قرصنة الكتب.. القراءة متواصلة في زمن الحرب باليمن
|الجزيرة نت-خاص
وفي الوقت نفسه، يتفاوض مع محمد سعيد -وهو طالب في كلية الشريعة والقانون- على سعر كتاب “السلفية في اليمن”، وفي النهاية دفع الأخير 1500 ريال (دولاران) مقابل الكتاب.
ويقول قابوس “نسخة الكتاب الأصلية تصل قيمتها إلى 15 ألف ريال (20 دولارا)”، وعلى موقع أمازون فإن سعر الكتاب الصادر عن مركز الجزيرة للدراسات والدار العربية للعلوم (ناشرون) يبلغ سعره عشرة دولارات ونصف دولار.
في مساحة واسعة على الرصيف يعرض قابوس العشرات من الكتب الفريدة التي تصل أسعار نسخها الأصلية إلى عشرة دولارات على الأقل، من بينها مؤلفات حائزة على جائزة نوبل مثل رواية “العمى” للكاتب البرتغالي خوسيه ساراماغو، لكن قابوس يبيعها للقراء بأسعار زهيدة تتراوح بين ألف وألفي ريال (1.3 إلى 2.6 دولار).
نسخ مزيفة من كتب مرجعية تلقى رواجا كبيرا في اليمن بأسعار زهيدة (الجزيرة) |
نسخ مقلدة
يقول قابوس للجزيرة نت إن المؤلفات المعروضة هي كتب مقلدة وليست نسخا أصلية، وفارق السعر بين كتاب وآخر يعود لحجم الأوراق فقط، فكلما كان المؤلف مجلدا كبيرا يزيد سعره والعكس كذلك، فمثلا سعر رواية “مزرعة الحيوانات” للكاتب البريطاني جورج أورويل يصل إلى سبعمئة ريال (0.93 دولار).
وشهدت النسخ المزيفة للكتب ازدهارا كبيرا في اليمن مع توقف استيرادها من الخارج، والتحول للطباعة المحلية بأوراق وتغليف رديئين في بلد يعيش على إيقاع حرب منذ أكثر من ثلاث سنوات دمرت الدولة والنظام والقانون.
ويقول مالك علي -وهو شاب لديه شغف بالقراءة ويحرص على شراء الكتب بشكل مكثف- إن النسخ المزيفة شكلت ثورة في الثقافة، حيث وفرت للقارئ وبأسعار زهيدة كتبا كان الوصول إليها ضربا من ضروب الحلم.
الحصار والحرب
وتحول بيع الكتب المزيفة إلى نشاط تجاري لعدد من الشبان بعد أن بات من الصعوبة استيراد الكتب، خصوصا مع الإجراءات المشددة في الموانئ والمنافذ البرية.
في ملتقى للتبادل المعرفي صنعاء عرض الشاب هيثم الحمادي مشروعه المعرفي المتمثل في “بوك توداي”، وهو صفحة على موقع فيسبوك يعرض فيها كل يوم كتبا للقراء ثم يطبعها لمن يريد.
ويتعاون الحمادي مع إحدى المطابع المحلية بأسعار فيها هامش من الربح، لكن هدفه هو نشر المعرفة وتشجيع ثقافة القراءة بين الشباب.
ظروف استثنائية
في فبراير/شباط الماضي افتتح بصنعاء أول معرض للكتب المقرصنة، وقوبل المعرض بالترحيب لأنه خطوة ستشجع على القراءة، لكن البعض يرى أنه يهدد بتوقف دور النشر في إنتاج الكتب.
وتقول الأديبة اليمنية نادية الكوكباني للجزيرة نت إن الكتب المزيفة تؤثر -بلا شك -على حقوق الناشر والمؤلف على حد سواء، لكنها ترى أن ظروف اليمنيين غير عادية بحيث لم يستطع المؤلف نفسه الحصول على نسخ من مؤلفاته بسبب الحصار.
جريمة
لكن عبد الرحمن السعيدي -وهو محام في المحكمة التجارية- يرى إن إعادة طباعة الكتب جريمة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تبريرها بالوضع الاستثنائي الذي تشهده البلاد.
ويقول السعيدي للجزيرة نت “هذه حقوق آخرين تعبوا فيها وبذلوا الوقت والجهد، فلا يمكن مصادرة ذلك ولو كان لفعل أخلاقي”.
ويوضح أن القانون رقم 15 لسنة 2012 بشأن حق المؤلف واضح، حيث يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسمئة ألف ريال (سبعمئة دولار) أو الحبس مدة لا تقل عن شهر -حسب جسامة الجرم- على كل من اعتدى على أي حق أدبي أو مالي للمؤلف.
كما يقضي القانون بالحجر وإتلاف كل النسخ المزورة، والتعويض العادل عن الأضرار المادية والمعنوية، ويجوز للمحكمة تحميل المعتدي أتعاب ونفقات ومصاريف الدعوى والمحاماة.
المصدر : الجزيرة