موقع ألماني: لماذا يضغط الإعلام على برلين بشأن ملف التسليح؟
|تطرّق تقرير نشره موقع “وورلد سوشاليست” الألماني لمشاعر الخوف والقلق في وسائل الإعلام الرائدة بألمانيا في ظل التطورات السياسية التي تشهدها البلاد، ووسط التغيرات في المواقف الأميركية والدولية.
ويقول الكاتب بيتر شوارز في تقريره إن مصدر هذا القلق يعود إلى أن الإطار السياسي العالمي الذي مكن ألمانيا من الارتقاء لتصبح قوة اقتصادية عظمى، ومن السيطرة على الصراعات الطبقية، قد ولى.
ويضيف أن هناك أيضا شعورا بالعدائية في ظل الاعتقاد بأن الأزمة التي تشهدها الرأسمالية العالمية تتطلب بالضرورة تدخلا عسكريا مكثفا وفرض جولة أخرى من الضرائب.
وفي هذا السياق، ينسب الكاتب إلى مجلة “دير شبيغل” دعوتها إلى تسريع عملية إعادة التسليح، رغم بلوغ الزيادة في نفقات الأسلحة نسبة 2% من الناتج المحلي أو أكثر من 80 مليار دولار سنويا.
دعوة للشجاعة
وتقول المجلة تحت عنوان “المزيد من الشجاعة” إن العالم الحالي سيكون “عالما من دون الولايات المتحدة“، مضيفة أن ضمان المساعدة من حلف شمال الأطلسي (ناتو) لن يكون سوى أمل مبهم.
وترى أنه لهذا السبب يجب على السياسة الألمانية أن تتحلى بالشجاعة لكي تتحدث علنا عن الأمن الذي ترغب فيه البلاد.
وينسب الموقع إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تأكيد عزمها على إعادة تسليح البلاد بشكل أسرع، وقولها إنه “يجب أن نأخذ على عاتقنا مسؤولية أكبر فيما يتعلق بمصالحنا الخاصة”.
وتضيف ميركل أنه خلال السنتين القادمتين، ستصبح ألمانيا عضوا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأن برلين ستعمل على التوصل إلى حلول فيما يتعلق بالقضايا الدولية، وأن نفقاتها في مجال الدفاع سترتفع.
نزعة عسكرية
ويؤكد الكاتب أن الأحزاب في البرلمان لم تبد معارضتها لعودة النزعة العسكرية في ألمانيا، مشيرا إلى أن هذه الأحزاب بدءا من الحزب اليميني المتطرف “البديل من أجل ألمانيا” إلى حزب “الخضر”، وصولا إلى حزب “اليسار”، كلها تؤيد هذه الفكرة، لا سيما إذا كان التوجه إلى إعادة التسليح مبررا وجاء كرد فعل على مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويستدرك صاحب التقرير بأن النزعة العسكرية في ألمانيا لا تحظى بدعم كبير من جانب الشعب الألماني، ولذلك تواجه القوات المسلحة صعوبة كبيرة في العثور على عدد كاف من المجندين.
ويضيف أن الأغلبية الساحقة تعارض الزيادة في نفقات شراء الأسلحة ونشر جنود الناتو على الحدود الروسية.
ومع عودة النزعة العسكرية، يقول الكاتب إنه من المرجح أن تعود الطبقة الحاكمة إلى استخدام أساليب الحكم السلطوية، وذلك لقمع كل الحركات المقاومة للحرب، فضلا عن بلوغ مستويات مأساوية من عدم المساواة بين الطبقات الاجتماعية.
كارثة محققة
ويقول الكاتب إنه -كما هو الحال في الحربين العالميتين الأولى والثانية- يتجه العالم نحو كارثة محققة، إذا لم تتدخل الطبقة العاملة في الوقت المناسب.
ويضيف أنه في هذا السياق، تعمل بعض الأحزاب على إنشاء حركة مناهضة للحرب تستند إلى جهود الطبقة العاملة الدولية التي تجمع بين النضال ضد الحرب وبين النضال ضد الرأسمالية.
ويشير الموقع إلى أن صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” تحدثت من جانبها عن المخاطر التي ستواجه ألمانيا عام 2019، وقالت إن البلاد تواجه مستقبلا غامضا وإن الأمة الألمانية تعيش أوقاتا عصيبة.
وترى الصحيفة أن هذه الحال تعود إلى وجود رئيس أميركي غير مقيد من جانب أقطاب المعارضة في حكومته، وإلى اتحاد أوروبي مكبّل بسبب فوضى البريكست، مضيفة أن السياسة الحمائية تتسب في تباطؤ الاقتصاد العالمي، الأمر الذي يعد انتصارا للشعبويين.
عوامل مؤثرة
وتذكر الصحيفة عوامل ترى أنها يحتمل أن تؤثر في الولايات المتحدة مباشرة، وتتمثل في الفوضى التي أحدثها ترامب، واستقالة وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، وتزايد قوة حركة طالبان في أفغانستان، وتفشي الفوضى في سوريا، بالإضافة إلى تواجد روسيا وعودة تنظيم القاعدة.
كما يشير الكاتب إلى موقف صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” التي تعتقد أن منهج ترامب يمثل أكبر تحد يواجه ألمانيا.
وتتحدث هذه الصحيفة عن استقالة ماتيس وخطاب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ضد الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الأمر الذي يعد بمثابة دليل على أن منهج ترامب لا ينم فقط عن وجود مشاكل في شخصيته، وإنما عن وجود حركة أيدولوجية في غاية التطرف تقف خلفه.
ويرى كاتب التقرير أن ألمانيا تحاول التخلي عن الدفاع عن مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية، في إطار النضال من أجل الليبرالية والتعددية ضد القومية الأميركية، خاصة أن قوتها العسكرية لا تضاهي قوة الولايات المتحدة.
ويختتم تقريره بأنه في بداية 2014 أعلن ممثلون عن الحكومة الألمانية عن ضرورة توقف ألمانيا عن “التعليق حول السياسة العالمية في الوقت الذي تتخذ فيه وضعية المتفرج”، وعن لعب دور عسكري يتماشى مع وزنها الاقتصادي. ويقول إن ألمانيا اتبعت منهجية إعادة التسليح من ذلك الحين.
المصدر : الصحافة الألمانية,الجزيرة