صبح العروس.. في ظلال مولانا جلال الدين الرومي

رغم مرور قرون على رحيله، لا يزال الملايين حول أنحاء العالم يلبون دعوة المعلم الروحي جلال الدين الرومي، ويتوافدون سنويا لزيارة قبره في متحف “مولانا” بولاية قونية وسط تركيا.

وأحيا الأتراك مؤخرا بمدينة قونية الذكرى السنوية الـ 745 لوفاة المتصوف جلال الدين الرومي الملقب بـ”مولانا”، وتعرف هذه الذكرى بـ “صبح العروس” أي “ليلة العرس”. حيث أدت فرقة التصوف الموسيقية التابعة لوزارة الثقافة التركية عروض “المولوية” الصوفية.

وفي ذكرى وفاة الرومي (17 ديسمبر/كانون الأول) يجتمع الناس من مختلف الأعراق والأديان في المتحف كل عام وكأنهم يلبون دعوة مولانا الرومي التي قال فيها “تعال.. تعال، لا يهم من أنت، ولا إلى أي طريقِ تنتهي، تعال .. لا يهم من تكون”.
وشهد المتحف إقبالا واسعا أيضا لهذا العام خلال الفترة بين يومي 7 و17 من الشهر الجاري، لحضور الفعاليات الدولية لإحياء ذكرى رحيل مولانا جلال الدين الرومي الذي صدر رسائل المحبة والسلام والتسامح والأخوّة إلى العالم.

الزوار يتوفدون بشكل مستمر على متحف جلال الدين الرومي بتركيا وخاصة بمناسبة إحياء ذكرى رحيله (الجزيرة)

وتُسمى هذه الفعاليات بـ “صبح العروس” بالفارسية أو ليلة العرس، والتي كان ينتظرها الرومي ليعود إلى الذات الإلهية وفق منظور تصوفي.

وتمتد الاحتفالات التركية لعشرة أيام تقام خلالها حفلات المولوية ويشارك فيها الجمهور بدعوى صفاء الروح. ومنذ مطلع العام الجاري زار المتحف مليونان و613 ألف شخص، ويتصدر الصينيون والإيرانيون الزوار الأجانب للمتحف، يليهم سياح إندونيسيا وماليزيا وباقي الدول الآسيوية.       

تاريخ المتحف
كان المتحف عبارة عن حديقة زهور خاصة بالسلطان السلجوقي علاء الدين كيكوبات وكان يقصدها بهاء الدين ولد، والد الرومي، برفقة طلابه، إلى أن وهبها السلطان علاء الدين له بعد أن شعر بإعجابه بها.

دُفن بهاء الدين ولد في تلك الحديقة، ومن بعده ابنه جلال الدين الرومي أيضا. ليتحول مكان الضريحين لاحقا إلى مزار، وكان المتحف يُسمى سابقا بـ”متحف الأعصار العتيقة بقونية”، وتم تعديل اسمه سنة 1954 ليصبح “متحف مولانا”.

ومع إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) سنة 2007 “عام مولانا”، انتشرت فلسفة التسامح الرومي بشكل كبير حول العالم، وشهد ذلك العام العديد من الفعاليات حول الرومي.

فعاليات فنية ترافق إحياء ذكرى رحيل جلال الدين الرومي بولاية قونية في تركيا (الجزيرة)

ويشهد المتحف حاليا أكبر وأوسع عملية ترميم منذ عهد السلطان العثماني محمود الثاني. وللمتحف 4 أبواب في جهات مختلفة، وتحمل أسماء “درويشان”، و”هاموشان”، و”تشلبيان” وهو الباب المخصص للسياح وباب “كوستاهان”.

وتضم باحة المتحف نافورة أمر بصنعها السلطان العثماني سليم الأول سنة 1512، إضافة إلى بئر “شبي عروس”. كما يضم المتحف في داخله مقتنيات تعود لمولويين من العهدين السلجوقي والعثماني، ومخطوطات، وآلات موسيقية استخدمها فيما مضى أصحاب الطرق المولوية، فضلا عن 9 صفحات من القرآن الكريم، يُعتقد أنها كتبت في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه. 

كما تضم باحة المتحف غرفا وأقساما تروي كل واحدة منها، جانبا معينا من جوانب الحياة والفترة الزمنية التي عاش فيها الرومي.           

ومولانا جلال الدين الرومي، من أهم المتصوفين في التاريخ الإسلامي، حيث أنشأ طريقة صوفية عرفت بالمولوية، وكتب كثيرا من الأشعار، وأسس للمذهب المثنوي في الشعر، وكتب آلاف أبيات الشعر عن العشق والفلسفة.  

ولد الرومي بمدينة بلخ بخراسان، في 30 سبتمبر/أيلول 1207، ولقب بسلطان العارفين لما له من سعة في المعرفة والعلم، استقر في قونية حتى وفاته في 17 ديسمبر/كانون الأول 1273، بعد أن تنقل طالبا للعلم في مدن عدة أهمها دمشق.

المصدر : وكالة الأناضول,الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *