“جاك البرد خذ البس”.. حملة تضامنية تتوسع بالمغرب
|مريم التايدي-الرباط
يحتاج أحمد لملابس يتقي بها قسوة البرد، لكنه لم يستطع أن يسأل الناس إلحافا، قاوم الفاقة وضرب في الأرض بحثا عن عمل ومأوى، وفي صباح بارد من صباحات نوفمبر/تشرين الثاني وقد اشتدت البرودة بمدينة وجدة (شرق المغرب)، كان أحمد مارا من الشارع كعادته فرأى معطفا يدفئ شجرة.
يروي أحمد (اسم مستعار) للجزيرة نت والحشرجة غالبة على صوته “كنت أمر بأحد الشوارع، رأيت سترة ملبسة لشجرة، وعندما اقتربت وجدت ورقة مكتوبة عليها جاك البرد خد البس”، التي تعني إذا كنت تشعر بالبرد فخذ هذه وارتديها، شعر أحمد أن هناك من يشعر بمعاناته ويخاطبه، فأخذ المعطف ولبسه، ولبس معه دفئا وإحساسا بالرضا والامتنان.
دون حرج
يحكي أحمد عن التجربة، وكيف رفعت الحرج عن المحتاجين وحفظت كرامتهم. يقول “سهلوا علينا أخذ الملابس دون حرج، ودون محسوبية ولا تنقيص من القيمة”.
“جاك البرد خذ البس”.. عبارة مكتوبة على أوراق مرفقة بملابس صوفية واقية من البرد، فقد ألبس شباب بمدينة وجدة الأشجار والأعمدة الكهربائية معاطف وسترات، في حملة غير مسبوقة بالمغرب اختير لها وسم مُرافق يحمل الشعار نفسه والعبارة ذاتها.
تهدف المبادرة لتوفير الملابس للمشردين وعابري السبيل تقيهم قسوة الطقس في فصل الشتاء، وتقوم على فلسفة مفادها تقريب الصدقة دون حرج ودون مس بالكرامة.
فكرة مستوحاة
الحملة التضامنية انطلقت من مدينة وجدة، وتحديدا بمبادرة من جمعية شبابية “عابرون”، بعد مقترح من “مروة فريوشن” وهي عضو نشط بالجمعية.
تقول مروة للجزيرة نت إنها صادفت صورا على مواقع التواصل الاجتماعي مأخوذة من تركيا وأميركا، فيها ملابس معلقة على الأشجار والأعمدة لكل راغب فيها في فصل البرد، حينها ألهمتها الفكرة وبادرت بالاقتراح.
تضيف مروة بحيوية الشباب أنها تخيلت صورا للملابس وهي معلقة بالشارع في مدينتها وجدة وأي شخص يشعر بالبرد يجدها ويرتديها، متمنية أن تتوسع الفكرة أكثر، وأن تنتقل لفعل إرادي عادي من أي شخص.
من وجدة لمواقع التواصل
انتقلت فكرة الشباب ومبادرتهم بسرعة كبيرة، وراج الوسم على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن لقي استحسانا كبيرا من الرواد. وباتت صور الأشجار والأعمدة الكهربائية وهي تلبس المعاطف والسترات الصوفية حديث الفاعلين، خصوصا مع موجات البرد التي أصبح يعرفها المغرب في السنوات الأخيرة.
يقول إدريس الفاتح من جمعية “عابرون” للجزيرة نت إن فكرة مروة لاقت استحسانا، وحاول الشباب المنخرط فيها تقديمها بطريقة خاصة ومختلفة، حيث يشكل الشباب حلقة الوصل بين المحسنين والمحتاجين، يجمعون الملابس، ويقربونها من المحتاجين في أماكن عامة.
انتشار
لم يكتف الشباب المغاربة باقتسام الوسم والصور في الفضاءات الافتراضية، بل حولوا المبادرة الإنسانية إلى فعل في الواقع، وما هي إلا أيام حتى انطلقت حملة ثانية مماثلة بمدينة فاس. وانتشرت أنواع مختلفة من الملابس الشتوية، معلقة على الأعمدة الكهربائية والأشجار، بهدف حماية المشردين والمحتاجين من البرد.
وكما حلمت مروة واقترحت وطبقت، انخرطت العائلات والأطفال في المبادرة. حيث يقول إدريس إن جمعيات صديقة تبنت المبادرة وستنتشر تباعا في كل من الدار البيضاء والمحمدية ومراكش.
وأكد إدريس أن العمل متواصل لمزيد من التوجه نحو المستهدف وخصوصا عابري السبيل والمهاجرين من جنوب الصحراء، والتركيز على الأماكن التي يقصدها المشردون والأطفال في الشارع.
المصدر : الجزيرة