هل ينقذ انتقاد الجزيرة التعليم في مصر؟
|“الجزيرة تعمّدت نشر صور لبعض الأناشيد المبسطة الموجودة في كتب النظام الجديد بهذه الطريقة الساخرة لتهين مصر والمصريين”.. بهذه الكلمات هاجم وزير التعليم المصري طارق شوقي صفحة “الجزيرة-مصر” على فيسبوك بعد نشرها صورا لبعض الأناشيد في المناهج الجديدة.
وقال الوزير في تصريحات له عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، إن الأنشودة كتبت بطريقة مبسطة جدا، وهذا ليس خطأ ولكنه متعمد، لافتا إلى أن كلمات هذه الأنشودة يجري تلحينها بواسطة مستشارة التربية الموسيقية ليغنيها الأطفال في الفصول الدراسية.
ولا تعد حادثة الأناشيد المشكلة الأولى بين الوزير وقناة الجزيرة، فالوزير الذي أقر في عدة مناسبات بأن مصر تحتاج إلى آلاف الفصول الدراسية لاستيعاب الطلاب، وبوجود عجز كبير في عدد المقاعد الدراسية، انتقد الجزيرة وقال إنها ركزت على ما شهدته بداية العام الدراسي من مشكلات بشأن الكثافة المرتفعة بالفصول وتجاهلت الجهود المبذولة في مصر لتطوير المناهج.
ولم تتوقف التناقضات في حديث الوزير عند هذا الحد، فقد قال خلال “مؤتمر التعليم في مصر” إن البلاد خرجت من التصنيفات العالمية للتعليم لأن منتج التعليم فيها غير مرضٍ ولا يرتقي إلى سوق العمل، وإن ميزانية التعليم لا تكفي لتطوير العملية التعليمية، وفي الوقت نفسه عقد اتفاقا مع إحدى الشركات الخاصة لتوزيع أجهزة لوحية على المدارس.
أزمة معقدة
ويبقى السؤال الأهم لدى كثير من المصريين: لماذا تهتم السلطة في مصر بأمور مثل توزيع الأجهزة اللوحية على الطلاب بينما لا توفر المقاعد كحد أدنى لآلاف التلاميذ؟ وهل ينقذ انتقاد الجزيرة العملية التعليمية من كبوتها؟
وبنظرة أوسع فقد بلغت ميزانية التعليم لعام 2018-2019 ما قيمته 103.96 مليارات جنيه (نحو 6 مليارات دولار)، وفقا لصحيفة “اليوم السابع” المقربة من الحكومة، كما أن “الموازنة (العامة) هذه السنة شهدت أقل نسبة زيادة في مخصصات التعليم عن السنة السابقة، حيث اقتصرت الزيادة على 2.5% فقط، وهو ما يعني أن الإنفاق على التعليم ليس ضمن أولويات الإنفاق العام بالموازنة”.
وتضيف الصحيفة أن تحليل بيانات موازنة التعليم للسنة المالية الجديدة التي لم تختلف عن السنوات السابقة، تكشف أن أجور الموظفين تلتهم نحو 78% من موازنة قطاع التعليم بما قيمته 84.2 مليار جنيه، فى حين أن شراء السلع والخدمات -وهو البند الذي يتم من خلاله شراء مستلزمات وأدوات العملية التعليمية- لا تتخطى نسبته 7% فقط من موازنة التعليم بقيمة 7.5 مليارات جنيه.
أما الإنفاق الأهم وهو الاستثمارات المتعلقة ببناء مدارس جديدة أو ترميم مدارس قائمة أو أي عمليات تطوير متعلقة بالأثاث أو غيره، فترصد لها الموازنة قرابة 13% فقط بواقع 13.6 مليار جنيه.
الخبير بالمركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي الدكتور محمد فتح الله قال في تصريح سابق للجزيرة إن الحديث عن تطوير التعليم انفصال عن الواقع، مشددا على أن حديث الوزارة عن أي تطوير دون زيادة ميزانية التعليم ووضع خطط مدروسة قصيرة وطويلة الأجل والوقوف على آليات تنفيذها، سيكون دون طائل.
|
|
مؤشرات متدنية
ووفق المؤشر الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2017-2018، حصلت مصر على مراكز متأخرة في جودة التعليم الأساسي والعالي.
فمن أصل 137 دولة، نالت مصر المركز 129 في جودة التعليم، و130 في جودة تعليم العلوم والرياضيات، و124 في جودة إدارة المدارس، و119 في توصيل المدارس بالإنترنت.
ويبقى السؤال: هل تملك مصر رؤية وإرادة حقيقية لتطوير التعليم في ظل تصريحات للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أكد خلال مشاركته في فعاليات المؤتمر الوطني الأول للشباب صعوبة تطوير التعليم في البلاد؟
وقال السيسي إن “العديد من الدول المحيطة بمصر كانت في مراتب أكثر تقدما في التعليم، لكن مع الثورات والفوضى واشتعال النزاعات لم تستطع صياغة شخصية ضد القتل والدمار.. إذن، لقد فشلوا في التعليم”، متابعا “بماذا يفيد التعليم في وطن ضائع؟ لا.. نحن عندنا تحديات كبيرة جدا”.
المصدر : الجزيرة + وكالات