في جحيم الخليل.. الخوف والإذلال تحت الاحتلال الإسرائيلي
|نشر موقع “لوريان 21” عرضا لمسرحية جديدة تتحدث عن الجحيم والرعب في مدينة الخليل، حيث تقوم مجموعة من المستوطنين المتطرفين العنيفين -يحميها لواء من نخبة الجيش الإسرائيلي- يوميا بتحويل حياة السكان الفلسطينيين إلى قطعة من العذاب.
هذه المسرحية من إنتاج “وينتر فاميلي وهـ2 الخليل”، وهي ترصد الحياة في إحدى أهم مدن الضفة الغربية التي لا تبعد عن القدس إلا ثلاثين كيلومترا، حيث يعيش 200 ألف فلسطيني، ينغص حياتهم يوميا 800 مستوطن يحميهم ألفان من جنود الاحتلال.
وضع الاحتلال مدينة الخليل تحت السيطرة الحصرية للجيش الإسرائيلي، وهي المدينة الوحيدة المستعمرة من الداخل، وتنقسم إلى قسمين “هـ1″ للفلسطينيين و”هـ2” للمستوطنين، حيث اختارت روث روزنتال وكزافييه كلين أن تعيشا في منطقة المستوطنين لتشرّحا هذا الشذوذ.
موقع متقدم
وتنتهز روث، التي ولدت عام 1977 بحيفا والتي تعيش قطيعة أيديولوجية مع هذا البلد الذي ولدت فيه، فرصة العثور على صديقة طفولتها المتزوجة من أحد غلاة المستوطنين لتغرس نفسها في موقع متقدم للاستعمار الإسرائيلي.
ففي هذا المكان سمحت الحكومة الإسرائيلية مؤخرا، وبشكل غير قانوني، ببناء مستوطنة جديدة، وهي مستوطنة حزقيا على قاعدة عسكرية، مما يشكل انتهاكا جديدا للقانون الدولي، ومن هذا المكان كذلك ولد هذا العمل المسرحي المثير للقلق “هـ2 الخليل” ليعطي الصورة كاملة.
وكان هذا الزوج من الفنانين والموسيقيين قد ظهر عام 2011 في مهرجان “نفاد الصبر”، حين كشف القناع عن كيفية بناء ونشر الخطاب الشعبوي الإسرائيلي المبني على “هيمنة العاطفة” وغسيل المخ الحقيقي الذي يفرض على الإسرائيليين المشاركة والتغطية على انتهاكات دولة يتصاعد فيها القمع وتميل أكثر فأكثر نحو التطرف.
سياحة في قلب الاحتلال
تبدو مسرحية “هـ2 الخليل” أشبه بمحاكاة ساخرة لرحلة موجهة في عمق جحيم الاحتلال الإسرائيلي، ويجد الجمهور فيها نفسه أمام طاولة عملاقة يعرض عليها تدريجيا أمام أعينه نموذج لمنطقة هـ2 بمعالمها المثيرة، حيث يكون العبور من الشرق من كريات أربع -كبرى المستوطنات وأكثرها تطرفا- إلى الشريان الرئيسي شارع الشهداء بمنازله ومواقعه العسكرية.
وتقف روث وحيدة على المسرح لتؤدي تلك الأصوات التي لا تعد ولا تحصى والتي تعيد خلق ذلك الجو الكاتم للأنفاس، جو مدينة الخليل. تبدأ بقراءة نص عن باروخ غولدشتاين، أيقونة النشطاء الإسرائيليين الذي أطلق النار عام 1994 داخل الحرم الإبراهيمي وقتل أثناء صلاة الفجر في رمضان 29 فلسطينيا وجرح 133.
ولم يتوقف الأمر عند عدم إدانة هذا القتل الجماعي، بل أضيفت إليه معاقبة الفلسطينيين، إذ تسلم “اليهود بعد المجزرة 60% من المسجد متمثلة في أكبر غرفة مع المدخل الرئيسي والحديقة”.
وقد تم -وفقا للتعبير الرسمي- تعقيم هذه المدينة الفلسطينية (إفراغها من سكانها)، علما أنها واحدة من أقدم المدن في العالم وتحتوي على كنوز من تراث الأديان التوحيدية الثلاث.
وأفرغت هذه المدينة لصالح بعض العائلات من المستوطنين اليهود الأكثر تطرفا والمعلنين كراهيتهم وعنصريتهم بالرشاشات التي يحملونها دائما، رغم الحماية التي توفرها لهم دولة لا تبخل في سبيل ضمان أمنهم، “جنديان لكل مستوطن خلال الأسبوع وأربعة خلال عطلة نهاية الأسبوع”.
وبسبب إفلاتهم من العقاب المتعمد من قبل الدولة، يستطيع هؤلاء المستوطنون غزو الشوارع والبيوت الفلسطينية ومهاجمة السكان عندما يريدون، كما أن الجيش الذي قطع المدينة بالحواجز، لا يتردد في إغراق شوارع الحي بالمياه النتنة من أجل إضافة الذل إلى الخوف.
رقصة باليه
وفي رقصة باليه محمومة تقريبا، لا تحتاج روث روزنتال إلى بذل جهد كبير للتعبير عن الجحيم الذي يعيشه سكان الخليل من الفلسطينيين، خاصة أنها أقامت مرات متتالية مع رفيقتها هناك.
وقال الموقع إن الرفيقتين خزنتا مئات الشهادات لفلسطينيين ومستوطنين متعصبين، ولعسكريين يخدمون أو خدموا في الخليل، ولسياسيين فلسطينيين ونشطاء، وأيضا لمراقبين دوليين يفترض أنهم ساهموا في مهمة إعادة الاستقرار.
وفي النهاية رأى الموقع أن أكثر من 500 صفحة من المقابلات كفيلة بأن تصل بالمتابع إلى “العمق الحقيقي” لهذه القصة التي تدوم ساعة ونصف الساعة، لتقوده بفاعلية ويأس عبر المدينة تاريخيا وجغرافيا وسياسيا.
وقد اختارت الممثلة -حسب الموقع- استخدام مكروفون يشوه صوتها لتسمع من خلاله كل الأصوات التي يحجبها العنف في هذه المدينة، مشيرة إلى أن الممثلة اختارت أن تجسد الوضعيات والشهادات عن طريق التلاعب بالأشياء، مع عدد قليل من صور الفيديو.
المصدر : الصحافة الفرنسية