هل تتحكم المخابرات المصرية بسوق مسلسلات رمضان؟
|علاء عبد الرازق-القاهرة
أقل من ستة شهور على قدوم شهر رمضان القادم، ولا يبدو حتى الآن واضحا على وجه اليقين أي مسلسلات وأي فنانين سيخوضون السباق الرمضاني المقبل، مع سيطرة شركة إعلام المصريين على سوق الإعلام المصري لتحكم سيطرتها أيضا على إنتاج المسلسلات وتسويقها والقضايا التي تناقشها أيضا.
ويبدو أن الفنانة غادة عبد الرازق هي أول فنانة من نجوم الصف الأول تقرر الاعتراض علنا على ملامح خريطة الدراما الجديدة، فقد كتبت على صفحتها على إنستغرام أن مجموعة “إعلام المصريين” تحاربها: “مش عايزنى اشتغل السنة دى في الدراما، مش انا بس ناس كتير جدا فنانين، وبيقولوا هنعدكم في البيت ولو عاجبكم ولو سألتهم بتتكلموا باسم مين.. يقولك باسم الجيش أو المخابرات، هل ده صحيح مجرد سؤال علشان الوسط الفنى كله بيسأل معايا، ده حقيقة ولا كذبة”.
ويبدو أن غادة تتحدث باسم كثير من الفنانين والمخرجين والعاملين في سوق المسلسلات المصرية، فقد حشدت الكثير من علامات الإعجاب بما كتبته، إلا أن زميلها الفنان إدوارد لم يعجبه ما كتبته.
ورد قائلا: “عيب انتي فنانة معروفة وليكي جمهور تقولي كلام زي ده.. دي شركة كبيرة وكيان كبير مش علشان مشتغلتيش السنة دي تقولي كلام زي ده.. وبعدين انتي اشتغلتي مع المنتج كذا سنة وكانوا سبب في اكل عيشك ونجوميتك.. عيب كده”.
وبعد ساعات من تفاعل رواد شبكات التفاعل الاجتماعي، حذفت غادة عبد الرازق ما كتبته، بعدما حقق وسم “غادة عبد الرازق أفشل ممثلة” قمة تويتر في مصر، كما أن إدوارد حذف ما كتبه.
وعلى صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، تجاوب الكثيرون من المتابعين مع ما كتبته غادة.. حيث علق الصحفي الكاتب شريف عبد الهادي قائلا: “بس المشكلة إن غادة واللي زيها مش بيسألوا الأسئلة دي غير لما الأمور تتعارض مع مصالحهم الشخصية، لكن المهم في الأمر إن كل اللي سكتوا على المهازل اللي بتحصل، جه عليهم اليوم اللي يدفعوا فيه تمن سكوتهم، ولسه باقي الساكتين هيدفعوا التمن هما كمان”.
أزمة الدراما
وكانت المخرجة كاملة أبو ذكري قد أثارت نقاشا مماثلا الشهر الماضي، حينما كتبت على صفحتها على فيسبوك معترضة على ما يحدث في سوق الدراما المصرية هذا العام، موضحة أن هناك ما يقرب من ثلاثمئة فرد يعملون في المسلسل، وليس النجوم والمخرج والمؤلف فقط.
وأضافت أن “المسلسلات المصريه صناعة كبيرة.. أكتر من ٢ مليون بني أدم بيأكلوا عيش منها..السنه دي الناس دي كلها حتقعد في البيت.. تم إيقاف أغلب المسلسلات والحقيقه ماعنديش معلومة أكيده إيه السبب.. إلي عارفاه إن الناس دي كلها مش حتلاقي تأكل والأسعار زادت ودخلهم توقف.. لو حد فاهم ليه بيحصل كده يا ريت يفهمونا ويقولولنا إيه البديل علشان نعيش بعد ما السينما كمان قفلت أبوابها والأسعار زادت بجنون”.
كما كتب المنتج عمرو قورة معلقا على توقف صناعة الدراما في مصر: “لو متابع بوستات العاملين في مجال الإعلام وصناعة المحتوى، ستجد كمّا غير طبيعي من الأدعية والآيات والابتهالات والحسبنة… الجميع في البيت في انتظار معجزة الهية.. باقي 174 يوما على رمضان…كل عام وأنتم بخير”.
وكان قورة قد قال في تصريحات صحفية إن العاملين في الدراما لا بد أن يعيدوا النظر في أسعارهم، فقد تضاعفت أجورهم ثلاث مرات خلال عامين، ولم تعد هذه الأجور تتناسب مع ما يشهده سوق المسلسلات من أزمات، وأضاف: “لا بد أن يجتمع المنتجون ويحددوا لائحة لأجور الفنيين والعاملين حتى تكون التعاقدات أسهل، فليس هناك مظلة كبرى تنظم العملية الإنتاجية في مصر”.
وأكدت الإعلامية درية شرف الدين ما قاله قورة، فقد كتبت في جريدة المصري اليوم أن المسألة مادية في الأساس، بسبب ارتفاع أسعار المسلسل لدرجة كبيرة، مما تسبب في تزايد في مديونية المنتجين الذين لا يستردون مستحقاتهم من القنوات، فيستفيد العاملون في المسلسل من الأجور ويكون المنتج هو الخاسر الوحيد، هذا العام يمتنع المنتجون عن المخاطرة.
وأضافت “هذا بالإضافة إلى عودة العقل لدى القنوات التي كانت تشتري بأسعار مبالغ فيها وبأعداد لا يمكن متابعتها في شهر واحد.. فوصل الأمر (كما نسمع) إلى أن موسم رمضان المقبل سيتم شراء 12 أو 13 مسلسلا كحد أقصى، بعد أن كنا ننتج فوق الـ30 مسلسلا كل رمضان”.
احتكار الإعلام
لكن هل فعلا الأمر يتعلق فقط بمديونية المنتجين وأسعار النجوم؟
قبل عامين ولدت مجموعة قنوات “دي أم سي” (DMC) في عالم الإعلام المصري، وقيل وقتها إنها تابعة للمخابرات المصرية، وكانت هذه هي الخطوة الأولى في خطة نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي لإحكام سيطرته على خريطة الإعلام في البلاد.
ومؤخرا صار المشهد مختلفا.. شركة “إيجيل كابيتال” التي ترأس إدارتها داليا خورشيد وزيرة الاستثمار السابقة وحرم محافظ البنك المركزي طارق عامر، استحوذت على حصة رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة في مجموعة “إعلام المصريين”.
ثم أحكمت شركة إعلام المصريين سيطرتها على الإعلام المصري بصحفه وفضائياته ووكالات إعلاناته، وهي الشركة التي يرأسها المنتج تامر مرسي، واستحوذت أيضا على مجموعة قنوات “سي بي سي” (CBC)، لتضمها لما تملكه من قنوات بالإضافة إلى شبكة قنوات “أون” (ON) و”الحياة”، وصحف “اليوم السابع” و”صوت الأمة” ومجلة “عين”، وغيرها من شركات الإنتاج الفني ووكالات الإعلان.
من بين المسلسلات القليلة جدا التي دخلت مرحلة الإنتاج: مسلسل “كلبش” الجزء الثالث، وبدأ تصويره بالفعل في لبنان؛ ولا عجب فالمسلسل يقدم بطولات ضابط شرطة مصري اشتهر باسم “باشا مصر”، وبالتالي فهو يتماشى مع سياسة النظام الحالي في تلميع صورة وزارة الداخلية، ويلعب بطولته الممثل أمير كرارة وهو من تأليف باهر دويدار وإخراج بيتر ميمي.
العاملون في الوسط الفني يدركون على وجه اليقين أن الأمر جزء من سياسة الدولة التي تقرر من يعمل هذا العام ومن يوقف عن العمل.
وقال أحد مساعدي الإخراج من العاملين في سوق إنتاج المسلسلات -في حديث للجزيرة- إن عددا من الشركات المنافسة أوقفت مشروعاتها الفنية، لأنها تعجز عن تسويقها مع سيطرة مجموعة “إعلام المصريين” على نصيب الأسد من سوق الفضائيات المصرية. ومن المسلسلات التي تأكد توقفها مثلا مسلسل “جميلة وابن السلطان” للفنانة هند صبري، وهو من تأليف تامر حبيب وإخراج كاملة أبو ذكري وإنتاج شركة “بي لينك” للمنتج محمد مشيش.
وأضاف المصدر -الذي فضل عدم ذكر اسمه- أنه في مثل هذا الوقت من العام يعرف العاملون في صناعة الدراما أي مسلسل سينضم له ويتم تكوين فرق العمل، وعدم دخوله هو أو رفاقه ضمن أي فريق عمل حتى الآن يعني عدم حصولهم على فرصة عمل لما بعد رمضان المقبل، وهو ما يدفعهم بجدية للبحث عن عمل في مجال آخر.
وأوضح المصدر أنه عرف أن هناك 14 مسلسلا في خطة الإنتاج، نصفها على الأقل من إنتاج “إعلام المصريين”، لكن كل شيء غير مؤكد حتى الآن، وقد يتوقف أي مشروع في أي لحظة.
إلى المسرح والسينما
في الوقت نفسه، قرر عدد من الفنانين الاتجاه نحو السينما والمسرح بعد سنوات من انتعاش سوق مسلسلات رمضان.
الفنان محمد هنيدي الذي منع مسلسله “أرض النفاق” من العرض على الفضائيات المصرية المفتوحة العام الماضي، قرر العودة إلى المسرح بمسرحية “3 أيام في الساحل”، وهي من تأليف أحمد عبد الله وإخراج مجدي الهواري.
وهند صبري تعاقدت على فيلم سينمائي في تونس، وهي تواصل تصوير فيلم “الممر” للمخرج شريف عرفة، بينما عاد الفنان أشرف عبد الباقي إلى المسرح وبدأ عرض مسرحيته “جريمة في المعادي”. أما الفنانة نيللي كريم فستتغيب أيضا عن رمضان للمرة الأولى منذ أعوام، وقد بدأت التحضير لتصوير الجزء الثاني من فيلم “الفيل الأزرق”.
المصدر : مواقع التواصل الاجتماعي,الجزيرة,الإعلام المصري