لوموند: قضية خاشقجي.. أهذا هو الغفران العظيم لمحمد بن سلمان؟
|ففي بداية مقاله، طرح آلان افراشون السؤال التالي: هل ستُلف “قضية خاشقجي” بالنسيان وتبتلعها بسرعة مياه مضيق البوسفور التركي المظلمة، وذلك رغم اتهام وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري بوب كوركر لولي العهد بأنه هو من أمر باغتيال مواطنه الصحفي؟
وللرد على ذلك لفت افراشون إلى أن الواقعية السياسية وما تستند إليه من اعتبارات عملية ومادية قد تفرض -باسم استقرار الشرق الأوسط- وأد هذا الحادث المؤسف وإدراجه ضمن التجاوزات التي لا مناص من حدوثها على الساحة الدولية.
فمحمد بن سلمان رتب الأوراق الداخلية للعائلة الحاكمة بحيث أصبح يتحكم في السلطة السياسية والاقتصادية، حسب ما نقله الكاتب عن كتاب كريستيان أوكرنت حول الموضوع “أمير السعودية الغامض”.
وفضلا عن ذلك يقول المقال الذي اختير له عنوان “قضية خاشقجي.. أهذا هو الغفران العظيم لمحمد بن سلمان؟” إن منطقة الشرق الأوسط فوضوية بما فيه الكفاية، ولا تتحمل تحفيز حرب خلافة في المملكة السعودية.
|
حليف رائع
واستعرض الكاتب بعض مظاهر التأييد التي أظهرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر لولي العهد السعودي، إذ يريد أن يجعل من المملكة محور العالم العربي السني في مواجهة إيران والجهة التي تتولى الضغط على الفلسطينيين لقبول “خطة سلام كوشنر” ناهيك عن الاعتماد عليها في الضغط على سعر برميل النفط.
ولا يمكن -حسب افراشون- أن يتهم ترامب بالنفاق في هذه المسألة إذ إن الأميركيين ومنذ أن أقاموا علاقة إستراتيجية مع السلطات السعودية عام 1945 “لم يخضعوا أبداً سياساتهم مع السعودية لمسألة حقوق الإنسان أو لمصير الأفراد” وفقا للخبير الأميركي توماس دبليو.
وعليه، فإن الكاتب يرى أنه نظرا لهذه الاعتبارات فإن جريمة إسطنبول ليس لها وزن يذكر، حتى وإن كان مرتكبوها من المقربين من ولي العهد السعودي، فترامب يرى في محمد بن سلمان “حليفا رائعا” على حد تعبيره.
وذكر الكاتب أن الأمير السعودي يحظى بحلفاء آخرين كثر، لعل من أهمهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قال إن موسكو ليس لديها أي مبرر يجعلها تشك في الرواية السعودية بشأن خاشقجي التي تقول عن أن ولي العهد لم يكن على علم بهذه الحادثة.
وباستثناء ألمانيا والدانمارك، يقول افراشون إن أيا من الدول الأوروبية الأخرى لم تتحمس لمعاقبة السلطة السعودية إلا بإجراءات رمزية، رغم ما يعرف عن بن سلمان من كونه “غير ناضج ووحشي ومندفع” كما وصفه أقاربه لأوكرنت.
غير أن الكاتب شكك في أن يحصل ولي العهد السعودي المتنفذ على عفو، مشيرا إلى أن المصاعب ربما تأتيه من واشنطن نفسها فالرجل حسب قوله لم يجلب حتى الآن، وبغض النظر عن استحواذه على السلطة الداخلية إلا الكوارث.
دورسي: ترى وكالة المخابرات المركزية أن بن سلمان ليس ضرورياً لاستقرار المملكة ولا لمحاربة التوسع الإيراني |
وعدد الكاتب من بين تلك الكوارث “اختطافه لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ومحاصرته لدولة قطر التي شتتت المعسكر العربي السني، فضلا عن المأساة التي أحدثها في اليمن.
واستنتج من ذلك أن بن سلمان في سياساته الخارجية كان دوما هو الخاسر الذي يفقد كل شيء، مشيرا إلى أنه لم يعد من السهل أن يدعى لزيارات رسمية خارجية، إذ سيظل لمدة ساما وضارا بصورة بلاده في الخارج.
وبخصوص إخراج وكالة الاستخبارات الأميركية رواية بخصوص مقتل خاشقجي منافية لما يقوله ترامب، نقل الكاتب عن البروفيسور جيمس دورسي الخبير والمراقب المعروف لمنطقة الشرق الأوسط قوله “ترى وكالة المخابرات المركزية أن بن سلمان ليس ضرورياً لاستقرار المملكة ولا لمحاربة التوسع الإيراني”.
بل على العكس من ذلك، فهي ترى أن أفعال بن سلمان زعزعت استقرار الشرق الأوسط من خلال الحرب الباردة مع إيران، بل جعل المراقبين ينظرون إلى طهران بوصفها “في طليعة الاعتدال”.
وختم افراشون مقاله بالإشارة لدعوة الديمقراطيين والجمهوريين الأميركيين الأربعاء يوم 28 من الشهر الحالي إلى وقف المساعدات العسكرية بحرب اليمن، بل ومطالبتهم بوقف حصار قطر وإطلاق المعتقَلات والضغط على الملك لإعادة تأطير ابنه.
المصدر : لوموند