مأساة “طبيبة المطرية” تنكأ جراح أطباء مصر
|أحمد حسن-القاهرة
طرحت مأساة طبيبة مصرية توفيت نتيجة صعق كهربائي بأحد المستشفيات الحكومية مؤخرا دعوات تطالب بتوفير ظروف عمل آدمية للأطباء في البلاد.
وتعود الواقعة التي أثارت جدلا واسعا بالبلاد إلى منتصف أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حين توفيت الطبيبة الشابة سارة أبو بكر صعقا بالكهرباء في دورة مياه سكن الطبيبات بمستشفى المطرية التعليمي (حكومي) شرقي القاهرة.
غير أن وزارة الصحة المصرية نفت ذلك، مشيرة في بيان عقب الحادث إلى أن الوفاة “طبيعية نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية أدى إلى توقف عضلة القلب“، وهي الرواية التي رفضتها أسرة الطبيبة ونقابيون وبرلمانيون، بينما لا تزال تحقيقات النيابة العامة مستمرة.
وبشأن الحادث تحفظ مصدران مقربان من الطبيبة الراحلة في الإدلاء بتصريحات حولها، مؤكدين لـ”الجزيرة نت” أن القضية الآن في حوزة النيابة العامة، وأنهما يخشيان أن تؤثر التصريحات على مسارها.
وسبق أن أدلى شقيق الطبيبة ويدعى مصطفى وبنت خالتها وتدعى شيماء بتصريحات عبر “فيسبوك” أكدا فيها أن الوفاة “إثر صعق كهربائي”، متهمين إدارة المستشفى بالإهمال بوضع أسلاك تيار كهربائي قرب مصدر المياه بدورة مياه سكن الطبيبات بالمستشفى الذي شهد الحادث.
صورة لدورة المياه التي شهدت حادث وفاة الطبيبة سارة أبو بكر (مواقع التواصل الاجتماعي) |
إهمال
بينما قالت منى مينا وكيل النقابة العامة للأطباء في بث مباشر عبر صفحتها بموقع فيسبوك إن “كل الشواهد تقول إن الوفاة نتيجة صعق وحرق كهرباء”، مستنكرة ما سمته “اندفاع” وزارة الصحة ومسؤولي المستشفى لإعلان أن “الوفاة طبيعية نتيجة هبوط في القلب”.
وأشارت مينا إلى أنها تملك شهادات من زملاء الطبيبة الراحلة ومفتش الصحة الذي عاين الحادث تؤكد ثبوت إهمال في سكن الطبيبات، مستدركة أنها تحترم تحقيقات النيابة وما تنتهي إليه بشأن الأمر.
وطالبت المسؤولة النقابية وزارة الصحة بإصلاح الخلل في الأوضاع غير الآدمية للأطباء، مشيرة إلى أن هناك حوالي 5000 وحدة صحية و550 مستشفى على مستوى مصر بحاجة إلى إصلاح.
وضمن مساعٍ للحل دعت مينا أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الأطباء إلى إرسال ما يعانون منه من مشكلات إلى النقابة، في هيئة صور وفيديوهات لتقوم الأخيرة بدورها بفرز لأوليات الحد الأدنى للظروف الآدمية للأطباء، ثم تقديم مقترحات بسيطة لوزارة الصحة لحل تلك الأزمات.
معاناة
وتشير تقديرات حكومية إلى أن 160 ألف طبيب يعملون في مستشفيات وزارة الصحة، تقول تقارير صحفية محلية إن أغلبهم معرضون للعدوى نتيجة عدم توافر مساكن آدمية لهم، مما يدفع بعضهم إلى استخدام أسرة المرضى لقضاء استراحة بعد فترة عمل تصل في بعض الأوقات إلى 18 ساعة متواصلة.
الجزيرة نت حاولت التواصل مع أطباء ومسؤولين من مستشفيات منها “المطرية” و”قصر العيني” بالقاهرة وسوهاج العام (جنوب)، غير أن مخاوف الجزاء والعقوبة -وفق قولهم- دفعتهم إلى عدم التطرق لأوضاعهم التي أكدوا أنها “غير آدمية ومزرية”.
وخلال الفترة الأخيرة، دشن أطباء صفحات عبر فيسبوك للتعبير عن أوضاعهم من دون الكشف عن هوياتهم، منها صفحة “سكن 5 ستارز”، التي ترصد الحالة المزرية لسكن الأطباء داخل المستشفيات الحكومية.
وأشار القائمون عليها إلى أنهم يسعون لاستقصاء مشاكل سكن الأطباء في كل مستشفيات مصر، كخطوة أولية لتحسين أوضاع السكن.
وكانت وزارة الصحة أطلقت في يونيو/حزيران الماضي “المشروع القومي لتحسين بيئة العمل” لتلافي الأوضاع غير الآدمية لسكن الأطباء والتمريض.
بدوره تقدم النائب هيثم الحريري بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس النواب علي عبد العال في واقعة وفاة الطبيبة سارة أبو بكر.
وطالب الحريري وزيرة الصحة بإرسال فريق للتحقيق لمعرفة أسباب الوفاة، مع ضرورة الاعتذار عن التسرع في الإدلاء بتصريحات تنفي الإهمال.
كما طالب بإصدار تعليمات بسرعة تطوير وتأثيث سكن الأطباء بجميع مستشفيات ومراكز ووحدات التابعة لوزارة الصحة على مستوى مصر حتى يكون صالحا للإقامة الآدمية.
المصدر : الجزيرة