المحرران فرّاح والزعتري يؤكدان تعرضهما لمحاولة قتل
|ميرفت صادق-رام الله
“اعتقلوني طفلا، وطلعت بشوارب”. أكثر جملة دمعت لها عينا فريهان فراح والدة الفتى المحرر شادي فراح عند سماعها منه، عندما كان في استقباله مع رفيقه أحمد الزعتري العشرات من عائلتيهما وأسرى محررون وقيادات فلسطينية كبيرة.
قالت والدة فراح التي ارتدت لاستقبال بِكرها ثوبا فلسطينيا مطرزا، إنها تشعر بالألم والحسرة وهي تستقبله بعد أن فقد طفولته داخل السجون الإسرائيلية بعيدا عن عائلته.
وخرج الفتيان، اللذان قضيا ثلاث سنوات في الأسر الإسرائيلي وأفرج عنهما عصر اليوم الخميس، في عمر 15 عاما، وقد تغيرت ملامحهما وأصواتهما وجاوزا والديهما طولا.
تحدث الطفلان عن تعرضهما مع أطفال آخرين لأصناف شديدة من التعذيب، وصلت إلى حد محاولة القتل بالاعتداء المباشر، أو من خلال أدوية وحبوب مجهولة في مراكز إسرائيلية للأحداث شمال فلسطين.
واعتقل فراح والزعتري، وهما من ضاحية كفر عقب شمال القدس، نهاية عام 2015، ولم يكن شادي فراح تجاوز عامه 12، واعتبر أصغر أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، بينما كان صديقه الزعتري يقترب من 13.
الطفل المحرر شادي فراح لحظة استقباله بمدينة رام الله بعد الإفراج عنه من الاعتقال الاسرائيلي (الجزيرة) |
أصغر أسير
وهمس فرّاح لوالديه في السيارة بعد الإفراج عنه على حاجز قلنديا العسكري شمال القدس بأن “شعور الحرية لا يوصف، اشتقت لكم وللبيت”.
وتحدث فراح عن تجربة اعتقاله في مركز طمرة للأحداث بالجليل شمال فلسطين، وكان محتجزا مع مراهقين إسرائيليين معتقلين على خلفيات جنائية.
قال فراح إن أصعب فترات اعتقاله كانت بدايتها، حيث كان صغيرا جدا وتعرض لتحقيق قاسٍ في مركز المسكوبية بالقدس (ويعرف فلسطينيا “بالمسلخ” لسوء التعذيب فيه) حيث خضعا لتحقيق استمر ستة أيام، وهناك تعمدوا تركه عاريا لساعات في البرد الشديد بعد استحمامه يوميا.
وتعرض الطفلان لتعذيب جسدي ونفسي. وقال فراح “في كل كلمة قلناها ولم تعجبهم تعرضنا للضرب”، وهُدد الطفلان باعتقال عائلتيهما وهدم منزليهما، وتم إيهامهما باعتقال والدتيهما وشقيقاتهما وتعرضا للشتم والتحقير طيلة فترة التحقيق التي استمرت أسبوعين على الأقل.
الطفلان شادي فراح (يمين) وأحمد الزعتري بعد الإفراج عنهما من اعتقال إسرائيلي استمر ثلاث سنوات (الجزيرة) |
محاولة قتل
واعتقل فراح والزعتري من مدينة القدس بتهمة “حيازة سكاكين ومحاولة التسبب في أذى للمستوطنين”، وذكر فرّاح أن جنود الاحتلال جردوهما من ملابسهما وانهالوا عليهما بالضرب قبل نقلهما للتحقيق بلا محام وبون أن تعلم عائلتيهما باعتقالهما.
وقال فراح إنه سجن ورفيقه ثلاث سنوات دون أن يتسببا في أذى لأحد، وأضاف “هذا بينما يحمل الإسرائيليون السلاح ويقتلون بلا حساب ولا سجن”.
في أحد أيام العام الثاني من الاعتقال، قام أحد المسؤولين في مركز الأحداث بمهاجمة أحمد الزعتري داخل غرفة وحاول قتله خنقا قبل أن ينتبه له باقي الأطفال، وفقا لرواية الزعتري الذي أضاف “عشنا طيلة الاعتقال في خوف من قتلنا”.
وقال صديقه فراح “كل لحظة مرت علينا بصعوبة.. أثناء الاعتقال وفي التحقيق وفي البوسطة (حافلة نقل الأسرى) وفي غرف الاحتجاز الضيقة بالمحاكم وطيلة ثلاث سنوات في المركز ومنع الزيارة لشهور”.
|
حبوب مجهولة
واتهم فراح بالتحريض داخل مركز الأحداث وفرضت عليه العقوبات. وقال إن الأطفال كان يتلقون معاملة مذلة، لكنه لم يخضع للسجانين، ولذلك تم تحويله للمحاكمة وهدد بفرض سنوات إضافية إلى حكمه.
يقول إن اسم المركز “إعادة تأهيل”، ولكنه في الحقيقة “مركز لغسل دماغ الأطفال وإخراجهم فاقدي الأمل بالحياة”.
وبعد عام من اعتقالهم كان فراح شاهدا على وفاة أحد الفتية المعتقلين، ويدعى محمود بصيلة بسكتة قلبية. وتوفي داخل المركز نتيجة الضغوط النفسية والجسدية التي يتعرض لها المحتجزون.
وقال الزعتري إن السجانين بمركز الأحداث كانوا يوزعون نوعا من الحبوب على الأطفال المعتقلين، ويصاب متناولها بحالة خمول وقلة تركيز، ورجح أن تكون نوعا من المخدرات.
|
270 طفلا معتقلا
ودعا الطفلان الرأي العام الفلسطيني إلى الالتفات لمعاناة الأطفال الأسرى والعمل على إخراجهم من سجون الاحتلال وعدم السماح بأن يمضوا سنوات فيها.
وقال الزعتري انتظرت لأعود إلى كل شيء: الحرية وأهلي ودراستي وحياتي. بينما تحدث فراح عن عودته ليكمل حلمه بأن ينهي مدرسته قريبا، ويبدأ مشوار دراسة الحقوق للدفاع عن أقرانه من الأسرى الأطفال المعتقلين.
وخلّف فراح والزعتري وراءهما في مركز طمرة للأحداث الطفلين لؤي ناصر وعلاء نوفل، وهما من الأسرى المقدسيين الأطفال. وقال فراح وهو يحمل بيديه زهرة بيضاء، إن الأطفال سيخرجون من السجون كورود محطمة إذا لم يلتفت إليهم أحد.
ويعتقل الاحتلال الإسرائيلي في سجونه نحو 270 طفلاً فلسطينيا دون سن 18. وسجل نادي الأسير الفلسطيني اعتقال أكثر من تسعمئة طفل فلسطيني منذ بداية عام 2018.
وتحتجز سلطات الاحتلال أطفال القدس المعتقلين في مراكز أحداث خاصة، بينما تنقل الأطفال المعتقلين من مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة إلى معسكرات اعتقال مع باقي الأسرى وتخضعهم لمحاكم عسكرية خلافا للقوانين الدولية.
المصدر : الجزيرة