ترامب نجم القمم السابقة.. هل خفت بريقه في قمة العشرين بالأرجنتين؟

أمين حبلا
منذ أن وصل إلى السلطة في الولايات المتحدة الأميركية قبل نحو عامين تحول الرئيس دونالد ترامب إلى حالة نادرة من الإثارة والغرابة على المستويين الداخلي والخارجي، وكان محط اهتمام دائم في كل القمم التي حضرها، بيد أن مشاركته في قمة العشرين المنعقدة حاليا بالأرجنتينكانت الأقل إثارة والأكثر خفوتا.
 
أشعل الرئيس “المشاكس” معارك كثيرة سياسية واقتصادية وعسكرية في القمم السابقة وحول أنظار العالم إليه، وتحول في أغلبها إلى نجمها الأبرز، بيد أن عنفوان الرئيس تراجع في قمة الأرجنتين وذبل نجمه إلى حد كبير.
تقريع وتوبيخ
تحتفظ ذاكرة العالم بالحضور الطاغي “والمتعجرف” أحيانا للرئيس ترامب في عدد من القمم، من بينها قمة السبع التي عقدت بكندا في يونيو/حزيران الماضي، وكانت لقطة القمة الأبرز التي تناقلتها وسائل الإعلام حين وقف قادة السبع يتحلقون حول ترامب ويحملقون إليه وهو جالس على كرسي يطرق باهتمام إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

وبعد أن غادر كندا وجه إهانات قاسية إلى رئيس وزرائها، ووصفه بأنه “ضعيف وغير نزيه”، وأن “تصريحاته كاذبة”.

قادة قمة السبع المنعقدة في كندا قبل شهور يتحلقون حول ترامب (رويترز)

كما شن هجوما لاذعا على شركائه في حلف شمال الأطلسي بمؤتمر الحلف الذي عقد العام الماضي في ألمانيا، وقالت وسائل الإعلام إنه وجه تقريعا وتوبيخا لحلفائه الأوروبيين بسب تخاذلهم عن دفع المستحقات المنصفة في تمويل الحلف الأطلسي كما يراها ترامب.

وبالإضافة إلى ذلك كان الرجل هو نجم قمة العشرين المنعقدة في هامبورغ بألمانيا العام الماضي، وهيمن لقاؤه مع بوتين على أعمال القمة وخطف الأضواء منها بشكل شبه كامل.

مظاهر الذبول
بيد أن حظ ترامب من التغطية الإعلامية -وخلافا للقمم السابقة- كان محدودا في القمة الحالية، خصوصا بعد أن عقد مؤتمرا صحفيا كان يفترض أن يعقده باعتباره رئيس أهم دولة في العالم يوضح من خلاله مواقفه من أهم القضايا التي تشغل بال العالم.

ومن مظاهر تراجع الدور والحضور تقليص ترامب العديد من لقاءاته الرسمية المجدولة أصلا خلال القمة والاستعاضة عنها بمحادثات غير رسمية، ويرى البعض أن ذلك بسبب الإكراهات السياسية الداخلية التي فرضت عليه تجنب عقد لقاءات رسمية مع بوتين وولي العهد السعودي.

كما خفت صوته في حروبه الاقتصادية، خاصة مع الصين، واتجه نحو الخطاب التوافقي بحثا عن هدنة أو تفاهمات مع العملاق الصيني.

أسباب وخلفيات
مثقلا بأزمات سياسية داخلية وبمعارك قضائية وسياسية متدحرجة ككرة ثلج حول شرعيته السياسية وصل الرئيس ترامب إلى الأرجنتين للمشاركة في قمة العشرين.

فبالتزامن مع سفره إلى بوينس أيرس كان محاميه السابق مايكل كوهين يوجه له ضربة موجعة بعد موافقته على التعاون مع المستشار الخاص روبرت مولر، واعترافه بالكذب على محققي مجلس الشيوخ بشأن النشاطات التجارية لترامب في روسيا.

وقبيل أسابيع كان الرئيس يتلقى “نصف” هزيمة في الانتخابات التشريعية، حيث فقد أغلبيته في مجلس النواب، وعلى الرغم من أن ترامب اعتبر أن ما حدث كان نصرا تاريخيا له فإن الوقائع والحقائق كانت تقول غير ذلك.

ويبدو أن الاعترافات الجديدة قد تزيد ورطة ترامب، ولذلك أثارت حفيظته وسيطرت على اهتمامه، فبقي يغرد بشأن هذا الموضوع حتى وهو بين زعماء عشرين دولة يناقشون كبريات أزمات العالم ومشكلاته العويصة.

فمن داخل القمة غرد الرئيس مدافعا عن الصفقات والأعمال التجارية مع روسيا قبل توليه الرئاسة، وكرر وصفه للتحقيقات الجارية بشأن تدخل روسيا في الانتخابات بأنها لا طائل منها وتشبه “مطاردة الساحرات”، كما وصف محاميه السابق بالضعيف وغير الذكي.

ويرى بعض المحللين أن الرئيس ترامب أبان خلال الشهور الماضية عدم قدرة على امتصاص الصدمات وتجاوزها بشكل سلس، فبعيد إعلان نتائج انتخابات الكونغرس النصفية بدا الرجل فاقدا للتوازن في أكثر من موقف وأهان صحفيين في مؤتمرين صحفيين منفصلين ووجه لهما كلمات جارحة وألفاظ نابية.

ويمكن أن تكون الصورة التي ظهر فيها بمؤتمر قمة الأرجنتين ناتجة بشكل رئيسي عن تأثير الأزمات الداخلية، خاصة منها فوز الديمقراطيين وتحقيق مولر الذي بدأ يلتف حول عنقه أكثر من أي وقت مضى، هذا فضلا عن تداعيات مقتل خاشقجي ومحاولات ترامب التستر على دور ولي العهد السعودي في تلك العملية وفقا لما تقوله وسائل إعلام ومشرعون أميركيون.

المصدر : الجزيرة + وكالات

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *