أزمة البريكست.. ماي تحارب الجميع فهل يوقفها البرلمان؟
|الجزيرة نت-لندن
إلى المجهول تتجه أزمة الخروج من الاتحاد الأوروبي مع استمرار التخبط في سياسات رئيسة الوزراء تيريزا ماي التي جاء خطابها الثاني في البرلمان مساء أمس الاثنين مخيبا للآمال بحسب مراقبين.
وعادت ماي لتكرار ما قالته الأسبوع الماضي من أن البديل عن خطتها الحالية هو الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، رافضة فكرة تمديد فترة بقاء بريطانيا في الاتحاد، وسط تقارير تؤكد تحرك نواب في البرلمان من أجل تعطيل المادة 50 وتأجيل الخروج البريطاني.
وتتزايد الترجيحات بأن يقدم البرلمان على إجبار تيريزا ماي على تجميد العمل بالمادة 50 وتمديد بقاء المملكة المتحدة في بريطانيا إلى حين الوصول لاتفاق مرض، أو إلغاء الخروج نهائيا بعد إجراء استفتاء ثان.
حالة تمرد
وفي هذا السياق، كشف تحقيق لصحيفة “صنداي تايمز” عن تحرك برلماني لنواب يعتزمون طرح تعديلات تتعلّق بنظام عمل البرلمان، لعرقلة خطط ماي بشأن “الطلاق” مع الاتحاد الأوروبي، وانتزاع هذا الملف منها.
وبين التحقيق أن “نوابا متآمرين يفوق عددهم العشرين” بقيادة النائب المحافظ “المتمرد” دومينيك غريفي، يريدون تجميد الفصل 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، لعرقلة خطط ماي بشأن الخروج.
لكن رغم هذه المخاوف والتوجسات من إقدام ماي على الذهاب نحو خيار الخروج دون اتفاق، يبدو واضحا للمراقب أن الحكومة والمعارضة متفقان على ضرورة الوصول لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي يعتقده الباحث في المعهد الملكي للدراسات المتحدة رافيلو بانتوشي.
بانتوشي ورغم شعوره بقدر قليل من التفاؤل، فإنه قال للجزيرة نت إن الحديث عن استقالات محتملة للنواب المحافظين المتشددين والداعمين “للهارد بريكست” (الخروج دون اتفاق)، يدل على أن الطريق ستمهد أكثر للوصول إلى اتفاق.
في المقابل، اتهم زعيم حزب العمال المعارض جيرمي كوربين تيريزا ماي بصم آذانها، ورفضها الاستماع لمجلس العموم المعارض لخطتها. كوربن تمسك بموقفه الرافض لإجراء مشاورات مع الحكومة ما لم تعلن على الملأ تراجعها عن الخطوط الحمر التي أعلنتها سابقا بخصوص خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي، معتبرا مضيها في ذات الخطة يعني أخذ البلاد إلى المجهول.
دور البرلمان
وفي سياق تصاعد الدعوات والأصوات المطالبة بضرورة التحرك ضد خطة تيريزا ماي وسحب ملف البريكست من يدها، دعت الكاتبة البريطانية “جينا ميلر” البرلمان إلى العمل لمنع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، وعدم ترك هذ الأمر بيد رئيسة الوزراء التي ربما تقدم على هذا الخيار.
ميلر عبّرت عن اعتقادها بأنه في الوقت الذي تبدو فيه المعارضة والحكومة غير متعاونتين بشأن ضرورة الوصول لاتفاق للخروج من فوضى البريكست، فإن هذا الوضع يستدعي تدخلا برلمانيا.
ورغم تأكيدها على استبعاد قرار الخروج دون اتفاق، فإن ماي تركت الباب مفتوحا لهذا الخيار، مما أشاع حالة من الذعر والقلق لدى المراقبين السياسيين، خاصة مع إعلان الاتحاد الأوروبي أنه لن يعيد التفاوض مع المملكة المتحدة مرة أخرى، جنبا إلى جنب مع بقاء معضلة إيرلندا الشمالية قائمة كلغم من شأنه تفخيخ أي اتفاق.
ومن أبرز الجوانب الحساسة في عملية “بريكست”، تلك المتعلقة بأزمة الحدود بين جمهورية إيرلندا العضو لدى الاتحاد الأوروبي وبين إيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا، حيث ينص اتفاق الجمعة العظيمة -أو “بلفاست”- الموقع في أبريل/نيسان 1998، على ألا تكون هناك حدود فاصلة بين جزئي إيرلندا.
ومما يزيد فرص تأجيل البريكست أو إلغائه هو التغير الكبير في الرأي العام البريطاني، حيث أظهر استطلاع أجرته مؤسسة “يوغوف” لقياس الرأي العام مؤخرا أن بريطانيا قد تصوت لصالح البقاء داخل الاتحاد الأوربي بفارق 12 نقطة مئوية إذا تم تنظيم استفتاء ثان.
وبيّن الاستطلاع أن 56% سيصوتون لصالح البقاء في الاتحاد الأوربي، وأن 44% سيصوتون لصالح الخروج منه، وهي نسبة تعكس حجم الانقلاب الذي حصل في المزاج العام البريطاني.
المصدر : الجزيرة