هاربة يمنية من زواج القاصرات.. مرشحة نوبل للطفل العالمي

رولا عصفور-عمان

صباح السابع من يوليو/تموز 2013، اكتشفت ندى الأهدل (10 سنوات آنذاك) أن حذاءها في غرفة نوم والديها، طرقت الباب وهي تتخيل نفسها تواجه والدتها التي ستخرج من الغرفة قائلة لها “ناوليني حذائي.. قررت الهروب من المنزل”.

تقول ندى للجزيرة نت “لحسن الحظ لم يجب أحد، توجهت من غير تفكير إلى الباب الرئيسي للبيت.. ارتديت حذاء والدي وخرجتُ إلى بيت عمي عبد السلام، لم أجده فتوجهت لأقرب كابينة (مخدع هاتفي)، واتصلت به ولم يجب. اتصلت بصديقه الذي أكد أن عمي سافر إلى خارج اليمن، طلبت منه أن يساعدني وزوجته صديقتي، رضخ عندما هددته باللجوء لغيرهما”.

ذهبت مع صديقتي إلى مدينة الحُديدة غربي اليمن، التي تبعد ست ساعات عن صنعاء، وصورت فيديو مدته دقيقتان كرسالة إلى عمي لإطلاعه على الضغوط التي يفرضها أهلي عليّ بسبب رفضي الزواج بديلة لشقيقتي بعدما أقدمت على حرق نفسها.

نشرت الفيديو على يوتيوب وفوجئت بمشاهدته من قبل ثمانية ملايين مرة، وترجم إلى 40 لغة عالمية خلال ثلاثة أيام، بعدها علمتُ أن أهلي قدموا بلاغا للشرطة وأنني تعرضت للخطف. عندها ذهبت مع صديقتي إلى صنعاء ولجأت لوزارة الداخلية.

العم عبد السلام الإنسان العظيم في حياة ندى (الجزيرة)

المنقذ الوحيد
وعن سبب اختيارها لعبد السلام دون غيره من أعمامها؟ توضح ندى “أعيش وأهلي في الحُديدة، وعادة عمي يصطحب في الإجازة الصيفية ثلاث أو أربع فتيات لدراسة اللغة الإنجليزية والحاسوب في صنعاء، وكان وقتها دوري”.

وعلمت حينها أنه تم عقد قراني على الرجل الذي كان خطيب شقيقتي، وزواجي سيتم بعد ثلاثة أيام لذا قررت الهروب إلى عمي، لأنه يهتم بتعليم فتيات العائلة، فوجدته المنقذ الوحيد وسيوافق على تعليمي إذا أقمت في بيته.

خلال أيام شاهد عبد السلام الفيديو بواسطة أصدقائه الذين ساهموا بنشره على صفحته الخاصة في فيسبوك. ترك عمله وعاد إلى صنعاء ووجدني في وزارة الداخلية، حققوا معه ومع أهلي، ثم تم فسخ عقد الزواج وتوقيع أهلي على مستند يلزمهم بعدم زواجي قبل الـ18 عاما، وسُلمت لعمي بناء على طلبي، وهو شخص عظيم ونعمة لن تتكرر في حياتي.

بديلة في جريمة!
يعتقد الناس أنّي فتاة متمردة على عادات وتقاليد أهلي ومجتمعي، لكن الحقيقة هي شعوري بالخوف بسبب انتحار خالتي في الثالثة عشر لتعذيبها بعد زواجها، وقيام شقيقتي بحرق نفسها وهي في الثانية عشر رعبا من أن تكون ضحية كخالتي.

التجارب المأساوية جعلتني أرفض أن أكون بديلة في جريمة ترتكبها العائلة أمام صمت الجميع.

من حق ندى أن تتعلم وأن تصبح محامية تدافع عن حقوق الفتيات (الجزيرة)

حقيقة استغلالها
وتؤكد ندى أنها تشعر بالندم رغم تهديدي من جماعات مؤثرة في المؤسسات الرسمية اليمنية حتى لا تؤثر قصتي في مؤتمر الحوار الوطني الذي كان يقر الدستور اليمني الجديد وقتها.

استخدموا منظمة تحمل مسمى حقوقي شككت في صحة قصتي وأكدت أني تعرضت للاستغلال. فتم احتجازي في دار لرعاية الفتيات بحجة أنه يجب أن لا أعيش مع عبد السلام لأنه أعزب، لكن الهدف الحقيقي كان إخفائي كي لا يُقر قانون يحرم زواج القاصرات.

بعد إقرار الدستور، تزوج عمي كي تتأكد الجهات المسؤولة من عيشي في مكان آمن، وعشت معه ومع زوجته التي أعتبرها أمي وأختي وصديقتي.

بعد خروجي التقيت بناشطين قالوا إنني أحدثت تغييرا في تزويج القاصرات لم تحدثه نضالات منظمات حقوقية، مما زاد إصراري وقوتي.

مساعدة جيلها
أنشأتُ مؤسسة ندى لحماية حقوق الطفل، التي يمولها عبد السلام بنسبة 80% من راتبه، إضافة لعائد كتابي “ندى الصباح”، الذي يتحدث عن قصتي، وصدر باللغة الفرنسية عام 2015 عن دار ميشيل للنشر، وترجم للهولندية والألمانية، وسيترجم لسبع لغات.

نعمل كمتطوعين، مولنا مشروع ملاذات آمنة لمساعدة الفتيات، ومشروع أحلامنا تتحقق، ويستهدف تعليم 10 آلاف فتاة اللغة الإنجليزية، وهناك حاليا ثمانية فصول تتعلم فيها 500 فتاة، ونأمل إيجاد داعمين لنؤثر في الأجيال القادمة.

ندى: لا تهمني الألقاب ولا الجوائز، وأشعر بالفخر بأن هناك أطفالا مؤثرين أصبحوا صناع سلام (الجزيرة)

جائزة نوبل
وعن ترشيحها لجائزة نوبل للطفل العالمي للعام 2018، تقول ندى “أؤمن بأن الشخص الحقيقي الذي يؤثر في المجتمع هو من يعمل على الأرض، لا تهمني الألقاب ولا الجوائز، وأشعر بالفخر بأن هناك أطفالا مؤثرين أصبحوا صناع سلام”.

بنت العاشرة مطلقة
وعن دورها في إنقاذ نجود من الزواج وبيع الخاتم الذي بيدها لشراء ألعاب وممارسة حقوقها الطفولية في فيلم “أنا نجود بنت العاشرة مطلقة”، الفائز بعدد من الجوائز ورشح لجائزة الأوسكار، تقول إنه يمثل قناعتها بأهمية الفن السابع والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والناشطين الحقوقيين في التوعية بخطورة زواج القاصرات.

اختطاف ندى وعمها
أصعب تجربة عاشتها ندى اختطافها وعمها عبد السلام عام 2015 من قبل تنظيم القاعدة لمدة 14 يوما بسبب نشاطها الحقوقي وتحريضها على العادات والتقاليد.

وتستذكر “حققوا معنا، وأجبرونا على حضور محاضرات لإقناعنا بتوقيف نشاطنا، وأفرج عنا بعدما أذاع الإعلام الجنوبي خبر اختطافنا من قبل القاعدة، وسافرنا في نفس العام خارج اليمن”.

 ندى: أتمنى أن أحدث تأثيرا في مجتمعي (الجزيرة)

أهلي وأمنياتي
وعن علاقتها بوالدها ووالدتها وأشقائها وشقيقاتها العشرة، تقول ندى “أصبحوا مساندين لي وشركاء في تغيير المجتمع، وأقنعتهم بإيقاف زواج أختي الصغرى، فخورة بهم على قدر فخرهم بي”. 

وتضيف أن اللجوء الذي نعيشه حرمني من التعليم، ففي دولة عربية رفض قبولي بحجة أن تأثيري سيكون سلبيا على الفتيات، وبعدها بعام طلب مني أن أدرس من المنزل حماية لهن.

قريبا سأسافر إلى جنوب أفريقيا لدراسة اللغة الإنجليزية، كخطوة لتحقيق أحلامي لدراسة المحاماة لمساعدة الفتيات في مجتمعي.

عبد السلام: شعرت بالخوف على ندى من الانجراف في مسلسل العنف والموت كخالتها وشقيقتها، فوقفت لجانبها (الجزيرة)

العم عبد السلام
يقول عبد السلام الذي تعرض للعنف في طفولته، “للأسف المجتمع اليمني يتعامل مع الأنثى على أنها عار، وليس لها سوى زوجها وقبرها”.

وعن اتهامه باستغلالها وتحريضها، يبين عبد السلام أن لكل قضية خصوما، لذا أركز على دوري كولي أمرها ورفع وعيها الثقافي وحمايتها، ولا يقلق بالي سوى مساعدتها لإنهاء دراستها.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *