الأزمات تحاصر مهرجان القاهرة السينمائي في احتفاله الـ40.. وأفلام تستحق المشاهدة
|شريف حلمي-القاهرة
انطلقت ليلة أمس الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي يعد المهرجان الوحيد بالمنطقة العربية يحمل الصفة الدولية، حيث من المفترض أن تكون هذه الدورة استثنائية، حيث إنها تأتي في ظل الاحتفال بذكرى المهرجان الأقدم عربيا.
ويرأس هذه الدورة المنتج والسيناريست محمد حفظي، الذي يوصف بأنه أحد أبرز صناع السينما المصرية، ويمتلك خبرة طويلة في عالم المهرجانات، فهو صانع سينما وشارك بالعديد من أعماله في مهرجانات عربية وعالمية، كما سبق أن ترأس إحدى دورات مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة.
أزمة الملصق
استعدادات مكثفة أجرتها إدارة المهرجان في ظل الرئاسة الجديدة، لكن ذلك لم يمنع من وجود العديد من الأزمات التي واجهت الدورة الجديدة، بعضها ربما يتطور ويصل إلى ساحات القضاء، مثلما حدث في أزمة الملصق الدعائي للمهرجان، حيث أثار أحمد مناويشي مصمم الملصق الرسمي للمهرجان الجدل بعد إعلان غضبه وعدم رضاه عن الشكل النهائي الذي صدر به الملصق وتبرأ منه بدعوى أنه لم يصممه بالشكل الذي خرج عليه.
الملصق الدعائي لم يخرج بشكل رسمي من إدارة المهرجان (الجزيرة) |
اللافت للنظر أن الملصق الدعائي لم يخرج بشكل رسمي من إدارة المهرجان بل نشره بعض مديري مسابقاته المختلفة عبر حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، بدلا من أن يخرج في المؤتمر الصحفي الذي عُقد لإعلان تفاصيل الدورة الأربعين أو عبر بيان إعلامي كما يحدث في المهرجانات السينمائية الأخرى.
وحول ذلك قالت مصادر مطلعة إنه كان من المقرر إعلان الملصق الدعائي وقت انعقاد المؤتمر الصحفي، لكن الفنان أحمد مناويشي جاء دون الصورة الرسمية ولم يلتزم بموعد التسليم الذي كان محددا له، واضطرت إدارة المهرجان إلى إعلان واحد من الملصقات الثلاثة التي كانت جاهزة.
في حين قال مناويشي إنه تم تعديل الملصق المعلن دون الرجوع إليه، وهو لا يطابق تصميمه الأصلي الذي سبق أن قدمه لإدارة المهرجان، موضحا أن التصميم بشكله الحالي لا يعكس الهوية بشكل يليق بقيمتها.
إلى المحاكم
وحاول بعض صناع السينما التوسط لحل الأزمة بين مناويشي وإدارة المهرجان، ومنهم السيناريست والمنتج محمد العدل، لكن المحاولات كلها باءت بالفشل، وأشارت مصادر إلى أن الأمر ربما يتطور ليصل إلى ساحات المحاكم خلال الفترة المقبلة.
أزمة ليلوش
هذه ليست الأزمة الوحيدة التي واجهت المهرجان، إذ فوجئت إدارة الدورة الأربعين فور إعلانها تكريم المخرج الفرنسي كلود ليلوش في حفل الافتتاح، بغضب شديد من المثقفين وصناع السينما، بدعوى أن ليلوش يدعم إسرائيل وزارها أكثر من مرة، بل وتلقى تكريما في جامعة بن غوريون في تل أبيب.
تطور الأمر إلى غضب شديد على مواقع التواصل الاجتماعي، وتهديد بعض الصحفيين بمقاطعته، ليخرج بيان غامض عبر أحد الحسابات بموقع فيسبوك يؤكد أنه تم إلغاء التكريم، لكن إدارة المهرجان نفت هذا البيان مؤكدة أنها لا تعرف شيئا عنه، قبل أن تصدر بيانا آخر قالت فيه إنه “سيتم دراسة الأمر”.
استغرقت الأزمة عدة أيام ليخرج محمد حفظي رئيس الدورة الأربعين في لقاء تلفزيوني ويعلن أنه تم إلغاء التكريم، لكن يبدو أن إدارة المهرجان اتخذت هذا الإجراء مضطرة، فحفظي دافع عن اختيار تكريم ليلوش قائلا “مهرجان القاهرة غير مُسيس، والمخرج الفرنسي يعد قامة سينمائية كبيرة للغاية، وواحدا من أهم مخرجي العالم، ونحن نهتم بما يقدمه الفنان للسينما العالمية، كما أن تصريحات ليلوش التي قالها عند تكريمه في إسرائيل، لم تتطرق إلى الصراع العربي الإسرائيلي، ولم يكن له أي موقف عدائي تجاه العرب أو القضية الفلسطينية”.
جائزة فاتن حمامة
عادت إدارة المهرجان عقب ذلك وأعلنت أنها ستُكرم الممثل العالمي وأيقونة السينما ريف فاينز الذي طالما اشتهر بكونه واحدا من أعظم الممثلين موهبة وحسا فنيا بمنحه جائزة فاتن حمامة التقديرية، كما ستكرم المخرج والكاتب والرسام البريطاني بيتر غرينواي ومنحه جائزة فاتن حمامة التقديرية.
أزمة الافتتاح
أزمة ثالثة واجهت المهرجان تتمثل في نقل فعاليات حفلي الافتتاح والختام، حيث أعطيت حقوق البث لقناة فضائية واحدة، ومنعت كاميرات القنوات الأخرى والمواقع الإلكترونية من تسجيل لقاءات إعلامية على السجادة الحمراء والاكتفاء فقط بتصوير لقطات من الحفل دون إجراء لقاءات مع نجوم حفل الافتتاح.
أزمة الدعم
أما فيما يتعلق بالدعم المادي للمهرجان فهي أزمة ليست بجديدة، حيث إن دعم وزارة الثقافة المصرية ليس كافيا لمهرجان سينمائي دولي، وبالتالي كان البديل الاعتماد على دعم مادي من رجال أعمال، من بينهم رجل الأعمال سميح ساويرس الذي تبرع بمبلغ مليوني جنيه.
علاج العزوف
أزمة متكررة في دورات المهرجان تشهدها الدورة الـ40 أيضا، تتمثل في عزوف الجمهور العادي عن حضور عروض الأفلام، رغم أنها كانت في السابق تشهد زخما جماهيريا عريضا، مما جعل البعض يشير إلى أن المهرجان ليس له قاعدة جماهيرية في القاهرة.
وحول ذلك قال محمد حفظي إنهم سيحاولون في الدورة الجديدة جذب الجمهور بوسائل مختلفة، منها تدشين قسم جديد يحمل عنوان “عروض منتصف الليل”، ويعرض المهرجان فيه على مدار سبع ليالي متتالية سبعة أفلام تنتمي إلى الرعب والجريمة والخيال العلمي والحركة والإثارة، لجذب جمهور الشباب، وإتاحة الفرصة لعرض تجارب سينمائية مهمة لم تكن أقسام المهرجان التقليدية تتسع لها.
يذكر أن العرض الأول سيكون لأفلام القسم في حفل منتصف الليل بسينما الزمالك، على أن يُعاد الفيلم في النهار التالي في دار الأوبرا المصرية، ومنها فيلم “دشرة” للمخرج عبد الحميد بوشناق، أول فيلم رعب في تاريخ السينما التونسية، والذي نال حفاوة كبيرة عند عرضه في مهرجان فينيسيا السينمائي، والفيلم الأميركي “مدمر” للمخرجة كارين كوساما، وبطولة النجمة نيكول كيدمان التي تجسد دور محققة شرطة عجوز تخوض مغامرة أخيرة تتعلق بحدث رئيسي غامض وقع في ماضيها.
أفلام مميزة
رغم هذه الأزمات، تشهد الدورة الأربعين العديد من الأفلام التي تستحق المشاهدة في المهرجان، منها “امرأة في حرب” للمخرج الآيسلندي بنديكت إيرلينغسون، وتدور أحداثه حول “هالا” وهي ناشطة بيئية في الخمسين من عمرها، تعلن حربا تخوضها وحدها ضد صناعة الألومينيوم التي تهدد المرتفعات الآيسلندية البكر التي تعشقها، وفيلم “شفقة” الذي تدور أحداثه حول رجل لا يشعر بالسعادة إلا إذا كان تعيسا، وفي حاجة دائمة للشفقة، ومستعد أن يفعل أي شيء لكي يحصل عليها من الآخرين.
وأيضا هناك فيلم “كانديلاريا” الذي سبق أن عرض بالدورة الماضية لمهرجان فينيسيا السينمائي، وفاز بجائزة فيديورا كأفضل فيلم، وتدور أحداثه في فترة التسعينيات، حيث تغرق كوبا في الجوع والسيجار والمسكرات.
كما يعرض “ليل خارجي” الذي يعد الفيلم المصري الوحيد بالمسابقة الدولية ومن إخراج أحمد عبد الله السيد، وتدور أحداثه حول ثلاثة أفراد “مو” و”توتو” و”مصطفى” يجتمعون في ليلة غير عادية، كل منهم يخوض معركته الخاصة، حيث تقودهم معاركهم لخوض رحلات لم يكونوا يتوقعونها داخل مدينتهم.
الافتتاح بـ”كتاب أخضر”
وعرض في حفل الافتتاح الفيلم الأميركي “كتاب أخضر” (Green Book) للمخرج بيتر فاريلي، بطولة النجمين فيغو مورتينسين وماهرشالا علي، ويعد العمل واحدا من أهم أفلام العام المرشحة للتنافس على جوائز الأوسكار مطلع العام المقبل.
أحداث الفيلم مأخوذة عن قصة حقيقية دارت في ستينيات القرن العشرين وقت استمرار التفرقة العنصرية في الولايات المتحدة، حيث يُكلف سائق من أصل إيطالي له ميول عنصرية باصطحاب عازف بيانو أسود البشرة في جولة موسيقية بولايات الجنوب الأميركي الأكثر تعصبا ضد الملونين.
المصدر : الجزيرة