بعد اتفاق أردني روسي.. أوتاد مخيم الركبان تتصدع
|محمود الشرعان-عمان
بينما تتواصل معاناة لاجئي مخيم الركبان، تحدثت مصادر عن اتفاق أردني روسي على إنهاء خطة إخلاء المخيم الواقع في المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والعراق.
وذكرت الخارجية الروسية الخميس الماضي أن الحكومة الأردنية وافقت على العمل مع موسكو بخارطة طريقها الخاصة لإزالة المخيم في أسرع وقت ممكن.
من جهتها أكد الأردن على ضرورة “إخلاء المخيم من قاطنيه وعودتهم إلى بلادهم”، حسبما أكدته وزيرة الإعلام الناطقة باسم الحكومة الأردنية جمانة غنيمات.
وتقول غنيمات للجزيرة نت إن الاجتماعات تجرى بين الأردن وأميركا وروسيا والأمم المتحدة لدراسة الخطوات المطلوبة للتعامل مع مشكلة مخيم الركبان، وأن الأردن لن يتحمل مسؤوليته.
وتضيف أن الأردن قدم المساعدات من أراضيه في السابق لعدم وجود بديل آنذاك، إلا أن الوضع تغير الآن وتم إدخال مساعدات من الداخل السوري.
وتوضح الوزيرة أن بلادها لا تزال تقدم المياه والخدمات الصحية من أراضيها، لكن لا بد من تقديمها من الداخل السوري أيضا، حيث انتهت حاجة سوريا إلى الأردن بعد تأمين الطرق إلى المخيم من سوريا.
خروج آمن
يأتي ذلك مع وصول أول شحنة إغاثة إلى المخيم للمرة الأولى منذ مطلع العام الجاري، عبر قافلة أممية قدمت مواد ضرورية لقاطني المخيم البالغ عددهم نحو ستين ألفا، يعانون ظروفا إنسانية قاسية.
وحسب الناشط الإعلامي السوري خالد العلي، بات مخيم الركبان مثل “رجل مريض في أيامه الأخيرة”، في إشارة منه إلى تردي الأوضاع المعيشية فيه، خاصة أن حجم المساعدات التي أدخلت مؤخرا، لا تكفي إلا لأيام معدودة.
ويؤكد العلي للجزيرة نت أن أهالي الركبان يريدون حلا جذريا، من خلال آلية تضمن خروجهم بشكل آمن عبر ممرات إنسانية تشرف عليها الأمم المتحدة إلى الشمال السوري.
ويعارض الناشط -وهو أحد قاطني المخيم- أي خطة روسية للعودة إلى مناطق النظام، وبالتالي الخضوع لقبضته الأمنية، معتبرا أن روسيا ليست ضامنا حقيقيا في هذا الملف، والتجارب السابقة تثبت ذلك، على حد قوله.
حل أردني
ولم تتكشف بعد تفاصيل خطة روسيا التي طرحتها ضمن “خارطة طريق”، في ظل غياب الطرف الأميركي عن طاولة الحوار بما يتعلق بقضية الركبان.
وحسب مراقبين، تحاول الحكومة الأردنية إدارة الملف بتوازن مع روسيا، بعد غياب الحليف الأميركي عن مشهد الملف السوري كاملا والمخيم تحديدا.
ويكشف الكاتب الصحفي رداد القلاب أن الأردن قدم لروسيا حلا لإنهاء وجود المخيم بالسرعة الممكنة، إلا أنها تبقى بحاجة إلى صيغة مشتركة تحقق فعلا إعادة نحو ستين ألف لاجئ إلى سوريا.
ويقول القلاب للجزيرة نت إن الحل الأردني يرتكز على تسوية أوضاع اللاجئين بتدخل روسيا لدى النظام السوري، وتقديم ضمانات دولية عن طريقها بتسوية أوضاع الفارين من الخدمة العسكرية من قبل النظام دون التعرض لهم بسوء، ومراقبة ذلك بواسطة أممية.
ويضيف أن المملكة الهاشمية ترى إمكانية تحقيق الحل المطروح، أو إيجاد صيغة نهائية على غرار صيغة الجنوب السوري، التي قضت بنقل نحو 12 ألف مقاتل إلى إدلب شمال سوريا.
وبخصوص غياب الدور السوري والأميركي، يشير القلاب إلى أن روسيا تفاوض باسم النظام، أما أميركا فبقيت تتخبط في الملف السوري، وبدأت بصرف النظر عن القضية كاملة.
ويضيف الصحفي أن ما يجري حاليا من عودة تنظيم الدولة الإسلامية نحو شرق الفرات السوري، دليل واضح على إدارة الأميركيين الظهر للملف السوري، حيث تركوا حليفهم الكردي (قوات سوريا الديمقرطية) تترنح تحت ضربات التنظيم من جهة، والتهديدات التركية بالاجتياح من جهة ثانية.
خاصرة أمنية ضاغطة
ويوصف مخيم الركبان بأنه خاصرة أمنية ضاغطة على الأردن، حيث أغلق الأخير حدوده مع سوريا في يوليو/حزيران 2016 بعد هجوم استهدف الجيش الأردني بسيارة مفخخة، قتل فيه سبعة جنود وأصيب 14 آخرون، ليصبح بعد ذلك منطقة عسكرية مغلقة، كما أوقفت المساعدات التي كانت تتدفق إليه.
ويرى الخبير العسكري مأمون أبو نوار أن الأردن لا يمكنه تجاهل حدوث عمليات من قبل تنظيم الدولة داخل الركبان، خاصة أنها مستهدفة الآن مع تهديد التنظيم -بحكم خسارته في سوريا- نيته التوجه نحو الأردن.
ويشير أبو نوار في حديثه للجزيرة نت إلى أن المخاوف الأردنية لا تكمن في أن الركبان قريب من التنف بمحافظة حمص، بل هناك أعضاء من تنظيم الدولة في المنطقة تتوسع عملياتهم، خاصة في المنطقة الخاضعة لسيطرة التنظيم والقريبة من البوكمال والقائم والأنبار بين سوريا والعراق.
المصدر : الجزيرة