باب في الأقصى.. محظور على الفلسطينيين
|جمان أبوعرفة-القدس
اعتاد عبد الكريم الأفغاني (78 عاما) ارتياد المسجد الأقصى عبر باب المغاربة منذ طفولته، لكنه ومنذ احتلال المسجد عام 1967 يمنعه الاحتلال من استخدام الباب، كما يمنع جميع الفلسطينيين من ذلك، بينما يفتحه أمام المستوطنين المقتحمين وحركة السياحة من جميع أنحاء العالم.
يُعد باب المغاربة أقرب أبواب الأقصى للمصلين من بلدة سلوان جنوب المسجد في القدس المحتلة، وكان يستخدمه المصلون على الدوام، لكن إغلاقه أمامهم باعد المسافات بينهم وبين المسجد بعد أن كان يستغرق قطعها دقائق معدودة مشيا على الأقدام.
لم يعد طلال الرجبي (65 عاما) يقوى على قطع المسافة من بيته في سلوان إلى المسجد بعد إغلاق الباب، فاضطر إلى ارتياد باب الأسباط شمال المسجد بواسطة مركبة كهربائية.
وبينما يشاهد يوميا مئات المستوطنين والسياح يدخلون باب المغاربة، يتألم الرجبي على أيام طفولته وصباه التي قضاها عابرا منه ولسان حاله يقول “حرام على بلابله الدوح، حلال للطير من كل جنس”.
إغلاق باب المغارب حال بين الرجبي وأقصر الطرق للأقصى مما يضطره للسير مسافة طويلة لاستخدام باب آخر (الجزيرة) |
المفتاح المسلوب
يقع الباب في السور الغربي للمسجد الأقصى، كما يتشابه في اسمه مع باب سور القدس الغربي، وهو واحد من 15 بابا للأقصى سلب الاحتلال مفاتيحها إبان احتلال المسجد، لكنه أرجع لاحقا جميع المفاتيح باستثناء مفتاح باب المغاربة، الذي بقي معه حتى يومنا هذا، يفتحه لمن شاء ومتى شاء.
يطلق على الباب أيضا اسم باب البراق، وباب حارة المغاربة المفضي إليها، التي هدمها الاحتلال بالكامل على رؤوس أصحابها المغاربة ممن أسكنهم صلاح الدين الأيوبي بالحي بعد مساعدتهم إياه في تحرير القدس من الصليبيين عام 1187، ويرجع البعض وجود المغاربة إلى ما قبل ذلك، حيث جاؤوا إلى القدس من بلاد المغرب العربي (تونس والمغرب والجزائر).
ترجع أطماع الاحتلال في باب المغاربة وحائط البراق إلى ما قبل الاحتلال، ويروي رئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري للجزيرة نت أن الدولة العثمانية سمحت لليهود منذ القرن السابع عشر بالصلاة مقابل حائط البراق بشروط ومحددات، لكنهم تجاوزوها زمن الاحتلال البريطاني، فحدثت ثورة البراق عام 1929، وشكّلت على أثرها عصبة الأمم جنة “شو”، التي أقرت بأن جدار الحائط الغربي هو جزء لا يتجزأ من الوقف الإسلامي، وظل ارتباط اليهود بذلك الحائط حتى عام 1967، حيث توجهوا إليه فور احتلال المسجد والشق الشرقي من القدس.
|
|
حفريات وتوسعة
وواصل الاحتلال منذ ذلك الحين الحفريات أسفل باب المغاربة والمسجد الأقصى، وواصل أعمال التوسعة لساحة حائط البراق التي تضمنت حفر أنفاق وبناء جسور ومواقف للسيارات.
تعرضت تلة باب المغاربة الأثرية الواصلة إلى الباب عام 2004 لانهيار جزئي بسبب الأمطار والحفريات، فاستغل الاحتلال ذلك لبناء جسر خشبي ذو دعائم حديدية لتسهيل اقتحامات المسجد.
ويقول المختص في شؤون القدس والأقصى محمود أبو عطا للجزيرة نت إن الاحتلال واصل بعد ذلك ومنذ العام 2007 هدم التلة وحوّل أسفلها إلى كنيس يهودي وربطه بنفق يصل إلى المسجد الأقصى، بالإضافة إلى إقامة مصلى للنساء.
باب الانتهاكات
تحيط بباب المغاربة حراسة مشددة من شرطة وقوات الاحتلال، التي تفتحه يوميا إلا الجمعة والسبت في ساعات الصباح والظهيرة، وسمح لمئات السياح والمستوطنين باقتحام الأقصى من خلاله والخروج عبر باب السلسلة المجاور له.
كما يُجبر الاحتلال على إغلاق الباب في وجه المقتحمين أثناء أعياد المسلمين ومناسباتهم الدينية، وكان يغلقه في العشر الأواخر من شهر رمضان، لكنه فتحه في السنوات الأخيرة أمامهم لاستفزاز مشاعر المسلمين، الذين أرسل إليهم -عبر الباب- قواته المدججة بالسلاح لقتلهم والاعتداء عليهم ابتداء من مجزرة الأقصى عام 1990 وليس انتهاء بمعركة البوابات الإلكترونية عام 2017.
وإن كان سياح العالم يدخلون بإشراف الاحتلال رغبة في رؤية ثالث أهم المساجد عند المسلمين، فإن الاحتلال ذاته يوظف الباب لاقتحام جنوده بالمئات المدججين بالسلاح والقنابل لإثارة الرعب بين مسلمين يؤدون عبادتهم، فقتل وجرح المئات منذ عام 1967.
المصدر : الجزيرة