية وتمتين أواصر الصداقة بين البلدين وشعبيهما الصديقين.
وتتميز العلاقات القطرية الكورية بالقوة والتطور عبر تاريخها الممتد على مدار خمسة وأربعين عاما مضت ، فقد انطلقت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1974 وشهدت العلاقات الثنائية منذ ذلك الوقت العديد من التطورات السياسية والاقتصادية والثقافية والزيارات الهامة للمسؤولين بين البلدين… ومن أهمها زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى سول في نوفمبر 2014، وزيارة فخامة الرئيسة بارك كون هيه رئيسة جمهورية كوريا السابقة إلى الدوحة في مارس 2015. وقد سبق هاتين الزيارتين عدد من الزيارات الهامة، من بينها زيارة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني (حفظه الله) إلى جمهورية كوريا في أبريل من عام 1999، وزيارة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع في مايو 2015.
وهناك العديد من الزيارات المتبادلة على مستوى رئيس الوزراء والوزراء، والتي أسهمت جميعها في رفع العلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية التي تتولاها لجنة التعاون الاستراتيجي رفيعة المستوى، والتي بدأت عملها في عام 2012 ويجري عقدها بالتناوب، وتغطي مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك، وخاصة في قطاعات الطاقة والبناء والتجارة والاستثمار والزراعة والعلوم والتكنولوجيا، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصحة العامة، والصناعة الطبية والتعليم.
وظلت العلاقات الثنائية في مسار متطور بوتيرة سريعة ومنتظمة تعكسها جملة من الاتفاقات ومذكرات التفاهم والتعاون الاستراتيجي التي تم توقيعها بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والإعلامية والرياضية والأمنية، والرعاية الصحية والعلوم الطبية والنقل الجوي، وتشجيع الاستثمار، وتجنب الازدواج الضريبي، وفي مجال تنمية الموارد البشرية والبحوث الخاصة بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وفي مجال التكنولوجيا والابتكار، الأمر الذي ارتقى بهذه العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.
وانعكست العلاقات التجارية الوثيقة بين الدوحة وسول على حجم التبادل التجاري بين البلدين، والذي ارتفع خلال العام الماضي إلى ما يقرب من 12.5 مليار دولار، وتعتبر كوريا الجنوبية الشريك التجاري الثاني لدولة قطر.
وتزود قطر كوريا بثلث استهلاكها من الغاز الطبيعي المسال، بموجب اتفاق طويل الأجل يساهم في تعزيز الاستقرار لإمدادات الطاقة الكورية الموجهة للقطاعات الصناعية والسكنية، ويتم نقل هذا الغاز إلى الموانئ الكورية على متن أسطول من أحدث الناقلات العملاقة التي بنتها شركات كورية، بحجم استثمارات بمليارات الدولارات، كما تعد قطر سادس أكبر دولة لواردات كوريا الجنوبية من النفط .
وتصدر كوريا العديد من السلع إلى قطر من بينها السيارات ومعدات البناء الثقيلة، والمحولات الكهربائية، وتنشط العديد من الشركات الكورية في دولة قطر، ومنها 34 شركة كورية مملوكة بالكامل لمستثمرين كوريين برأسمال يزيد على المليار دولار، بينما يبلغ عدد الشركات القطرية الكورية المشتركة 115 شركة تعمل برأسمال يقارب الملياري دولار. وتشارك 15 شركة كورية في مشاريع البنية التحتية القطرية مثل مترو الدوحة، وطريق الوسيل السريع، ومحطة أم الحول للطاقة وتحلية المياه .
وتشترك الدولتان في تبني ودعم المبادئ العالمية الداعية للحفاظ على قيم السلام والعدالة والاحترام المتبادل وحق الشعوب في العيش الكريم والحرية وتقرير المصير وصون الأمن والسلم الدوليين… وفي هذا السياق تدعو كوريا الجنوبية لحل الأزمة الخليجية بالحوار بين الأطراف المعنية ، كما رحبت دولة قطر باتفاق الكوريتين الشمالية والجنوبية على إخلاء شبه الجزيرة الكورية من الأسلحة والتهديدات النووية والإجراءات ذات الصلة التي تصب في مصلحة السلام والاستقرار بالمنطقة.
تقع شبه جزيرة كوريا في أقصى شرقي آسيا، وتحدها الصين شمالا، وبحر الصين غربا، وبحر اليابان شرقا، وتزيد مساحة كوريا الجنوبية قليلا على مائة ألف كيلومتر مربع ، أما عدد سكانها يقدر بحوالي 51 مليون نسمة يتركز غالبيتهم في العاصمة سول والمدن الكبرى الأخرى، مثل بوسان و تيجون وإنشون.
كوريا الجنوبية بلد يفتقر إلى الموارد الطبيعية والطاقة والمعادن وتغلب عليه الطبيعة الجبلية التي تشكل نسبة 70 بالمائة من أراضيها… وخلال العقود الأربعة التي أعقبت الحرب الكورية في الخمسينيات، حققت كوريا الجنوبية قفزات اقتصادية مذهلة، وبرزت كواحدة من قصص النجاح الاقتصادي الأكثر روعة في القرن العشرين، وزادت من الناتج المحلي الإجمالي للفرد بمعدل أسرع من أي من جيرانها، واستطاعت تحقيق نمو اقتصادي جعلها صاحبة رابع أكبر اقتصاد في آسيا .
وتعتبر العاصمة سول المركز السياسي والاقتصادي الرئيسي هناك، وتضم كوريا معالم سياحية من أهمها القصور الملكية والمتحف الثقافي الكوري، والمتحف الوطني، وبرج نامسان المصنف ضمن أعلى الأبراج في العالم، والقرية الشعبية الكورية وجزيرة جيجو وجبال سيروكسان وجزيرة نامي، ونهر تشيونغ غي تشيون الصناعي، والمنطقة المنزوعة السلاح الفاصلة بين الكوريتين… وتعد كوريا الجنوبية من البلدان المتقدمة جدا في مجال الطب ويزور مستشفياتها الكثير من الأجانب فيما يعرف بالسياحة العلاجية.
;