قبيل مظاهرات جديدة.. وسط الخرطوم يتحول لثكنة عسكرية
|أحمد فضل-الخرطوم
وكمن لا تريد أن تلدغ من جحر مرتين، تبدو السلطات أكثر استعدادا بعد تجربتها الثلاثاء الماضي مع موكب سلمي دعا له التجمع وأيدته قوى المعارضة وشارك فيه الآلاف.
وكان بحوزة الموكب مذكرة مقتضبة معنونة بكلمة “ارحل”، تطلب تنحي الرئيس عمر البشير وحكومته وتشكيل حكومة انتقالية من الكفاءات، وهي ذات مطالب موكب اليوم.
تجمع المهنيين -وهو كيان موازٍ لاتحاد نقابات عمال السودان الموالي للحكومة- سيكون عليه ظهر اليوم الاثنين البحث عن نقطة انطلاق جديدة صوب القصر الجمهوري، بدلا من دوار القندول الذي احتلته بالكامل قوات أمنية على متن سيارات مزودة بالمدافع المضادة للطائرات.
وهذا ما حدث بالفعل في الموكب السابق، حيث احتال المحتجون على تركز القوات الأمنية عند نقطة الانطلاق المحددة في ميدان أبو جنزير، وتجمعوا في أكثر من مكان على نحو أربك تعامل شرطة مكافحة الشغب مع السلمية التي أبدوها.
والحال على تقاطعات الشوارع الرئيسية وتلك المؤدية إلى القصر الرئاسي ليست بأفضل من حال دوار القندول، إذ إن تشكيلات من قوات الجيش والأمن والشرطة تحرسها في وضع الاستعداد منذ الموكب السابق، لكن تعزيزات أخرى التحقت بها منذ الأحد.
قلق حكومي
وعلى غير العادة، تبدو شوارع الخرطوم قليلة الحركة صباح الاثنين، مع تلقي بعض المؤسسات توجيهات بتقليص الدوام حتى الساعة الواحدة ظهرا بدلا من الساعة الثانية.
لكن القلق الحكومي يتبدى أكثر في إغلاق مول الواحة في ميدان الأمم المتحدة وسط الخرطوم أبوابه اليوم، وقد كان هذا السوق الراقي ملاذا لمحتجين في موكب الثلاثاء الماضي بعد أن دخلوا إلى صالاته الفخمة وهم يهتفون بسقوط الحكومة.
وقبل يوم من موكب تجمع المهنيين، علم رواد “مول الواحة” من إدارته أنه لن يكون مفتوحا الاثنين أمام زبائنه.
وبالرغم من أن جهاز الأمن والمخابرات أفاد مساء الأحد بأنه أطلق بعض الموقوفين، لكن الـ48 ساعة السابقة شهدت المزيد من اعتقال السياسيين والناشطين في محاولة على ما يبدو لشل الحركة الاحتجاجية.
وبحسب بيان أصدره حزب البعث القومي صباح الاثنين، فإن السلطات الأمنية اعتقلت مساء الأحد كمال بولاد رئيس المكتب السياسي للحزب وعضو هيئة قيادة تحالف الإجماع الوطني.
واعتقل جهاز الأمن منذ الأسبوع الماضي نحو عشرة من قيادات تحالفي المعارضة الرئيسيين، “نداء السودان” و”الإجماع الوطني”، وطالت حملات الاعتقال أيضا النشطاء وقادة أحزاب المعارضة في الولايات.
وتدخل حركة الاحتجاجات -التي انطلقت في 19 ديسمبر/كانون الأول- الاثنين يومها الثالث عشر، وحتى يوم أمس شهدت بلدة الهدى في ولاية الجزيرة أواسط السودان احتجاجات تخللتها عمليات حرق لمرافق حكومية.
ويلقي خطاب الرئيس البشير -الذي ألقاه أمس الأحد أمام الرتب الرفيعة من ضباط الشرطة- بظلاله على الموكب، حيث تداول نشطاء مواقع التواصل بكثافة استدلاله بالآية الكريمة “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب”، لمنح الشرطة مسوغا لقتل المتظاهرين لمنع التخريب والتدمير.
كما يرى دعاة الاحتجاجات أن إعلان السلطات توقيف خلايا تخريبية تتبع لحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور مدعومة من الموساد الإسرائيلي، كفيل بضمان سلمية موكب الاثنين وعدم سقوط قتلى مجددا، إذا صدقت الحكومة.
وأقرت الحكومة رسميا بسقوط 19 قتيلا وأكثر من أربعمئة مصاب خلال الاحتجاجات التي بدأت بسبب أزمات اقتصادية، لكنها سرعان ما تحولت إلى مطالب بتنحي البشير الذي يحكم السودان منذ يونيو/حزيران 1989.
المصدر : الجزيرة