ليزيكو الفرنسية: عقوبات أميركية تعزل إيران عن العالم
|تدخل الدفعة الجديدة من العقوبات الأميركية حيز التنفيذ في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، وستتعرض البلدان التي لا تلتزم بها لغضب الأميركيين، وبالتالي سيبدأ خنق إيران الحقيقي وكل من يتعامل معها، حسب صحيفة ليزيكو الفرنسية.
ويمكن تقدير الحجم الكبير لهذا الحصار غير المسبوق منذ حصار العراق عام 1990إذا علمنا أن البترول والغاز الإيرانيين يشكلان 95% من مداخيل العملة الصعبة في البلاد ونصف مداخيل الميزانية.
وتأتي هذه الدفعة الجديدة من العقوبات بعد تلك الأولى في مايو/أيار القاضية بتحريم شراء جميع المواد الصناعية والمعدنية الإيرانية، مما أثار حينها غضب الأوروبيين.
فقد مزقت واشنطن الاتفاق النووي مع إيران المبرم سنة 2015 الذي سمح لإيران بالرجوع إلى الأسواق الدولية مقابل تجميد برنامجها النووي.
كذلك تريد واشنطن والأوروبيون أن توقف إيران تدخلاتها في سوريا ولبنان والعراق وفلسطين واليمن لأنها تزعزع الأمن والاستقرار في الشرق الأدنى، حسب رأيهم.
وتقول واشنطن “إما أن تختارونا أو تختاروا إيران” فبالنسبة للمستثمرين وكبار التجار فالخيار يأتي لصالح أميركا، لأن اقتصادها أكبر أربعين مرة من اقتصاد إيران.
وعليه قد تواجه إيران أزمة اقتصادية واجتماعية جد خطيرة لأنها ستحرم من روافد كل عملتها الصعبة تقريبا، وسيؤدي ذلك إلى هبوط عملتها إلى مستويات قياسية، إذ هبطت حتى الآن من 48 ألفا مقابل الدولار الواحد في يناير/كانون الثاني إلى 186 ألفا مقابل الدولار الواحد بداية أكتوبر/تشرين الأول المنصرم.
وقد نتج عن ذلك ارتفاع هائل للأسعار وتضاعف لنسبة التضخم بلغ 270% سنويا، حسب ستيف هانك من جامعة جون هوبكينز، وذلك مع زيادة البطالة خاصة بين الشباب.
|
العودة إلى المستقبل
إن صادرات إيران البترولية لن تنزل حتى الصفر، لكنها ستنخفض من 2.6 مليون برميل لليوم إلى 1.1 مليون برميل يوميا، وهو ما يعادل صادراتها إبان حصار 2012-2015، حسب الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية كليمان تيرم الذي يرى في هذه الأزمة “رجوعا إلى المستقبل”، حسب تعبيره.
في سنة 2012 أعطت إدارة أوباما ترخيصا خاصا لبعض الدول للتعامل مع إيران، مثل الصين واليابان وتركيا والهند وكوريا الجنوبية وتايوان، وقد يفعل الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب الشيء نفسه بصفة سرية، كما يمكن للصين أن تخرج عن الطاعة الأميركية ولإيران أن تبيع بترولها في السوق السوداء.
إن قدرة الإيرانيين الفائقة على التحمل ساعدتهم على تجاوز أزمات عدة في الماضي، كما أن احتياطي إيران من العملة الصعبة يناهز 98 مليار دولار، حسب صندوق النقد الدولي.
فإلى متى سيبقى الشعب الإيراني صابرا بعد انتفاضة البيض في يناير/كانون الثاني ضد غلاء المعيشة والرشوة وفساد الإدارة التي قمعت بشدة ولا يكاد يخلو يوم من إضراب أو مظاهرة، مما يهدد استقرار النظام الحالي.
المصدر : الصحافة الفرنسية