هل يفتح اختفاء خاشقجي شهية النظام المصري تجاه المعارضة بالخارج؟
|الجزيرة نت-إسطنبول
استدعت ذاكرتي تفاصيل مشهد في رواية عراقية أثناء ذهاب البطل لسفارة بلاده في لندن أيام صدام حسين، وكيف كان يترقب اعتقاله، وكيف طلب من أصدقائه مراقبته، وأصارحك: لقد فعلت تقريبا كل ما فعله بطل الرواية، هكذا تذكر الإعلامي المصري محمد ناصر تفاصيل زيارته الأولى للقنصلية المصرية في إسطنبول.
ما وصفه الإعلامي المعارض ربما يجسد مشاعر معظم المصريين المقيمين في تركيا –ويقدر عددهم بنحو عشرين ألفا- أثناء تعاملهم مع قنصلية بلادهم في إسطنبول، ومخاوفهم من تعطل شؤون حياتهم بسبب التعنت في التعاملات الرسمية، خاصة مع المعارضين البارزين.
لكن منذ يومين، تحولت تلك المخاوف إلى خوف على الحياة نفسها، وذلك بعد الإعلان عن اختفاء الكاتب السعودي جمال خاشقجي منذ الثلاثاء الماضي أثناء مراجعته للقنصلية السعوديةفي إسطنبول.
هذه المخاوف دفعت الإعلامي والحقوق المصري هيثم أبو خليل إلى نشر تغريدة يدعو فيها السلطات التركية إلى مراجعة قرار توثيق المستندات لدى القنصلية المصرية.
أبو خليل: السفارات المصرية في الخارج أصبحت تحت رحمة ضباط المخابرات (الجزيرة) |
وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت قال أبو خليل “نعاني أشد المعاناة مع القنصلية المصرية، علي سبيل المثال أولادي بلا إقامة منذ ستة أشهر، وأحدهم لم يدخل مدرسة حكومية لعدم توثيق شهادات الميلاد”.
وأضاف أن السفارات والقنصليات بل الخارجية أصبحت الآن تحت رحمة ضباط المخابرات والأمن الوطني، مشيرا إلى أن مسؤولا كبيرا بالقنصلية قال إنه لن يقدم أي خدمة للعاملين في قنوات المعارضة، ونفذ تهديده مخالفا الدستور والقانون.
ودعا أبو خليل الحكومة التركية لتخفيف الاعتمادات الورقية من القنصلية، وقال “نحن نقدر الاستضافة الكريمة، ونتفهم إجراءات التدقيق، لكن ليس من المنطقي أن تفتح بلدك لنا كمهاجرين فارين من ظلم نظام انقلابي وضعنا على قوائم الإرهاب، ثم تطالبنا بالتعامل مع سفارة هذا النظام”.
من جهته، قال الإعلامي محمد ناصر إن المعارضين المصريين في تركيا وقعوا بين مطرقة طلبات الجهات التركية الرسمية وسندان تعنت القنصلية، “الذي يخفي وراءه محاولة النظام لتكدير الحياة والضغط علينا”.
ودعا في حديثه للجزيرة نت الحكومة التركية إلى استثناء المصريين من الإجراءات البيروقراطية التي تتطلب التعامل مع القنصلية.
محمد ناصر طالب تركيا باستثناء المصريين من الإجراءات البيروقراطية التي تتطلب التعامل مع السفارة المصرية (الجزيرة) |
في السياق نفسه، أوضح الإعلامي المصري معتز مطر رفض القنصلية تجديد جواز سفره مما سبب له أزمة في استخراج الإقامة، كما كشف في حديث للجزيرة نت أن ابنته الصغيرة لا تملك جواز سفر مصريا حتى الآن.
من ناحيته، أوضح زعيم حزب غد الثورة أيمن نور أنه ممنوع من تجديد جواز السفر رغم حصوله على أحكام نهائية واجبة النفاذ من القضاء الإداري.
ونقل نور عن المسؤولين في القنصلية المصرية في إسطنبول قولهم: إن الأمر في يد القيادة السياسة ولا يتعلق بأحكام قضائية أو وزارة الخارجية. وأضاف “الحمد لله أن زيارة القنصلية مرت بسلام، مشددا على أن التجربة غير قابلة للتكرار بعد ما حدث لخاشقجي”.
وأضاف أنه بكل تأكيد يمكن أن يفعل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ما فعله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، “فهو يهوى تقليده، مثلما حدث في الرياض مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وما حدث في القاهرة من ترحيل وإقامة جبرية لرئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد شفيق“.
وكشف نور أنه غادر لبنان قبل ثلاث سنوات بعد لقاء مع وكيل المخابرات الحربية جوزيف منطوس، الذي أشار إلى احتمالات تعرضه للخطر.
وأضاف أنه ينبغي أن يكون هناك قدر من التحوط على ضوء رعونة السيسي وقدرته الهائلة على محاكاة بن سلمان الذي اتسم بالرعونة فيما فعل، متابعا “يجب أن تكون كل الاحتمالات واردة ومحل تقدير من كل الأطراف”.
المصدر : الجزيرة