عكس رغبات السيسي.. قرار يجرف مواهب مصر الكروية
|وعبر جرافات الوحدات المحلية ومجالس المدن بالمحافظات أصبح 2496 ملعبا من ملاعب كرة القدم الخماسية بدلتا مصر وصعيدها مهددا بالإزالة بقرار من وزارة الزراعة، بحجة أنها مخالفة ومقامة على نحو 765 فدانا من الأراضي الزراعية، حسبما قال المتحدث باسم الوزارة في برنامج متلفز الأحد الماضي.
المثير في الأمر أن وزارة الشباب ممثلة في وزيرها أشرف صبحي دعمت القرار بتصريحات صحفية أخلى فيها مسؤوليته بتأكيده أن “تلك الملاعب خاصة ولا تتبع أي ناد أو مركز شباب”، مدافعا عن “الزراعة” بقوله إن “إقامة ملعب عشوائي في الزراعات من وجهة نظر البعض مهم، لكن الخطورة في الزحف العمراني الذي يدمر الرقعة الزراعية”.
إعلاميا اكتفت الصحافة المصرية بالتعامل الخبري مع الحدث دون أن يتصدر أحد الكتاب في مجال الرياضة للقرار، أو يطلق حملة لوقفه.
وكان لاعب مصر السابق أحمد حسام (ميدو) قد أعلن عبر فضائية “سي بي سي” عن تكليف السيسي له بإدارة مشروع ألف محترف في كرة القدم كخطوة لاكتشاف الناشئين الموهوبين، وقيادتهم نحو الاحتراف الأوروبي لتكرار تجربة محمد صلاح.
خطوة تجريف الملاعب الخماسية اعتبرها شباب مصريون -تحدثوا للجزيرة نت– تجريفا لمواهب مئات الآلاف منهم في ظل غياب دور مراكز الشباب التابعة للدولة، وعدم وجود ملاعب بأكثرها، ووجود معظم الأندية والملاعب الحكومية بالقاهرة والمدن الكبرى، في وقت يراها بعض الشباب أنها البديل الأول للمقاهي و”الغرز” المخصصة لتعاطي المخدرات بين الشباب، منتقدين إصرار الدولة على هدم أحلام الريفيين.
ويقول لاعب كرة القدم الخماسية أسامة محمد “تجريف الملاعب كارثة لن يشعر بها من اتخذ القرار وسيتحملها الناس بالشوارع والمجتمع والدولة”، موضحا أن هذه الملاعب “تشغل الشباب بالرياضة وتشكّل وعيهم وبنيتهم الجسمانية، وعند هدمها سينشغلون بمعاكسة الفتيات بالشوارع والاعتداء على المارة والشجار مع بعضهم بعضا، وقد يتحول هذا لسلوك إجرامي قبل تعاطي المخدرات والسهر بالمقاهي”.
وتابع “بمقابل كل ملعب توجد مقهى أعتقد أن الشباب سوف ينتقلون من هنا إلى هناك، ومن الرياضة للمخدرات، ومن مشاهدة المباريات لمشاهدة الأفلام الإباحية”، مستبعدا أن يقود ذلك لتورط الشباب بنشاطات إرهابية، ومحذرا من احتمالات حدوث ذلك مستقبلا.
وفي الوقت الذي أكدت فيه تقارير صحفية أن 90% من الملاعب الخماسية بمصر خاصة، فإن زاهر (40 عاما) وهو أحد أصحاب تلك الملاعب أكد أن “تكلفة الملعب الخماسي تبلغ نصف مليون جنيه بجانب سعر الأرض الذي لا يقل عن هذا المبلغ”، موضحا أن “كثيرا ممن سافروا للخارج وعادوا لمصر بعد ثورة 2011، أقاموا مثل تلك المشروعات وحتى قبل عام انتشر ذلك المشروع، وبكل قرية يوجد ملعب واثنان وثلاثة”.
وأكد زاهر أن هذا النوع من المشاريع مربح “حيث يؤجر الشباب وطلاب المدارس الملعب -الذي تتم إضاءته بالأضواء الكاشفة ليلا- بالساعة ما بين 70 و80 جنيها وبأماكن أخرى تصل الساعة لما بين 100 و150 جنيها”.
وأشار إلى أن تلك الملاعب تحقق مكاسب يومية تقدر بنحو ألف جنيه في المتوسط خاصة مع وجود مطعم يقدم خدماته ومشروبات للمتفرجين واللاعبين، بجانب عرض مباريات الدوريات الأوروبية والبطولات القارية.
وحول أزمة الإزالة، قال زاهر “نعيش حالة رعب من أن يتم تجريف الملعب المقام على ثلث فدان (8 قراريط. والقيراط يساوي 175مترا)، واتصلت بأعضاء مجلس النواب بالمنطقة لوضع حل آخر غير الهدم وليكن الغرامة، ولم أتلق ردا يطمئنني”، وعبّر عن مخاوفه من أن هذا الحل قد يكلفه خاصة وأن غرامة أي منزل بمساحة قيراط واحد تتعدى 1.2 مليون جنيه، متسائلا “كم تكون غرامة 8 قراريط؟”.
من جانبه عبر المدرب السابق لنادي “المقاولون العرب” علاء نبيل عن رفضه لقرار الإزالة، وقال لموقع “كورة” “سيؤثر القرار بالسلب على النواحي الرياضية والاجتماعية لشباب مصر، وبالأخص القرى والنجوع، مع قلة عدد الملاعب التابعة لوزارة الرياضة بهذه المناطق النائية.
واعتبر أن “هذه الملاعب تشكل المتنفس الرياضي الوحيد للكثير من الشباب، ويجب تقنينها وترخيصها، وليس هدمها، وكان يمكن أن تخرج منها مواهب تخدم الكرة المصرية”.
برلمانيا دعا النائب محمد بدراوي في تصريحات تلفزيونية إلى عدم هدم الملاعب كونها تمثل فائدة للشباب والدولة معا، وتفرغ طاقة الشباب بأعمال إيجابية بدلا من الجلوس على المقاهي أو تعاطي المخدرات.
وعبر صفحته في فيسبوك، قال المحامي محمد الصواف “المسؤول الذي أصدر القرار يجب محاكمته بتهم تحريض الشباب على الإرهاب وتعاطي المخدرات وتدمير انتمائهم للوطن”، مضيفا “يدمرون طموحات وآمال شباب هذا البلد”، في حين اعتبر الكاتب مهاب جاهين القرار “تجريفا لمصدر الرياضة الوحيد للطبقة تحت المتوسطة والفقيرة”.