تجمع ديمقراطي لكسر قطبية فتح وحماس وإنهاء انقسامهما
|ميرفت صادق-رام الله
وتعبّر السيدة -وهي ناشطة مجتمعية من قرية بيت عنان المحاطة بالاستيطان الإسرائيلي قرب القدس المحتلة- عن مخاوف متداولة في الشارع الفلسطيني حول فصل قطاع غزة عن الضفة، وتثبيت ما تسمى “صفقة القرن الأميركية-الإسرائيلية”، التي تسعى لتصفية الحقوق الفلسطينية.
هذه المخاوف يطرحها التجمع الديمقراطي الفلسطيني، الذي أعلن انطلاقته بائتلاف خمس قوى فلسطينية، هي: الجبهتان الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني وحزب فدا، بالإضافة إلى المبادرة الوطنية. ويسعى لكسر قطبية حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والتحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في الساحة الفلسطينية وإنهاء انقسامهما.
وخلال مسيرة حاشدة للتجمع، رفع مئات المشاركين شعارات تطالب بالوحدة ووقف العقوبات التي تُتّهم السلطة الفلسطينية بفرضها على قطاع غزة، وعدم المس بالحريات العامة وتشكيل جبهة مقاومة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
عمر شحادة يحذر من حرب أهلية واقتتال على غرار ما حدث في 2007 (الجزيرة) |
وقال القيادي في الجبهة الشعبية عمر شحادة إن التجمع الجديد يهدف إلى طرح خطة إنقاذ وطني في ظل المخاطر المحدقة بالشعب الفلسطيني بسبب استمرار الانقسام ومخاوف الانفصال التام.
ويعتقد شحادة أن الفلسطينيين سيكونون على أبواب حرب أهلية واقتتال على غرار ما حدث عام 2007 بين فتح وحماس إذا لم تتوفر خطة إنقاذ وطني، خاصة بعد موجة التصعيد الأخيرة بين الطرفين، والتي انتهت بسحب السلطة ممثليها في معبر رفح، وتصاعد التراشق الإعلامي بينهما بعد اتهام السلطة لحماس بمحاولة الانفصال بدويلة في غزة، وإعلان الرئيس محمود عباس حل المجلس التشريعي الذي تشكل حماس أغلبيته.
وقال شحادة إن تحرك القوى الديمقراطية في تجمع موحد بداية شق طريق من كل التيارات والمستقلين من أجل إنهاء الانقسام والخروج من الأزمة الراهنة والعمل على إسقاط ما تسمى صفقة القرن، وكذلك قانون القومية الاسرائيلي، والنهوض بالمقاومة الفلسطينية كبديل وحيد عبر الوحدة الوطنية.
وحسب شحادة، فإن التجمع لن يضم قوى اليسار فقط، بل كل أبناء الشعب الفلسطيني، وهدفه كسر ما سمّاه “الحلقة الشريرة” الناتجة عن الثنائية القطبية بين فتح وحماس، والتي قادت -حسب رأيه- إلى شل مؤسسات العمل الوطني وتأزم الحياة السياسية والاجتماعية.
ودعا الرئيس عباس إلى تحمل المسؤولية لقطع الطريق على مخططات الاقتتال وتخريب السلم الأهلي ووقف التراشق الإعلامي والاعتقالات السياسية. لكنه عبر عن مطالب التجمع أيضا بوقف انتهاكات حقوق الإنسان وتأمين لقمة العيش الكريمة والحماية الاجتماعية للناس، والكف عما وصفه “بالعبث بالموازنة الفلسطينية لحساب الأجهزة الأمنية على حساب اقتصاد الصمود”.
الضغط الشعبي
وتحدث الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي عن آليات تطبيق شعارات التجمع، وقال إن الضغط الشعبي في الشارع سيكون أولاها، مع تنظيم مظاهرات موحدة في كل مدن الضفة وغزة.
وحسب البرغوثي، فإن للتجمع قيادة تسمى اللجنة التوجيهية، وتمثل كل القوى والتيارات الوطنية، وقال إن هذه القيادة ستكون على اتصال مع قيادتي فتح وحماس لتحقيق الوحدة.
ويختصر القيادي في الجبهة الديمقراطية رمزي رباح رؤية التجمع في اعتبار إنهاء الانقسام ضرورة أساسية لمقاومة صفقة القرن الأميركية ومخططات إسرائيل التوسعية، ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية، والدعوة إلى اجتماع الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير بمشاركة جميع الفصائل لإقرار برنامج وطني، والعمل على التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات جديدة للمجلس الوطني لمنظمة التحرير لتجديد كل المؤسسات الوطنية.
وركز رباح على ضرورة تطبيق قرارات المجلس الوطني في جلساته السابقة بإلغاء التنسيق الأمني والاتفاقيات الاقتصادية بين السلطة وإٍسرائيل وسحب الاعتراف من إسرائيل ومغادرة “أوهام العودة إلى المفاوضات الثنائية معها”.
وقال إن قوة هذا التجمع تنبع من تعبيره عن تيار جماهيري عريض يريد إنهاء الانقسام، بالإضافة إلى أنه لن يكتفي بالمطالبات، بل سيقدم خريطة طريق بخطوات ملزمة للطرفين؛ كالضغط في الشارع الفلسطيني لتطبيق التفاهمات الموقعة بينهما بعيدا عن حسابات السلطوية والفئوية، وهو ما سيعرضه التجمع في مبادرة سياسية قريبة.
قوة ثالثة
وحسب رأي المحلل هاني المصري، فإن على التجمع الجديد تقديم نموذج عمل جديد للضغط الشعبي كي يحدث التغيير، وبهذا سيلحق به الشعب الفلسطيني الذي دفع ثمنا غاليا جراء الانقسام.
ويعتقد المصري أن الساحة الفلسطينية مهيأة فعلا لاستقبال قوة ثالثة للتأثير إلى جانب فتح وحماس، إذ تشير الاستطلاعات إلى أن نحو ثلث الفلسطينيين في الضفة وغزة يريدون تحركا أو نموذجا سياسيا جديدا.
ويعتقد المصري أن هذا التجمع سيكون له ثقل في أي انتخابات قادمة، وفي أي حراك ضاغط إذا غُلبت فيه المصالح الوطنية على مصالح الأحزاب، وإذا صمد في وجه الضغوط التي يمارسها “طرفا الانقسام”، وإذا لم تكن غايته البحث عن محاصصة في النظام السياسي.
وتبعا لأحدث استطلاع للمركز الفلسطيني للبحوث المسحية نهاية ديسمبر/كانون الأول المنصرم، فإن 69% من الفلسطينيين في الضفة وغزة سيشاركون في الانتخابات البرلمانية إذا جرت.
وفي نتيجة متقاربة جدا، سيصوت 35% منهم لحركة فتح، في حين سيصوت 34% لحماس، وستحصل القوائم الأخرى مجتمعة على 10%. وقال 21% من المستطلعين إنهم لم يقرروا لمن سيعطون صوتهم، وهم الفئة التي يسعى التجمع الديمقراطي لاستقطابها في حراكه الجديد.
المصدر : الجزيرة