اتهم بالشعبوية.. لماذا استقل الشاهد سيارة تونسية الصنع؟
|منيرة حجلاوي-تونس
مبتسما لعدسات المصورين، ترجل رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد بكل ثقة بعد نزوله من سيارة “واليس” محلية الصنع، في مدخل البرلمان بمنطقة باردو وسط العاصمة، لحضور جلسة عامة لمناقشة موازنة 2019، صباح السبت الماضي.
أسالت حركة الشاهد الحبر الكثير بين السياسيين والصحفيين والناشطين الذين اختلفوا في تفسيرها. شق رأى فيها دعما رمزيا للمنتوج المحلي، في حين انتقدها الشق المقابل ووصفها بالحركة الشعبوية ذات الأبعاد الاتصالية بالأساس.
وقد حيت النائبة بالبرلمان عن كتلة الائتلاف الوطني صابرين القوبنطيني الخطوة قائلة للجزيرة نت “هي حركة ملموسة أتاها للتحفيز على استهلاك المنتوج التونسي وليست مجرد كلام أو موقف فحسب، وهو ما شدّد عليه في خطابه خلال الجلسة العامة”.
رأي دعمه زميلها بالكتلة وليد جلاد الذي اعتبر أن ما قام به الشاهد ضربة اتصالية بالفعل، ولكن دون خلفيات سياسية، أراد من خلالها دعم الصناعة التونسية، وخير دليل على ذلك أن السيارة التي استقلها صارت حديث الشارع التونسي، حسب قوله.
وكشف جلاد للجزيرة نت أنها خطوة أولى ستعقبها خطوات أخرى من بينها إجراء حملة إعلانية كبرى لدعم المنتوج التونسي في إطار برنامج الحكومة خلال المرحلة المقبلة.
وركّز بعض رواد منصات التواصل الاجتماعي على الجانب الإيجابي لاستعمال الشاهد سيارة محلية الصنع، من بينهم الصحفي مصباح الجدي الذي انتقد بشدة من وصفوا الحركة بالشعبوية.
حركة شعبوية
في المقابل، رأى آخرون أن أبعادها اتصالية البحتة. وتساءلت النائبة عن حزب نداء تونس أنس حطاب عن أسباب مغادرة الشاهد البرلمان دون استعمال السيارة التي أتى بها، معتبرة أنه “أخطأ في هذا التصرف الذي ربما يعكس اعترافا ضمنيا بأن السيارة ليست مؤهلة بعد للاستعمال”.
وفي تصريحها للجزيرة نت، أضافت النائبة -وهي من الشق المناوئ للشاهد في نداء تونس- “لا يكمن اعتبارها ضربة لخصومه السياسيين لأنهم بدورهم يشجّعون على استعمال المنتوج المحلي”.
من جهته وصف زميلها المنسق العام لنداء تونس رضا بلحاج الحركة بالعملية الشعبوية، معتبرا في تصريح إعلامي أنه أراد بها تحويل وجهة النقاش عن المسائل الأساسية التي تشغل التونسيين وعما تشهده البلاد من أزمة مع الاتحاد العام التونسي للشغل وإضرابات عامة.
ولم تخلُ تدوينات بعض الناشطين على فيسبوك من السخرية، في ظل ما اعتبروه تناقضا بين تركيزه على الصورة الخارجية وبين واقع المنتوج المحلي الذي يفتقر إلى التشريعات والإجراءات اللازمة لدعمه.
وكتب الناشط السياسي طارق الكحلاوي “استعمال سيارة محلية جيد رمزيا، لكن الأهم حين يكون موقعك على رأس الحكومة، أن تتساءل ماهي الإجراءات العملية التي اتخذتها لصالح مصنّعها -خاصة الأداءات- ولصالح المصنّعين التونسيين عموما”.
وقد تمكن الشقيقان التونسيان المبتكران عمر وزياد قيقة منذ قرابة 12 عاما من صناعة السيارة التونسية “واليس كار” وتطويرها، وهي تُعدّ الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
بدورها عبّرت الصحفية منال الماجري في تدوينة لها على فيسبوك وتحدثت عن الثمن الباهظ للسيارة التي استقلّها الشاهد والذي لا يتماشى مع المقدرة الشرائية للمواطن التونسي العادي، واصفة الحركة “بالسياسة الاتصالية القديمة”.
تشجيع الاستثمار
ويوضح الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أن “الشاهد أراد دعوة رجال الأعمال إلى الاستثمار في المجالات ذات القيمة المضافة العالية التي تستوعب اليد العاملة لامتصاص البطالة المرتفعة في تونس”.
وأضاف للجزيرة نت أن الشاهد يشجع المواطنين على استهلاك المنتوج التونسي لأن “الاستهلاك الخارجي يُعد زيادة على مستوى عجز الميزان التجاري وبالتالي زيادة في تدهور قيمة الدينار التونسي وفي التضخم المالي، مما يعمّق الأزمة الاقتصادية في البلاد”.
يذكر أنه يجري تركيب أجزاء من سيارة “واليس” في مصنع بتونس على غرار الهيكل والكراسي والبلور والعجلات باستثناء محركها المستورد من فرنسا. وقد تحصل المشروع في يناير/كانون الثاني الماضي على جائزة صندوق النقد الدولي للابتكار.
المصدر : الجزيرة