“خسارة عليك”.. فيديو يكسر صمت الشباب في الجزائر
|محمد أمير-الجزائر
“خسارة عليك”.. عبارة يستعملها الجزائريون للوم شخص على تقصيره في أداء واجبه، وهي الجملة التي وضعها أنس تينا عنوانا لفيديو كليب نشره على يوتيوب، يلوم فيه السلطة على ما يراه تقصيرا في التكفل بمطالب الشباب، ودفعهم للهجرة وتعاطي المخدرات، فضلا عن التعامل بقسوة مع طالبي الحقوق ومنع الحريات وترسيخ الجهوية.
وخلال الفيديو الذي يمتد لست دقائق، يتقمّص أنس شخصية الشاب الجزائري القانط من معيشته، الرافض للوضع المتردي، ويروي مآسي الشباب وعموم الشعب في الجزائر من جهة، وترَف الحكام وتنعُّمهم من جهة أخرى.
وصاحبَ الفيديو موسيقى تصويرية مؤثرة تناسب قضيته، مما أضفى على العمل مسحة حزن كبيرة عبّرت عن بؤس وحرمان الشباب من أبسط الحقوق، بحسب أنس.
يبدأ أنس تينا الفيديو بالقول “خسارة عليك ما تحبيش ولادك ناجحين”، مخاطبا السلطة في الجزائر بأنها لا تحب أن ترى أبناءها ناجحين، وتفضّلهم “حابسين” أي أغبياء، على حد تعبيره.
ومن بين المواضيع التي تطرق لها والتي صنعت الحدث طيلة أشهر “باخرة الكوكايين وداء الكوليرا الذي ضرب البلاد”.
يقول أنس في الأغنية باللهجة الجزائرية “بابور اللوح يدخّل الكوكايين، كاين لي يحبونا زاطلين (أي مهلوسين)، حابسين ماشي فايقين، وهما في عقولنا حاكمين، باش كيما موالفين نبقاو على حقوقنا ساكتين”.
واستعمل أنس أسلوب السرد للحقائق والأوضاع المحيطة بمعيشة الشباب الجزائري، بداية من الهجرة عبر البحار والتحاق النساء والأطفال والحالمين بركوب الأمواج إلى الضفة الثانية بحثا عن معيشة أفضل.
كما تطرق إلى الملاعب الجزائرية والاشتباكات بين المشجعين، معتبرا أن هذا يحدث من أجل إلهاء الشعب فقط عن المطالبة بحقوقه، كما تناول قضية الاعتداء على الأطباء.
وحقق الفيديو نسبة مشاهدة عالية في وقت وجيز، حيث فاقت المشاهدات المليونين، وهو ما يرجعه المختص في مجال الإعلام والاتصال الدكتور صالح فلاق شبرة إلى ما يحمله من خطاب مباشر باعتباره متنفسا ومنفذا للتعبير من قبل جيل الإنترنت الذي تغيرت ملامحه وأبعاده عن الجيل التقليدي.
ويضيف شبرة في حديثه للجزيرة نت أن أنس تينا وأمثاله من الشباب وجد في اليوتيوب وباقي المنصات الاجتماعية كسرا لاحتكار وسائل الإعلام التي قد تمنعهم من الظهور أو تتدخل في المحتوى الذي يقدمونه، بينما تعتبر شبكات التواصل فضاء مجانيا متاحا للإنتاج والنشر من قبل أي شخص.
وأعلن أنس أنه تعرض لحملة تشويش كبيرة ومضايقات كبيرة من أجل منعه من التصوير، حيث تم توقيفه لعدة مرات من قبل رجال الأمن والتحقيق معه في كل مرة، لكنه قال “لم أستسلم، وواصلت العمل”.
ويعتبر أن سبب مشاكله هو فيديو “راني زعفان” الذي أنتجه عام 2017، وهو الفيديو المُستلهم من ذلك الشاب المجنون الذي يجوب أنحاء الجزائر العاصمة وهو يصيح “راني زعفان” في شكل عمل درامي يبكي فيه الوطن والشباب. وقد حصد هذا الفيديو أكثر من 13 مليون مشاهدة.
المصدر : الجزيرة