رحيل نحات الثورة الليبية.. حوّل ذخيرة القذافي لأعمال فنية
|
ودّعت ليبيا مع بداية العام الجديد 2019 الفنان التشكيلي علي الوكواك عن عمر يناهز 71 عاما، الذي رحل بعد رحلة فنية طويلة حكى فيها واقع ليبيا وظروفها السياسية والاجتماعية بأعماله الفنية المؤثرة، وبلغت منحوتاته أكثر من عشرة آلاف ومئتي منحوتة في الأعوام الأخيرة.
واشتهر الوكواك بأعمال النحت الحديث على الخشب والمعادن، وبمعرض منحوتات مخلفات الحرب في ليبيا، وفن النحت على لحاء النخيل الذي صار ينسب إليه، وكذلك نحت وجوه ليبية من لحاء النخيل.
وفي أعقاب ثورة 17 فبراير/شباط 2011 أقام النحات الراحل معرضا دائما للنحت في قصر المنار بمدينة بنغازي شرقي ليبيا، وعرض فيه نماذج من النحت على المعادن تعبر عن أحداث الثورة والتراث الليبي وتحكي قصصا إنسانية من البلاد.
ولد الوكواك عام 1947 بمدينة المرج (شرقي البلاد)، لكنه أقام بمدينة بنغازي التي يفخر بانتسابه إليها أيضاً، إذ بدأ رحلته الفنية في سن مبكر متأثراً بوالده الذي كان ينحت أعمالا يدوية، وطوّر تقنيات النحت ليتناول بها قضايا مجتمعه وأحداثه وتحولاته الجديدة.
ذخيرة “فنية”
استطاع النحات الليبي علي الوكواك تطويع بقايا الذخيرة والقنابل والصواريخ، التي سعى لتجميعها منذ اندلاع القتال في بلاده وتمكّن من تحويلها إلى منحوتات وأعمال فنية تدعم الانتفاضة ضد العقيد معمر القذافي.
ونالت أعماله التي جسدت الجندي المجهول وتماثيل للحرية وحروف الأمازيغ، إعجاب جمهور معرض “جرائم الطاغية” في مدينة بنغازي الذي عقد في منتصف عام 2011. وشارك الوكواك في 15 مهرجانا دوليا شملت تونس وفرنسا وإيطاليا، وكانت أولى أعماله في شكل منحوتات من النخيل استخدمها في نحت الوجوه الليبية.
وفي خضم الثورة الليبية عام 2011 قال الوكواك في تصريح للجزيرة نت إن القذافي جاء بذخيرة كبيرة لتدمير بنغازي في مارس/آذار من العام نفسه، وعلى هذا الأساس فكّر في تحويلها إلى أشكال جمالية، وأمضى شهرين في نحت التماثيل، واستخدم فيها حوالي عشرة آلاف ظرف فارغ.
وفي تلك الأجواء سافر إلى جبهة البريقة (غربي بنغازي) مرات عدة لجمع الذخيرة والصواريخ التي دخلت في القتال من أجل دعم “ثوار ليبيا”، معتبرا أن ما قام به يعد جهدا بسيطا لخدمة الثورة، وأن صحفيين ألمانا وإيطاليين وإنجليزا اطلعوا على منحوتاته.
وعندما بدأ نظام العقيد القذافي يترنح، بات الوكواك يتمتع بالحرية في المدن “المحررة”، حيث أصبح يعمل دون رقابة الأمن واللجان الثورية، ونحت علامات النصر لدى الأمازيغ التي كانت ممنوعة في السابق.
كما اعتبر تحويل الذخيرة التي استعملتها كتائب القذافي إلى مجسمات فنية أفضل رد على هجمات جيش القذافي، لكنه عرض في أعماله الفنية آنذاك أعمال نحت تعبّر عن معاناة الليبيين من الاقتتال والصراع الداخلي والأزمات التي حدثت بعد الثورة.
المصدر : الجزيرة