سامر علاوي–كوالالمبور
عاد السياسي الماليزي المخضرم
أنور إبراهيم إلى الواجهة السياسية من بوابة انتخابات تكميلية أجريت السبت الماضي في مدينة بورت ديكسون على الساحل الغربي لشبه الجزيرة الماليزية، وزاد من زخم فوزه الفارق الكبير في الأصوات الذي تجاوز 23500 صوت مع من يليه من منافسيه الستة.
لكن أبرز ما يميز نتيجة انتخابات 15 أكتوبر/تشرين الأول هو تأهل أنور إبراهيم لتقلد منصب رئيس الوزراء خلفا لمهاتير محمد.
فقد اعتبر الدكتور عربي عيديد أستاذ الإعلام والاتصال الجماهيري في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، هذه الانتخابات من نوع خاص، وقال في حديثه للجزيرة نت إنها وإن كانت انتخابات لعضوية البرلمان فهي في الحقيقة تصويت لرئيس وزراء، وذلك أن الدستور يشترط في عضوية الحكومة ورئاستها الفوز بمقعد في البرلمان.
أما السياسي المخضرم كيت سيانغ -الصيني الأصل- فيرى أن دلالة الانتخابات الفرعية تؤكد أن “تحالف الأمل” الحاكم ما زال يحظى بالشعبية بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على الانتخابات العامة، وذلك رغم ضعف الإقبال في الانتخابات الفرعية الذي بلغ نحو 58% مقارنة بأكثر من 82% في الانتخابات العامة.
ويشير سيانغ في تقييمه للانتخابات الفرعية إلى تصويت الأقليتين الصينية والهندية لمرشح مالاوي، مع الحفاظ على الأصوات الملاوية، ولا سيما أن ذوي الأصول الهندية والصينية يشكلون نحو 57% من سكان بورت ديكسون.
السلطة المقبلة
تشير تصريحات أنور إبراهيم إلى أنه غير مستعجل لتسلم السلطة، وذلك بتكرار قوله إن
مهاتير محمد هو الأصلح لقيادة البلاد في المرحلة الحالية، وقد تراجع عن تصريح سابق قال فيه إنه كان من المفترض أن يكون هو من يؤدي اليمين الدستورية في 10 مايو/أيار الماضي، وهو اليوم التالي للانتخابات العامة.
وفي تصريحات للجزيرة نت أكد بوت سيف الدين الأمين العام لحزب عدالة الشعب الذي يقوده أنور إبراهيم، أن اهتمامه سوف ينصب في المرحلة المقبلة على إصلاحات برلمانية وقانونية، وأنه ناقش خطة عمله في البرلمان مع رئيس الوزراء، وأنه سوف يترك إدارة البلاد والشؤون السياسية لرئيس الوزراء الحالي.
ويقضي اتفاق تشكيل تحالف الأمل بأن يتسلم مهاتير محمد السلطة لمدة عامين ثم يسلمها لأنور إبراهيم ليكون ثامن رئيس وزراء يحكم ماليزيا منذ استقلالها، لكن ما أن برزت النتيجة بفوز التحالف المعارض سابقا حتى بدأت الشكوك تحوم حول إمكانية تنفيذ بنود الاتفاق، وعلى رأسها تعاقب السلطة.
ويرى الدكتور عربي عيديد أنه لا مهرب من تنفيذ الاتفاق ولا سيما الشق السياسي منه، أخذا بالاعتبار حجم القوى البرلمانية، حيث إن حزبي “عدالة الشعب” و “العمل الديمقراطي” يشكلان غالبية أعضاء تحالف الأمل الحاكم بنحو 90 مقعدا، مقابل 22 مقعدا لحزبي “الأمانة الوطنية” و”وحدة الملاويين” الذي أسسه مهاتير.
لكن دخول الحزب الإسلامي منافسا لأنور إبراهيم في الانتخابات الفرعية بعث بإشارات سلبية، حيث تبنى الحزب شعار أن الشعب قال كلمته في الانتخابات العامة وأعطى الثقة لمهاتير محمد، وبذلك لا حاجة لتعيين رئيس وزراء ثان يكمل فترة حكمه.
واعتبر خليل أوانغ رئيس قسم الشباب في الحزب الإسلامي أن ماليزيا لم تكن بحاجة إلى انتخابات فرعية، وقال إن استقالة ممثل بورت ديكسون المنتخب لفسح المجال أمام شخص آخر استهزاء بآراء وعقول الناخبين.
وفي تصريحات للجزيرة نت شكك أوانغ -وهو ابن رئيس الحزب عبد الهادي أوانغ – بقدرة أنور إبراهيم على المحافظة على وحدة تحالف الأمل الحاكم، عدا الحصول على ثقة البرلمان، وألمح إلى احتمال تغيير خريطة التحالفات الحزبية داخل البرلمان في حال وصول أنور إبراهيم إلى السلطة، بما قد يجعل من الصعب عليه الحصول على الثقة.
|
أثارت انتخابات بورت ديكسون جدلا سياسيا وشعبيا لكنها أهلت أنور إبراهيم دستوريا لتسلم السلطة خلفا لمهاتير محمد (الجزيرة) |
تحديات
وبفوزه في انتخابات فرعية اختار دائرتها بعناية يكون أنور إبراهيم قد تجاوز ثلاث عقبات في طريقه لرئاسة الوزراء، وهي العفو الملكي الذي أمّن خروجه من السجن وانخراطه في العمل السياسي، وفوزه برئاسة حزب عدالة الشعب بالتزكية، ودخوله البرلمان.
وهناك من يرى أن الخطوة التالية هي الصعود إلى الحكومة سواء بعضويتها أو منصب نائب رئيس الوزراء الذي تتقلده حاليا زوجته عزيزة إسماعيل.
ومن أبرز الإصلاحات التي يسعى لها في البرلمان إلغاء القوانين المثيرة للجدل ولا سيما من قبل هيئات الدفاع عن حقوق الإنسان أو تلك التي حوكم بها، مثل قوانين إثارة الفتنة وسرية المعلومات الرسمية ومنع الإرهاب والشذوذ.
وفي مؤتمره الصحفي الذي عقده بعد أدائه اليمين الدستورية في البرلمان الاثنين الماضي ألمح إلى صعوبة تنفيذ البرنامج الانتخابي، الذي قال إنه اتخذ أثناء وجوده في السجن، وتضمن وعودا كبيرة للشعب، واعترفت الحكومة فيما بعد بعدم قدرتها على الوفاء بكل الوعود، نظرا لأنها وجدت الخزينة فارغة والبلاد محملة بديون تقدر بنحو 250 مليار دولار.
وأضاف أنور إبراهيم إلى وعود خاصة لتحالف الأمل العامة بالدائرة التي انتخب فيها، وهي تحويلها إلى منتجع سياحي كما فعل مهاتير محمد في مسقط رأسه جزيرة لانكاوي في حقبته الأولى.