قاده ملازم واستمر ساعتين.. كيف أحبطت الغابون محاولة الانقلاب؟
|محمد بنكاسم-الجزيرة نت
أحبطت سلطات الغابون محاولة انقلاب اليوم لم تستمر سوى بضعة ساعات، وألقت القبض على متزعم المجموعة الانقلابية بعد ساعات من سيطرتها على مقر الإذاعة والتلفزة بالعاصمة ليبرفيل، في مسعى لإنهاء حكم عائلة الرئيس علي بونغو المستمر منذ 50 عاما.
وأثارت المحاولة الانقلابية الكثير من علامات الاستفهام والاستغراب في هوية منفذيها وتوقيتها وطريقة تنفيذها ومدتها، فمحاولة الانقلاب قام بها ستة ضباط في الحرس الجمهوري فقط يتزعمها الملازم كيلي أوندو أوبيانغ، الذي قدم نفسه بصفته مساعد قائد الشرف في الحرس، وأنه قائد لحركة غير معروفة اسمها “الحركة الوطنية للدفاع والأمن في الغابون”.
ولعل الرتبة العسكرية لقائد الانقلابيين تفسر جزئيا سبب فشل محاولة الإطاحة بحكم بونغو، فأوبيانغ ملازم في فرقة عسكرية شرفية، وليس قتالية تقوم بمهمتها أثناء المراسيم المرتبطة برئيس البلاد.
بيان الانقلابيين
ومن المثير في نص البيان الذي ألقاه زعيم الانقلابيين داخل مقر مبنى الإذاعة والتلفزيون بالعاصمة ليبرفيل أن أوبيانغ لم يتحدث عن أي دعم لمحاولتهم من لدن قطاعات الجيش الغابوني وكبار قادته، بل دعا البيان الجنود والشباب إلى النزول للسيطرة على الشارع، وهو ما لم يلق استجابة في الميدان.
وندد البيان العسكري بتشبث الرئيس بونغو بالسلطة رغم مرضه وشكك في قدرته على الاستمرار في منصبه، ووصف المؤسسات القائمة بغير الشرعية وغير القانونية.
ومما يعزز أن هذه المحاولة الانقلابية لا تستند إلى تنظيم قيادي داخل الجيش أن العسكريين القلائل الذين نفذوا المحاولة لم يكن معهم سلاح ثقيل أو مجموعة كبيرة من العسكريين، وهو ما يفسر سرعة إنهاء السلطات للمحاولة الانقلابية، فالمجموعة سيطرت على مبنى الإذاعة وتلت بيانها في السادسة والنصف صباحا، وفي الساعة الثامنة صباحا كانت قوات الحرس الجمهوري قد سيطرت على المبنى وتطوقه من كل اتجاه، كما اعتقلت أغلب أعضاء الانقلاب.
وأعلنت الحكومة الغابونية أن الوضع تحت السيطرة وأن مؤسسات البلاد مثل الحكومة تعمل بطريقة عادية، وأن حدودها لا تزال مفتوحة، وقد فرضت حظرا للتجول في العاصمة ونشرت قوات ودبابات ومدرعات حول مبنى الإذاعة وفي الشوارع الرئيسية للمدينة.
الرئيس الغابوني غائب عن البلاد منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقب إصابته بجلطة دماغية بالسعودية ويعالج حاليا بالمغرب (غيتي) |
ومن اللافت في بيان قائد المجموعة دعوته مجموعة من الشخصيات المدنية والسياسية والعسكرية في البلاد للالتحاق بالمحاولة الانقلابية، ومنها رئيسة مجلس الشيوخ لوسي ميلبو أوبوسون، وهو أمر غير مألوف في المحاولات الانقلابية التي تستند إلى منطق القوة العسكرية، وتأمين ولاء قطاعات رئيسية في الجيش لإنجاح الانقلاب، وهو ما يفسر سبب عدم إعلان الانقلابيين سيطرتهم على أي ثكنة أو قاعدة عسكرية، كما لم تلتحق أي قطاعات في الجيش عقب إلقاء البيان.
وتورد صحيفة لوموند الفرنسية على لسان مصدر حكومي غابوني، فضل عدم الكشف عن نفسه، أن مدبري المحاولة الانقلابية هم بضعة جنود شباب عليهم ديون كثيرة، ولم تدرج أسماؤهم في لوائح الترقيات نهاية العام الماضي.
ويضيف المصدر الحكومي نفسه أن السلطات ستفتح تحقيقا في المحاولة الانقلابية للكشف عن الجهات التي ساهمت فيها.
غياب الرئيس
وجاءت هذه المحاولة الانقلابية في وقت يغيب فيه رئيس الغابون عن البلاد منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقب تعرض لجلطة دماغية أثناء مشاركته في مؤتمر استثماري في السعودية، ليعالج في المملكة بعض الوقت، ثم سافر إلى المغرب لاستكمال علاجه إلى الآن.
ومن العاصمة المغربية، وجه الرئيس الغابوني خطابا لمواطنيه بنهاية العام الماضي في أول ظهور له على شاشة التلفزيون، وبدا فيه غير قادر على تحريك ذراعه اليمنى ويتلعثم في الخطاب، وهو ما أثار التكهنات حول صحته وتاريخ عودته إلى البلاد.
المصدر : الجزيرة + وكالات,لوموند