تعديل الدستور.. طريق السيسي للبقاء في السلطة “للأبد”
|عبد الرحمن أبو الغيط
|
مباحثات سرية
وإذا كان الجميع في مصر يعلم أن النظام يعد لتعديل الدستور، فلا أحد يعرف على وجه الدقة ما المواد الدستورية التي يريد النظام تعديلها، في ظل حديث عن تعليمات أمنية لوسائل الإعلام ونواب الأغلبية البرلمانية (دعم مصر) بعدم الحديث عن تفاصيل المباحثات بين أجهزة النظام وشخصيات سياسية وقانونية وبرلمانية لاختيار هذه المواد.
ورغم التكتم الرسمي، قالت مصادر سياسية إن الخطة الحكومية تتمثل في أن تتقدّم الأغلبية البرلمانية، مدعومة من الحكومة، بمسودة التعديل في فبراير/شباط المقبل، وأن تكون المطالبة بعودة مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان والملغاة بموجب دستور 2014 الحالي) مدخلاً لإجراء التعديل.
وتحتاج الدولة لمدخل شكلي مقبول مجتمعياً، ويمكن استغلاله في الخطاب الموجّه للخارج أيضاً، لضمان تعديل باقي المواد المراد تعديلها بسرعة، وأهمها ضمان تمديد الفترة الرئاسية الثانية للسيسي -والتي مضى منها ستة شهور فقط- عامين إضافيين على الأقل، لتنتهي في 2024 بدل 2022، وإتاحة الفرصة لإعادة انتخاب السيسي أكثر من مرة.
ومن المتوقع أن تشمل التعديلات تقليص عدد أعضاء مجلس النواب، بحيث لا يزيد على 350 عضوا بدل 596 عضوا حاليًا، بالإضافة إلى تقليص صلاحيات البرلمان في تشكيل الحكومة وسحب الثقة منها ومحاسبة رئيس الجمهورية، وإلغاء المادة 241 الخاصة بالعدالة الانتقالية، والتي تنصّ على التزام مجلس النواب بإصدار قانون للعدالة الانتقالية.
المجلس الأعلى
لكن أخطر ما سربته الصحافة عن مشروع تعديل الدستور، هو مقترح لوضع مادة انتقالية في الدستور تنصّ على إنشاء ما يسمى “المجلس الأعلى لحماية الدستور”، تكون له صلاحيات واسعة في الحفاظ على “هوية الدولة”، وحماية الأمن القومي للبلاد في حال تولي قيادة سياسية جديدة.
وبرر صاحب الاقتراح ذلك بأن سيناريو صعود الرئيس الأسبق محمد مرسي إلى الحكم قد يتكرر، فيأتي رئيس من خارج دولاب الدولة أو برلمان لا يعبر عنها، وهو ما يستدعي وجود جهة “تحمي الدولة”، ولو لعدد محدد من السنوات أو العقود.
ووفقا لمصادر صحفية، فمن المتوقع أن تتضمن المادة المقترحة تعيين عبد الفتاح السيسي رئيسًا لهذا المجلس مدى الحياة، سواء كان في السلطة أو تركها.
السيسي سبق أن ألمح مرارا إلى رغبته في تعديل الدستور والبقاء في الحكم مدة أطول (مواقع التواصل) |
تحركات ميدانية
وإلى جانب الاجتماعات التحضيرية للانتهاء من مسودة التعديلات الدستورية، تتحرك الدولة بعدة مسارات للتمهيد للتعديلات داخليا وخارجيا.
أحد هذه المسارات هو إبلاغ الأعضاء السابقين بلجنة صياغة دستور 2014، بأن هناك حاجة ملحة لتعديل بعض مواده، لأن الحرب على الإرهاب لم تنته، وأن هناك تربصًا بمصر، ولا يمكن بحال الاستغناء عن السيسي الآن وسط معركة لم تتحدد نهايتها.
ويتضمن الإبلاغ تحذيرا ضمنيا بأن أي اعتراض من أي من أعضاء اللجنة التي صاغت الدستور السابق سيكون سببًا في تعرّضهم لغضب النظام وإعلامه.
كما تشمل الخطوات الحكومية إطلاق دعوات شعبية لجمع توقيعات تطالب بتعديل الدستور، وظهرت تحركات مماثلة خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين في بعض المصالح الحكومية في محافظات الوجه البحري، تدعو للتوقيع الجماعي على استمارات للمطالبة بتعديل الدستور، بما يسمح بإعادة انتخاب السيسي مرة أخرى على الأقل بعد نهاية ولايته الثانية عام 2022، وذلك عبر إلغاء القيد الدستوري على الترشح لولاية رئاسية ثالثة.
صحيفة الغارديان البريطانية نشرت تقريرا الأسبوع الماضي قالت فيه إن الحكومة المصرية تسعى من خلال حملات التوقيع التي يتم تداولها داخل المؤسسات الحكومية للإيحاء بأن التعديلات الدستورية تحظى بدعم شعبي.
ووفقا للغارديان، فإن العريضة جزء من حملة تسمى “الشعب يطالب بتعديل المادة 140″، تدعو إلى تغيير الدستور للسماح للسيسي بالبقاء رئيساً بعد انتهاء فترة ولايته الثانية.
المصدر : الصحافة المصرية,الجزيرة,مواقع إلكترونية