رغم التهكم.. الدعاء هو آخر حلول الأزمة الاقتصادية بالسودان
|أحمد فضل-الخرطوم
التندر أو الدهشة هما معظم ما حصدته حملة للدعاء والتضرع أطلقها أنصار الحكومة السودانية عبر تسجيل صوتي لإقالة عثرة الاقتصاد وصرف الفتن والشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولم يجد هؤلاء الأنصار سوى مقارعة المنتقدين لسياسات الحكومة الاقتصادية عبر تطبيق واتساب وموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، باستدعاء فوائد الصبر وفتاوى تحريم الخروج على الحاكم في الإسلام، الأمر الذي رآه ناشطون ومغردون أسلوبا غير فعال ويخلف آثارا مدمرة على صورة الحكومة أمام الرأي العام.
وتداولت مجموعات واتساب الفاعلة تسجيلا صوتيا لأحد أنصار الحكومة يطلق من خلاله حملة دعاء وتضرع لإسناد الحكومة وازدهار الاقتصاد والناتج القومي.
وقال صاحب التسجيل، الذي يرجح أن يكون مقربا من السلطات من واقع إعلانه عن توزيع 92 ألف مصحف، إن “الدعاء والتضرع سلاح نملكه ونهمله. آن الأوان لدعاء الله بأسمائه الحسنى لتصبح الأرض مخضرة ويمسك السماء والأرض أن تزولا، فيؤمن البلاد والعباد وتحدث المصالحات ويصرف شر الأشرار والفتن والشائعات”.
موجة استخفاف
وعلى الرغم من أن صاحب التسجيل أفاد بأن حملة الدعاء وتوزيع المصاحف ستنطلق بتشريف رئيس الوزراء معتز موسى ظهر الأربعاء، فإن وسائل الإعلام خلت من تغطية مماثلة.
وعلى أثر ذلك، سرت موجة استخفاف على واتساب من فحوى التسجيل، وأشار المعلقون إلى أن إصلاح الاقتصاد رهين بسياسات تضعها الحكومة ولن يحدث عن طريق الدعاء.
ومن اللافت شيوع التهكم وسط متصوفة على صلة بـ”خلاوي” القرآن و”مسايد” شيوخ الطرق الصوفية، حيث قال أحد المقربين للشيخ الصايم ديما للجزيرة نت إن حل الأزمة الاقتصادية ليس بالتضرع، والخلاوي عامرة أصلا بالدعاء لرفع البلاء والغلاء، ولكن يجب إيجاد سياسات تقنع الناس بتحويل أموالهم إلى البنوك.
وتتفاقم معاناة السودانيين من طوابير الحصول على النقود والخبز والوقود بالتزامن مع تراجع سريع لقيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم.
وقال كمال جبر الله بمسيد ود الكريدة جنوبي الخرطوم إن حملة بهذا المعنى لم تصل إلى الخلاوي التي يديرها شيخه، مؤكدا أن الدعاء لا يحتاج إلى دعاية وإعلان، وأن حملة التضرع طالما مدعو لها مسؤول حكومي فهي دعوة ليست لله، بل “لذر الرماد على العيون”.
مواطنون في شركة للصرافة بالخرطوم يتلقون تحويلات من أقاربهم المغتربين في الخارج (رويترز-أرشيف) |
دجاج إلكتروني
ومع احتشاد مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات كثيفة لسياسات الحكومة، زاد نشاط موالين للحكومة على مواقع التواصل وهم يلوذون بالدين لحث الناس على الصبر وعدم الخروج على الحاكم، مع التخويف من مغبة انفلات الأوضاع وتحولها إلى ما يشبه الوضع في سوريا.
ويسيطر الرمز التعبيري للدجاجة في أوضاع عدة على ردود المتفاعلين، في إشارة إلى ما يسميه النشطاء بـ”الدجاج الإلكتروني”، وهي كتائب إلكترونية تجندها الحكومة للدفاع عنها والتصدي للمعارضين.
وعندما حاول المغرد محمد هاشم التنبيه إلى حرمة الخروج على الحاكم، تلقى عشرات الردود التي اتسم أغلبها بالتهكم وكيل الشتائم بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد، لكن آخرين فندوا دعواه بأسانيد دينية تؤكد أهمية مقاومة الظلم.
أما المغرد نصر الدين ود الجبل الذي حاول تخويف دعاة الثورة بمصير سوريا وليبيا، فقد تصدى له عشرات المعلقين بتهكم بالغ، ونعتوه بأنه مجرد “دجاجة إلكترونية”.
وعندما كتب الصحفي محمد جمال قندول، المقرب من حزب المؤتمر الوطني صاحب الأغلبية الحاكمة، على فيسبوك أن “الأزمة الحالية ما هي إلا سحابة صيف عابرة ستتجاوزها البلاد”، لقي هجوما عنيفا من أكثر من مئة معلق.
المصدر : الجزيرة