ذكرى كنفاني بكتارا للرواية.. حبر ساخن وعائد إلى حيفا
|المحفوظ فضيلي-الدوحة
المؤسسة العامة للحي الثقافي (كتارا) بالعاصمة القطرية تكريم اسم الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، ضمن فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان الرواية العربية التي انطلقت اليوم.
ويتضمن تكريم غسان كنفاني (1936-1972) معرضا فنيا تحت عنوان “دقات غسان كنفاني”، وندوة بعنوان “غسان كنفاني.. حبر ساخن”، وعرض فيلم “عائد إلى حيفا” للمخرج السينمائي قاسم حوّل.
وبحضور أدباء وإعلاميين ونقاد عرب وعدد من مسؤولي كتارا، افتُتح معرض “دقات غسان كنفاني” الذي يوثق بالصورة والنص والصوت المحطات البارزة في حياة الراحل، الذي يختزل مساره ملامح بارزة في ملحمة المقاومة والصمود في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
ويستعيد المعرض رحلة كنفاني، الذي رأى النور في عكا (شمال فلسطين) عام ،1936 وعاش محنة النكبة؛ حيث نزح مع أهله إلى لبنان ثم سوريا، وهناك درس وتخرج في جامعة دمشق، قبل السفر إلى الكويت عام 1955، حيث عمل مدرسا للرياضة والرسم، وبدأ رحلته في محراب صاحبة الجلالة.
مثّل كنفاني نموذجا للروائي والكاتب السياسي والقاص الناقد؛ فامتزج إبداعه بالتزامه وحياته النضالية، فكان أول من نقل النكبة الفلسطينية لحيز الرواية بملامحها التراجيدية، كما عكسها في فضاء القصة بروح واقعية، وفي حياته الشخصية من خلال زواجه بفتاة دانماركية كانت مهتمة بقضية الشعب الفلسطيني.
صورتان من معرض “دقات غسان كنفاني” بمهرجان كتارا للرواية العربية (الجزيرة) |
إرث كبير
كتب كنفاني أولى قصصه القصيرة في الكويت عام 1958، واشتهرت رواية “رجال في الشمس” بأنها أول الأعمال السردية للراحل، وهي صدى للصوت الفلسطيني الذي ضاع في خيام التشرد، واختنق داخل خزان عربية يقودها شخص مهزوم وسيقود الجميع إلى الموت. وتعد تلك الرواية إدانة لكل الأطراف التي تسببت في نكبة فلسطين.
بعد ذلك توالت أعماله الروائية والنقدية والقصصية والمسرحية ومقالاته التي نشرت في أربعة مجلدات، وترجمت معظم أعماله الأدبية إلى 17 لغة، ورأى بعضها النور في صورة أعمال مسرحية وبرامج إذاعية وأفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية.
وتعد رواية “عائد إلى حيفا” من أبرز أعمال كنفاني، وفيها يتناول الوعي الجديد الذي بدأ يتبلور بعد هزيمة 1967 في ما يشكل مساءلة للذات عن طريق إعادة النظر في مفهوم العودة ومفهوم الوطن. وتدور أحداث الرواية في طريق عودة سعيد وزوجته إلى بيتهما الذي فقداه وفيه طفل رضيع أثناء معركة حيفا عام 1948.
وألهمت تلك الرواية عددا من المخرجين السينمائيين؛ حيث أخرج قاسم حول فيلما روائيا طويلا عام 1981 يحمل العنوان نفسه. وفي عام 1994 أخرج الإيراني فيلما آخر من وحي الرواية ذاتها واختار له عنوان “المتبقي”.
جبهات نضالية
إلى جانب الالتزام على جبهات التعليم والأدب والنقد، كان كنفاني ناشطا سياسيا بارزا، حيث انضم على حركة القوميين العرب بعد لقائه جورج حبش، ثم أصبح عضوا في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
كما اختار الراحل ساحة الإعلام للتعبير عن التزامه بقضية شعبيه، وكان في بداية مشواره الصحفي يكتب تعليقات سياسية باسم مستعار هو “أبو العز”، ثم انتقل عام 1960 إلى بيروت للعمل في مجلة “الحرية”، وفي عام 1963 أصبح رئيس تحرير جريدة “المحرر” اللبنانية الأسبوعية.
كما عمل كنفاني في جريدتي “الحوادث” و”الأنوار” حتى سنة 1969، وفي آخر محطة مهنية بارزة في مساره الإعلامي أسس مجلة “الهدف”، وظل رئيس تحريرها إلى أن حانت ساعة الصفر صباح الثامن من يوليو/تموز 1972 عندما استشهد أمام بيته بانفجار عبوات ناسفة في سيارته.
وفي تصريح يعكس رعب الاحتلال من كلمات غسان كنفاني، قالت رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك غولدا مائير “اليوم تخلصنا من لواء فكري مسلح؛ فغسان بقلمه كان يشكل خطرا على إسرائيل أكثر مما يشكله ألف فدائي مسلح”.
المصدر : الجزيرة