سبع سنوات عجاف.. حلول الغرب قصيرة المدى بالشرق الأوسط
|يجب على الغرب التركيز بشكل أكبر على الفترة الانتقالية التي تشهدها حاليا منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومساعدة الدول على إرساء الاستقرار وإحداث التغييرات اللازمة.
هذا ما كتبه الدبلوماسي الأميركي السابق ريتشارد ليبارون في مقال له بمجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية عن التحديات التي تواجهها البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد سبع سنوات من اندلاع الثورات، حيث لا تزال هذه المنطقة تجابه العديد من الرهانات السياسية والاقتصادية والأمنية.
وقال إن الوضع أصبح أسوأ من ذي قبل في معظم البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية، فعلى سبيل المثال تعيش سوريا في ظل حرب أهلية طويلة الأمد وأزمة إنسانية متفاقمة، في حين بات اليمن المقسم مستنقعا للحرب بالوكالة بين السعودية وإيران.
تحديات مستمرة
وتشهد مصر تراجعا في مجال حقوق الإنسان، بينما تواجه تونس تحديات مستمرة في خضم المرحلة الانتقالية التي تعيشها. وأشار إلى أن تقرير “قوس الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” لمؤلفيه كريم مزران وأرتورو فارفيلي قد سلط الضوء على هذه القضايا.
وأضاف أن الإدارات الأميركية المتعاقبة والحكومات الأوروبية تناست أن الأزمات التي تعاني منها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لها جذور تاريخية يجب أخذها بعين الاعتبار عند تشكيل سياساتها في المنطقة.
ففي بعض الأحيان ينظر السياسيون الأميركيون والأوروبيون إلى المنطقة على أنها تشكل أزمة مثيرة للإزعاج ويتوقون للتخلص منها. وفي معظم الحالات يتعهد معظم رؤساء الولايات المتحدة في الفترة الأولى من توليهم للحكم بعدم التركيز على المشاكل التي تواجهها المنطقة، لكنهم يجدون أنفسهم مضطرين للتعامل مع العديد من القضايا هناك.
أمن إسرائيل والهجرة
وذكر عددا من الأسباب التي تجعل الحكومات الغربية تهتم بالشرق الأوسط، ففي حين تركز أميركا بشكل أساسي على أمن إسرائيل والتهديد الذي يشكله النفوذ المتنامي لإيران بالمنطقة، تُعد الصراعات الجارية فيها التي تمثل تهديدا للمصالح الاقتصادية والعسكرية الأميركية، دافعا وراء اهتمام وتدخل الجانب الأميركي فيما يحدث. وفي المقابل تعد مسألة الهجرة من المنطقة عبر البحر الأبيض المتوسط، التي أثارت رد فعل شعبيا كبيرا من المشاغل الأساسية للحكومات الأوروبية.
وأضاف أن العلماء البارزين الذين أصدروا “قوس الأزمات” ركزوا على ثلاثة مواضيع أساسية في دراستهم للأزمة المتفشية في المنطقة. أولا آفاق اللامركزية في مواجهة الحكومات المركزية الضعيفة، وتعد ليبيا مثالا رئيسيا في هذا الصدد. ثانيا الطبيعة المتغيرة للإسلام السياسي وأشكاله ومظاهره المختلفة، وكيفية تأثيره على سياسات المنطقة. ثالثا صعوبة الاستفادة من الموارد الطاقة ببلدان شرق المتوسط في ظل حالة عدم اليقين السياسي السائدة.
وقالت إن هذه القضايا الثلاث يمكن ربطها بضعف المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خاصة أن المنطقة تعيش إلى حد كبير في فضاء سياسي يتسم بالخوف وعدم اليقين.
الخوف من التغيير
ففي هذه الأثناء يخشى الحكام أي شكل من أشكال التغيير ويعملون على قمعه، من خلال إسكات أصوات المعارضة، وتجريم أي مظاهر للتعبير عن الرأي والتظاهر السلمي. من جانبهم يخشى المواطنون من عدم اليقين والفوضى التي يمكن أن يحدثها التغيير، ويدركون أنهم سيدفعون ثمنا باهظا لمعارضتهم الأنظمة، وقد يدفعون حياتهم في بعض الأحيان.
واستفاد القادة المستبدون في المنطقة من هذا الوضع ووسعوا نطاق حملاتهم القمعية. وأصبحت الدولة تهيمن على هيئات المجتمع المدني، على غرار منابر الإعلام. وتقضي أجهزة الشرطة معظم وقتها في مراقبة خطابات وأنشطة المواطنين بدلا من حماية السكان.
وأشار ليبارون إلى ضرورة تعاون كل من أميركا وأوروبا لتبني نهج أكثر تناسقا وشمولا لدعم سكان المنطقة باتباع إستراتيجية طويلة الأمد لتنمية المجتمع المدني في المنطقة والسعي إلى تحقيق الاستقرار وإنهاء الصراعات على المدى القصير.
الشفافية والحقوق
وتشمل هذه الاستراتيجية الإدماج والشفافية وضمان مشاركة المواطنين في الحياة السياسية علاوة على المساواة وضمان الحقوق. وقد أثبت التاريخ أن البلدان التي تتبنى مثل هذه المبادئ تتمتع باستقرار أكبر ونمو اقتصادي أعلى، كما أنها تتجنب الدخول في حروب مع ديمقراطيات أخرى.
وأكد أن كلا من مزران وفارفيلي يدركان جيدا أن التغييرات التي ستحدث في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستنبع من الداخل.
المصدر : ناشونال إنترست